أوكرانيا تنضم إلى المواجهة!

نشر في 25-12-2017
آخر تحديث 25-12-2017 | 00:15
 صالح القلاب لا يوجد أي حل للمشكلة السورية في الأفق القريب، وعلى الإطلاق، فعندما تثار أزمة أوكرانيا مجدداً فهذا يعني أن الصراع بين الأميركيين والروس آخذ في التزايد والتصاعد، في المنطقة كلها، وأن "مهرجان" سوتشي هذا الذي دعت إليه موسكو "ما هبّ ودبّ" من السوريين سيكون مجرد محطة تصعيدية، وأنه لن يؤدي ولو إلى بصيص أمل ضئيل، مادامت موسكو متمسكة ببشار الأسد، وأنها اخترعت معارضة عمودُها الفقري منتسبو أجهزة النظام السوري الأمنية كبديل للمعارضة الحقيقية التي اعترفت بها الأمم المتحدة التي واظبت على حضور اجتماعات جنيف، وآخرها الاجتماع الثامن الذي رفض المشاركة فيه عملياً بشار الجعفري بتوجيهات روسية.

لقد بادر الأميركيون، بينما ينهمك الروس في الإعداد لـ"مهرجان" سوتشي، إلى الإعلان، على نحو استفزازي، عن تزويد أوكرانيا بأسلحة وصفتها بأنها "قدرات دفاعية متطورة"، وهذا جعل واشنطن تبادر إلى تحذير كييف من "حمام دم" في هذا البلد الذي كان شهد نزاعاً دموياً بين الحكومة التي تصف نفسها بأنها شرعية، و"الانفصاليين" الذين يشكلون أقلية روسية في هذه الدولة أدى قبل نحو ثلاثة أعوام إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص من الطرفين.

وهذا يعني أن الصراع على الساحة السورية بين الروس والأميركيين قد اتخذ منحىً جديداً، وأن سوتشي سيكون مجرد محطة تصعيدية، وأن الحل الذي يحلم به "المقاولون" الذين ينتظرون حصة، ولو ضئيلة، من إعادة إعمار سورية لايزال بعيداً. وحقيقة أنه غدت هناك مخاوف فعلية من أن تكون نهاية هذه الأزمة هي التقسيم، وأن بشار الأسد عندما تحدث عن "سورية المفيدة" و"الانسجام الاجتماعي"؛ فإنه كان يؤكد أنه لا يريد العودة بهذا البلد إلى ما قبل مارس 2011.

قبل أيام قليلة، أعلن الروس على لسان أحد كبار قادتهم العسكريين أنّ عدد القوات الروسية التي قاتلت، ولا تزال، في سورية وصل إلى 48 ألفاً. وهكذا، وعندما نعرف أنّ أعداد الميليشيات المذهبية الإيرانية التي تنتشر الآن على الأراضي السورية قد وصلت إلى ثمانين ألفاً، هذا غير حراس الثورة والقوات العسكرية النظامية، فإن هذا يؤكد أن حلّ هذه الأزمة لا يزال بعيداً، وأن إعادة بناء ما تهدم، الذي تقدر تكلفته الأولية بـ "400" مليار دولار، لا تحتاج إلى سنوات بل إلى عقود طويلة.

ثم، ولأن روسيا التي تقول إنها ألغت عالم القطب الواحد الذي استجد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لمصلحة عالم متعدد الأقطاب، فإنّ إنشاء قواعد عسكرية لها في سورية، في "حميميم" وطرطوس، وإن الإبقاء على 48 ألفاً من قواتها على الأراضي السورية، بعد انسحاب شكلي مسرحيٍّ وتلفزيوني، يعني أن حسم هذه المعادلة بحاجة إلى صراع سنوات مقبلة عديدة، ويعني أن ساحة هذا الصراع لن تقتصر على التمدد إلى أوكرانيا، وأنه غير مستبعد إذا بقيت الأمور تسير على هذا النحو أن المواجهة ستصل إلى العديد من دول أوروبا الشرقية.

back to top