لم يكن عام 2017، الذي شارف على الانتهاء، كغيره من الأعوام الأخرى السابقة بالنسبة إلى القطاع العقاري المحلي، إذ يمكن القول إنه عام استثنائي، فقد شهد القطاع خلال العام العديد من القرارات والمتغيرات، التي لم يشهدها من قبل.

ولعبت تلك المتغيرات دورا كبيرا في التأثير على مجريات حركة التداول وعلى طبيعة العرض والطلب، إضافة الى التأثير على قرار مستثمري العقار، سواء في الداخل أو الخارج، حيث كان للجهات الرقابية الدور الأكبر في تنظيم القطاع.

Ad

وشهد القطاع العقاري جملة من التحديات والمتغيرات خلال العام الذي اقترب من الانتهاء، ولعل أبرز تلك التحديات تطبيق التعرفة الجديدة للكهرباء والماء على كل من القطاع التجاري والاستثماري، وأيضا ارتفاع الفائدة على القروض مما اعتبره البعض سيؤثر على القطاع وحركة تداولاته.

«الجريدة» رصدت أبرز المحطات والأحداث التي مر بها القطاع العقاري خلال 2017، إضافة الى حصد جميع القوانين التي تعلقت بالقطاع، والتي أثرت بدورها على مجريات التداول والاستثمار.

التداولات العقارية تنخفض 2.3%

بلغ إجمالي التداولات العقارية منذ بداية عام 2017 حتى شهر أكتوبر الماضي ما قيمته 2.03 مليار دينار عقودا ووكالات، أي بمعدل 203 ملايين دينار شهريا، ولو استمرت السيولة على ذلك المستوى حتى نهاية العام، ستبلغ 2.44 مليار دينار، أي بانخفاض ما نسبته 2.3 في المئة عن عام 2016، الذي بلغت قيمة التداولات في نهايته نحو 2.5 مليار دينار.

وقد شهد القطاع العقاري في بعض أشهر السنة ارتفاعا كبيرا وملحوظا في قيمة التداولات، كما شهدت ركودا حادا في بعض أشهر أخرى، وكانت معظم التداولات تأتي مدعومة من القطاعات الرئيسة مثل السكني والاستثماري والتجاري.

وعلل بعض العقاريين ارتفاع التداولات العقارية، وخاصة خلال الربع الثاني من العام الحالي، الى توجه عدد كبير من المستثمرين الى الاستثمار في العقار السكني، والتخلص من العقار الاستثماري، وذلك قبل بدء تطبيق تعرفة الكهرباء والماء الجديدة على العقار الاستثماري، حيث إن العقار السكني يعتبر مستثنى من تلك الزيادة.

وأيضا من ضمن الأسباب التي ذكرها العقاريون أن الركود العقاري استمر فترة ليست بالقصيرة، وصاحبها انخفاض في أسعار العقارات، وكان الجميع في حالة من الترقب؛ سواء للأسعار أو للوضع الاقتصادي أو السياسي، مشيرين الى أن الركود خلق فرصا استثمارية جيدة، حيث تزامن مع الركود انخفاض في أسعار العقارات تجاوزت في بعض القطاعات العقارية ما نسبته 25 في المئة، وهذه تعد فرصا جيدة يمكن اقتناصها.

تراجع محدود في «السكني» وأكبر في «الاستثماري»

شهدت أسعار العقارات والأراضي خلال 2017 انخفاضا ملحوظا في بداية العام، ولكنها استقرت لفترة من الزمن، وتختلف نسبة الانخفاض بين منطقة وأخرى، حيث إن هناك مناطق شهدت استقرارا في الأسعار، وذلك في المناطق الداخلية، التي ينعدم فيها العرض عادة.

وتراوحت نسبة الانخفاض في بعض المناطق الخارجية بين 10 و15 في المئة، خاصة في المناطق التي تكثر فيها العمليات المضاربية، ويشير البعض الى أن أسباب الانخفاض جاءت لعوامل عديدة منها استمرار الركود الذي خلق فرصا استثمارية.

ومن بين الأسباب التي أدت الى الانخفاض "الربكة" التي أصابت القطاع العقاري نتيجة لتطبيق تعرفة الكهرباء والماء الجديدة، إضافة الى استمرار التوزيعات السكنية من قبل المؤسسة العامة للرعاية السكنية.

أما بالنسبة إلى القطاع الاستثماري، فقد شهد انخفاضات في الأسعار على جميع المناطق، تراوحت بين 10 و15 في المئة، وفيما يخص العقار التجاري، فكان أقرب الى الاستقرار، حيث إن نسب الإشغال لا تزال مرتفعة، وإن هناك طلبا من المستثمرين.

انخفاض عدد المزادات

تميزت السنوات الثلاث الماضية بكثرة إقامة المزادات العقارية، سواء تلك التجارية أو القضائية، حيث قدر عدد المزادات العقارية في 2016 بأكثر من 30 مزادا عقاريا، وأيضا هو الحالة بالنسبة إلى عام 2015 التي قادت النشاط والتداولات العقارية آنذاك.

وتوقع معظم الخبراء استمرار إقامة المزادات خلال عام 2017 بنفس وتيرة السنوات الماضية، إلا أن الواقع قال العكس، حيث انخفضت أعداد المزادات بشكل واضح ولافت.

وكان من أهم أسباب انخفاض أعداد المزادات العقارية خلال عام 2017 استمرار الركود الذي أصاب القطاع العقاري منذ فترة ليست قصيرة، حيث إن هناك مزادات تم إلغاؤها بسبب عدم اقبال المستثمرين عليها، وهو ما أثر بطبيعة الحال على سير تنظيم المزادات العقارية.

ومن بين الأسباب ايضا عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية خلال 2017، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو العالمي، حيث فضل الجميع الترقب والانتظار حتى تتضح الرؤية أكثر.

تطبيق التعرفة الجديدة للكهرباء والماء

أقر مجلس الوزراء في شهر مارس الماضي التعرفة الجديدة للكهرباء والماء، حيث أصبحت 5 فلوس لكل كيلوواط للقطاعين الاستثماري والتجاري، بدلا من فلسين، أي بنسبة زيادة بلغت 150 في المئة، في حين وافق على تعرفة تبلغ قيمتها 3 فلوس للقطاعين الصناعي والزراعي، إضافة إلى إقرار تعرفة بـ12 فلساً للشاليهات والجواخير، وبدينارين للألف غالون مياه، في حين تم إعفاء القطاع السكني من تلك الزيادات.

وتم تطبيق تلك الزيادة أولا على القطاع التجاري في شهر مايو الماضي، ومن ثم على القطاع الاستثماري في شهر أغسطس الماضي، وقد استطلعت «الجريدة» آراء العديد من العقاريون آنذاك حول الزيادة الذين أكدوا بدورهم أن القطاع قادر على امتصاص والتكيف من الزيادة الجديدة.

وقد شهد القطاع الاستثماري تغيرات كبيرة قبل تطبيق التعرفة الجديدة، حيث توجه العديد من ملاك العقارات الى تحصين أنفسهم من الزيادة الجديدة، وذلك عبر تعديل بعض بنود عقود الإيجارات ليتحمل المستأجر الزيادة، فيما لجأ البعض الى المناصفة في تحمل الزيادة.

وأكد العقاريون أن القطاعين التجاري والاستثماري بلا شك ستتأثر إيراداتهما بعد تطبيق التعرفة الجديدة، ولكن بشكل بسيط، موضحين أن الملاك اتخذوا خطوات من شأنها تقليل استهلاك الكهرباء، وخاصة في العقارات الحديثة التي تكون فيها «مكيفات سنترال» وإضاءات حديثة غير مستهلكة للكهرباء.

وقد خلقت التعرفة الجديدة العديد من المشكلات بين ملاك العقارات والمستأجرين، خاصة أن معظم العقارات الاستثمارية تعتمد على عداد واحد لاحتساب معدلات الاستهلاك من الكهرباء والماء، وخاصة في العقارات القديمة.

وقد وجه معظم ملاك العقارات الاستثمارية والتجارية الى تركيب العدادات الكهربائية لكل شقة أو لكل وحدة إيجارية، وبهذه الطريقة يستطيع المستأجر التحكم في معدل استهلاكه من الكهرباء والماء.

واتفق الجميع على أن الزيادة تعتبر معقولة ومستحقة، حيث إنه في ظل ارتفاع معدلات الاستهلاك، يجب أن تكون هناك سياسة لضبط العملية، خاصة في ظل انخفاض أسعار النفط ووجود عجز في الميزانية العامة.

عدم طرح مشاريع عمرانية مميزة

لم يشهد القطاع العقاري خلال 2017 طرح مشاريع عقارية مميزة، كالتي أعلن عنها في 2016، كمشروع العاصمة ومشروع حصة المبارك، فتميز العام الحالي بتنفيذ المشاريع والتوسعات العقارية التي أعلنتها الشركات العقارية خلال السنوات الماضية.

وهذا أثر بشكل كبير على حركة تداول المواد الخاصة بالبناء وبأسعارها، حيث يرتبط قطاع مواد البناء بشكل مباشر بالقطاع العقاري، وبالمشاريع التنموية التي تقوم بها الحكومة، ومع توقف المشاريع العمرانية من قبل القطاع الخاص تعرض قطاع مواد البناء الى ركود وجمود.

ويوضح البعض أسباب عدم إقبال القطاع الخاص على طرح مشاريع ضخمة عمرانية، الى ضبابية المشهدين السياسي والاقتصادي على مستوى المنطقة، حيث إن عدم شفافية المشهد تؤثر بشكل كبير على قرار المستثمرين.

الإيجارات استمرت في الانخفاض عن الأعوام السابقة

شهدت القيم الإيجارية خلال عام 2017 انخفاضات واضحة وملحوظة بنسبة قدرها العقاريون بأنها تراوحت بين 10 و15 في المئة، مقارنة مع القيم الإيجارية بعام 2016، وذلك بعد أن مر القطاع العقاري بفترة ركود حادة.

وبلغ متوسط القيمة الإيجارية في القطاع الاستثماري في وقتنا الحالي لشقة مكونة من غرفتين وصالة بمساحة 60 مترا في محافظة العاصمة تتراوح بين 310 و330 دينارا، وبلغت لنفس المساحة في محافظة حولي 295 الى 320 دينارا، في حين تراوحت في محافظة الفروانية بين 280 و300 دينار، وفي محافظة الأحمدي بين 250 و270 دينارا، ومن 280 إلى 300 دينار في محافظة مبارك الكبير، وتراوحت في محافظة الجهراء بين 260 و300 دينار.

وعزا عدد من الخبراء أسباب انخفاض الإيجارات الى الرسوم المرتفعة التي أقرتها الحكومة على الوافدين، حيث اتجه عدد كبير منهم الى ترحيل أسرهم ومشاركة السكن مع مجموعة من العزاب، وذلك لتقليل المصاريف.

وأيضا من ضمن الأسباب ارتفاع العرض على الطلب، حيث إن هناك عددا كبيرا من أصحاب الأموال اتجهوا الى الاستثمار في القطاع العقاري، خاصة أنه لا توجد فرص استثمارية أخرى، إضافة الى عدم جاذبية بورصة الكويت في الوقت الحالي لرؤوس الأموال، مما أدى الى تشييد العديد من العقارات الاستثمارية، وبالتالي ارتفع العرض على الطلب.

كما أن هناك العديد من ملاك العقارات القديم، توجهوا الى هدم عقاراتهم وتشييد أخرى، بمساحات أكبر، وهذا ما زاد عدد الشقق، الذي تجاوز عددها 323.5 ألف شقة، وهذا العدد ليس كبيرا، ولكن كما تم ذكره سلفا، بأن أعدادا كبيرة من الوافدين تشترك في السكن الواحد.

ندرة إقامة المعارض العقارية وإصدار اللائحة الجديدة

بدأت ظاهر المعارض العقارية منذ أكثر من 4 سنوات، حيث يتم إقامة ما لا يقل عن 12 معرضا في السنة الواحدة، ويعتبر هذا العدد كبيرا جدا، مقارنة مع حجم السوق المحلي، وأيضا مع أعداد المعارض التي تقام في دول المنطقة.

ويتم من خلال المعارض تسويق ما نسبته 90 في المئة للمشاريع والعقارات الخارجية، بينما يتم تسويق ما نسبته 10 في المئة، للعقارات المحلية.

وقد تخللت المعارض العقارية في السابق العديد من الشوائب، وتعرض عدد من المواطنين لعمليات نصب واحتيال من بعض العارضين ومسوقي العقارات الخارجية، إضافة الى انتشار إعلانات لشركات عقارية تسوق عقاراتها بعوائد خيالية تصل نسبتها الى 80 في المئة، فأصبح هناك نوع من الشك والريبة في صحة تلك الإعلانات.

وتوجهت وزارة التجارة والصناعة الى ضبط عملية المعارض، فتم تشكيل لجنة مختصة لمعالجة وإعداد لائحة تنفيذية للمعارض العقارية، وبالفعل تم إصدار لائحة تنظيم المعارض العقارية في نهاية أكتوبر الماضي.

وجاء القرار الوزاري الخاص باللائحة بعد عقد العديد من اللقاءات والمشاورات مع الجهات والهيئات والشركات العقارية، وتضمنت اللائحة آلية أماكن إقامة المعارض العقارية، والعديد من البنود التي تعمل على حماية المستثمر المحلي الراغب في الاستثمار بالعقارات الخارجية.

كما تضمنت اللائحة تشكيل لجنة دائمة من وزارتي التجارة والصناعة والخارجية، وبعضوية أهل الخبرة في مجال التسويق العقاري المحلي والأجنبي، تختص بإصدار نماذج العقود ببيع العقارات والشروط الواردة منها التي تم الاتفاق عليها في المعارض العقارية.

وانخفضت أعداد المعارض العقارية بشكل كبير جدا، مقارنة بالسنوات الماضية، حيث جمدت وزارة التجارة المعارض العقارية فترة تجاوزت الشهرين، وذلك لحين الانتهاء من وضع الشروط واللائحة الخاصة بالمعارض، في حين لم يتم إقامة أي معرض عقاري خلال النصف الثاني، وذلك لأنه اللائحة اشترطت أن تتقدم الجهة الراغبة في تنظيم المعرض بطلب قبل موعد المعرض المزمع إقامته بشهرين على الأقل.

رفع سعر الخصم بواقع ربع نقط مئوية

قرر بنك الكويت المركزي بالتزامن مع «الفدرالي» الأميركي رفع سعر الخصم بواقع ربع نقطة مئوية من 2.50 الى 2.75 في المئة، وذلك في منتصف شهر مارس 2017، وتعتبر تلك الزيادة الثانية، بعد أن رفعها في نهاية عام 2016 ربع نقطة مئوية.

وكان رفع الفائدة يعد تحديا كبير أمام القطاع العقاري خلال عام 2017، حيث إن تطوير العقارات أو شراءها يحتاج الى تمويل من الجهات المصرفية، وفي ظل الركود وارتفاع الفائدة، قد يؤثر على حركة ومجريات تداولات القطاع العقاري.

ولكن من واقع الأرقام تبين أن القطاع العقاري لم يتأثر نتيجة رفع الفائدة، وخاصة أنه يدر عوائد تتراوح بين 6.5 و8.5 في المئة، كما أن «الجريدة» أعدت إحصائية عن التسهيلات الائتمانية الممنوحة للشركات العقارية خلال فترة الأشهر التسعة الماضية، حيث تبين أنها نمت بنسبة 10 في المئة.

وذكر عدد من العقاريين أن رفع الفائدة على القروض لم يشكل حجر عثرة أمام الشركات العقارية التشغيلية، ولم يثنها عن استكمال مشاريعها، لافتين إلى أن نمو التسهيلات لدى الشركات العقارية، يؤكد أن القطاع العقاري لايزال المفضل لدى القطاع المصرفي.