مصر :فاروق لـ الجريدة•: الأرشيف السوداني حُجة تثبت مصرية حلايب
مستشارة ترسيم الحدود: القاهرة فوَّتت فرصة مقاضاة الشركة الإيطالية المنفذة لسد إثيوبيا
أكدت مستشارة ترسيم الحدود وقضايا السيادة الدولية، عضوة الجمعية الجغرافية المصرية، هايدي فاروق، امتلاكها وثيقة حصلت عليها من الأرشيف المركزي السوداني تؤكد مصرية مثلث حلايب وشلاتين، الذي تزعم الخرطوم سودانيته، وأضافت فاروق خلال مقابلة مع «الجريدة» أن مصر فوتت فرصة مهمة لمقاضاة شركة «ساليني» الإيطالية، المنفذة لسد النهضة الإثيوبي المقام على مجرى نهر النيل. وفيما يلي نص المقابلة:
• كيف يمكن الرد على مطالبات السودان بمثلث حلايب وشلاتين؟
- مثلث حلايب وشلاتين، مصري بالتاريخ والوثائق، ففي عهد المماليك كان هناك ميناء مصري اسمه ميناء «عيذاب» جنوب حلايب، وكان أحد دروب الحج المصرية الرئيسة، حيث كانت مصر تعاني هجمات «قبائل البجة» السودانية لهذا الميناء، وجاء السلطان قنصوه الغوري، بحسب حجة رسمية في دار الوثائق القومية في «سجل أمراء وسلاطين»، وقام بتأديبهم، وخلال الحكم العثماني كان هذا المثلث جزءا من العمق المصري وليس على الحدود بين البلدين، حيث كانت حدود مصر حتى سنار على النيل الأزرق وسط السودان، وفي يناير 1899 حدث وفاق بين الحكومتين المصرية والبريطانية، مكتوب باللغتين الإنكليزية والفرنسية، وتم توقيعه من قبل اللورد كرومر وبطرس غالي الجد، والترجمة العربية تم تحريفها عمدا من قبل من له مصلحة في الاستيلاء على هذا المثلث المصري، وأصل النص يقول «يُطلق لفظ السودان في المادة الأولى على جميع الأراضي الواقعة جنوب خط العرض 22 بشكل مواز»، أي بشكل مستقيم، وتم تحريف النص بما أخل بالمعنى.
• ماذا عن خط الحدود الإداري عام 1902 الذي يستشهد به السودان؟
- اتفاقية 1902 مؤرخة في شهر نوفمبر، أما الموجودة في دار الوثائق المركزية في الخرطوم فمؤرخة في يونيو، وأنا لديّ نسخة طبق الأصل من الاثنتين، وفي حين جاءت الديباجة واحدة، إلا أن البنود المدعى بها على مصر غير موجودة في الأصل المصري، لكنها موجودة في دار الوثائق المركزية في الخرطوم، فالمادة الثانية تقول: «صار توزيع عربان البشارية الموجودين على الأراضي المصرية ويتبعون حكومة السودان...»، وهذا اعتراف بمصرية حلايب وشلاتين، وبالتالي فالأرشيف المركزي السوداني حجة على السودان في مصرية حلايب وشلاتين، كما أن الدستور السوداني الذي جاء عقب منح الخرطوم حق تقرير المصير عام 1953 نص على أن الأراضي السودانية هي تلك التي شملها الوفاق الودي عام 1902، وحينما منح السودان استقلاله عام 1956 أكد الدستور الدائم للسودان الأمر ذاته، فإذا تكلمنا عن الحدود المصرية فإن اتفاقية 1899 تعطينا ما هو أبعد، لكنهم عبثوا بالتاريخ من خلال العبث بذاكرة الأمة، ويعتقدون أن الأرشيف اختفى، لأن هناك أرشيفاً أهلياً علاوة على الأرشيف الرسمي، وعندما ظهر للسودان خطأ ما يدعون قالوا إن حلايب وشلاتين جزء من «الوقف السناري» وهو وقف العتقاء، والسناري كان معتوق أحد الباشوات في مصر، وهو علي بك المنشاوي، وأعطاه مجموعة من الممتلكات التي أوقفت عليه، منها أراض في مكة المكرمة، فهل هذا يعني أن مكة سودانية!• برأيك كيف يمكن حل أزمة سد النهضة الإثيوبي؟
- كان بالإمكان التحرك دولياً صوب المحاكم الداخلية الإيطالية قبل عامين، من خلال دعوى قضائية لوقف أعمال شركة «ساليني» الإيطالية المنفذة لسد النهضة، لكننا فوتنا الفرصة، إلا أن مصر لديها حلول بشأن أزمة السد، فوفقاً للوثائق خلال ديسمبر 2000 وقعت إثيوبيا وإريتريا على ما عُرف لاحقاً بـ «اتفاقية الجزائر» برعاية الأمم المتحدة، وجعلوا الإطار الوحيد الذي تلجأ إليه الدولتان لترسيم الحدود بينهما وإنهاء النزاع المسلح هو الاتفاقية التي وقعت في 15 مايو 1902، وبموجب ذلك عُدلت الحدود الإثيوبية - الإريترية، على حساب الأراضي المصرية في «بني شنجول»، ونص الاتفاق في بنده الثاني على: «يتعهد ميلنك الثاني بعدم القيام أو السماح بقيام أي مشروعات دون موافقة الحاكم المصري العام للسودان»، وهذا اتفاق أزلي يمنع إقامة سد أو أي أعمال دون موافقة صريحة من مصر، والممارسات السابقة والاتفاقات اللاحقة أكدت أن هذا الحق لمصر وليس للسودان، وفي 1906 تُوفي ميلنك الثاني فاجتمعت الدول الثلاث فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وأكدت امتداد الالتزامات التي وقعها ميلنك الثاني لمن يخلفه على عرش الحبشة، وفي 1925 تم التوقيع على اتفاق ثنائي بريطاني - إيطالي، نص على أن «حق الاتفاق هو حق لمصر».