صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، المؤلفة من 193 دولة، خلال جلسة طارئة، أمس، عقدت بناء على طلب اليمن وتركيا، بأغلبية كبيرة على مشروع قرار أعدته المجموعة العربية يرفض اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.

واعتمدت الجمعية القرار بـ 128 صوتاً، بينما امتنعت 35 دولة عن التصويت، وصوتت 9 دول ضد القرار.

Ad

وقبل بدء التصويت، كررت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، امس، تهديداتها ووعيدها للمجتمع الدولي.

وتساءلت هيلي: "كيف يمكن أن تسمع إسرائيل كل هذه الكلمات العدائية، ومع ذلك تقرر البقاء في هذه المؤسسة؟!".

وذكرت المندوبة الأميركية أن "أميركا هي أكبر مساهم في الأمم المتحدة، وعندما نشارك هذه المؤسسة فهذا له صالح للمجتمع بأجمعه، نقدم التعليم للأطفال والطعام للفقراء ونساعد في أماكن الأزمات، وكذلك نبقي على إحساسنا بالمسؤولية، وهذه هي الطريقة الأميركية".

وتابعت: "عندما نكون أسخياء مع الأمم المتحدة فإن لدينا توقعات بأن هذا المجهود الأميركي يجب أن يحترم، وعندما نتعرض لهذه الهجمات فهذا يعني أن هذه الدولة لا تحترمنا، وعلى هذه الدولة أن تدفع لقلة احترامها لأميركا".

وأضافت هيلي: "عندنا مسؤولية تجاه الأمم المتحدة، لذلك علينا أن نطالب بالمقابل"، قبل أن تختتم متوعدة: "أميركا ستتذكر هذا الاستهداف الذي نتعرض له في الأمم المتحدة".

بدوره، أعلن السفير الاسرائيلي لدى الامم المتحدة داني دانون، ان اسرائيل "لن يتم اخراجها" ابدا من القدس.

وقال دانون، خلال جلسة طارئة للجمعية العامة: "لا قرار للجمعية العامة سيخرجنا من القدس".

أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فأكد أن بلاده لن تترك القدس وحيدة أبدا، والشعب الفلسطيني لن يبقى وحيدا، مضيفاً في كلمته أن "العالم أكبر من خمسة" (في إشارة إلى الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن).

ولفت أوغلو إلى أن "التصويت في الجمعية العامة مهم لإظهار أن القضية الفلسطينية ما زالت قضيتنا، وسنصدح بصوتنا عاليا من أجل العدل والسلام".

وقال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إن مشروع القرار الذي صوتت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة "لا يعني العداء للولايات المتحدة، انما إعلاء لصوت المجتمع الدولي الذي جسدته ردود فعل الشعوب ومواقف الحكومات في جميع أنحاء العالم".

واعتبر المالكي "أن القرار الأميركي حول القدس يؤجج المشاعر الدينية ويخدم مصالح إسرائيل"، مؤكدا أن "القدس مهد الديانات عصية على التزوير (..) لذلك كان القانون والإجماع الدوليان واضحين بشأنها وبشأن الوضع التاريخي القائم في المدينة المقدسة".

وقال: "أضاعت الولايات المتحدة فرصة للعدول عن قرارها. تجاهلت دعوات المجتمع الدولي لها باحترام الشرعية الدولية".

وأمس الأول، وجه ترامب تحذيراً شديد اللهجة إلى الدول، التي ستصوت في الجمعية العامة، متوعداً بوقف التمويل الأميركي لها.

وكانت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي اتخذت موقفاً أكثر تشدداً حيال التصويت، وكتبت في رسائل لأعضاء الأمم المتحدة أن "الرئيس ترامب سيراقب عن كثب هذا التصويت، وطلب أن أبلغه بأسماء الدول، التي ستصوت ضدنا".

لكن هذه المواقف الأميركية، أثارت امتعاض عدد من المسؤولين حول العالم، ومن الدبلوماسيين في الأمم المتحدة.

واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ساعات قراراً يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بما في ذلك الحق في أن تكون له دولته المستقلة "فلسطين".

وحض القرار جميع الدول والوكالات المتخصصة ومؤسسات الأمم المتحدة على مواصلة دعم الشعب الفلسطيني ومساعدته لنيل حقه في تقرير المصير في أقرب وقت.

نتنياهو

وقبل الجلسة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه يرفض سابقاً التصويت في الجمعية العامة، واصفاً الأمم المتحدة بـ "بيت الأكاذيب".

وقال نتنياهو في بيان: "اليوم هو يوم مهم جداً داخل إسرائيل، ومهم جداً خارج إسرائيل". وأضاف "القدس عاصمة إسرائيل سواء اعترفت الأمم المتحدة بذلك أم لم تعترف، لقد استغرقت الولايات المتحدة سبعين عاماً للاعتراف الرسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسيستغرق سنوات حتى تعترف الأمم المتحدة بذلك".

وأكد رئيس الحكومة الإسرائيلية، أن الموقف من إسرائيل في العديد من الدول، وفي جميع القارات يتغير في جميع الجلسات عنه خارج جدران الأمم المتحدة.

وهاجم المنظمة الدولية بقوله: "وفي نهاية المطاف... الأمم المتحدة بيت الأكاذيب".

دعم سعودي

في المقابل، قال سفير فلسطين لدى السعودية بسام الآغا، أمس، إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أصدر توجيهاته لوزير الخارجية عادل الجبير بدعم القضية الفلسطينية دولياً.

وأوضح الآغا، أن لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالعاهل السعودي، أمس الأول، كان مهماً جداً، وتم فيه تبادل الآراء والأفكار حول سبل التصدي للقرار الأميركي، مؤكداً متانة العلاقات الفلسطينية السعودية.

وفي أنقرة، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان "أنا أدعو العالم بأسره إلى عدم بيع إرادته الديمقراطية لقاء حفنة من الدولارات" مضيفاً "الدولارات يمكن أن تعود لكن إرادة بيعت لا يمكن أن تعود أبداً".

وتابع الرئيس التركي: "اليوم مهد الديمقراطية يبحث عن إرادات لشرائها بالدولارات" متوجهاً للرئيس الأميركي بالقول: "سيد ترامب، لن تتمكن من شراء الإرادة الديمقراطية لتركيا لقاء دولارات. قرارنا واضح".

وتابع: "أمنيتي هي ألا تحقق (الولايات المتحدة) النتيجة التي ترجوها. أتوقع أن يلقن العالم أميركا درساً جيداً، وهذا ما آمل به".

من ناحيته، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم: "بلغ الأمر بالولايات المتحدة حد تهديد الدول، التي ستصوت ضدها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن بقيت وحيدة في مجلس الأمن".

وتابع: "على الرئيس الأميركي أن يدرك أنه مهما كان قوياً، فإن كل دولة لها سيادة وعلم، ولديها قابلية لاتخاذ قرارها المستقل. كونك قوياً لا يعني أنك على حق، لكن من كان على حق فهو قوي دائماً".