يرى الناقد الفني محمود عبدالشكور أن أسباب نجاح الأعمال الدرامية المصرية الأخيرة تتعلق بالجودة، لأنها تجبر الجمهور على المتابعة حتى وإن عُرضت في أوقات لا تناسبه، تحديداً في غير موسم العرض المعتاد عليها (رمضان)، فالجودة شكلاً ومضموناً هي نقطة القوة.

ويؤكّد عبدالشكور أن النجاح عموماً غير مرتبط بموسم محدد، مشيراً إلى أن ثمة أعمالاً نجحت في المواسم البديلة، فيما أخفقت مسلسلات أطلقت في رمضان.

Ad

من جانبها، تذكر الناقدة الفنية حنان شومان أن من النوادر أن تُعرض أعمال درامية خارج موسم رمضان وتحقّق نجاحاً ساحقاً مثل «الطوفان» و»سابع جار»، وأن تحظى بمتابعة كبيرة داخل البيوت المصرية وبنسب مشاهدة مرتفعة، ما يؤكد أن العمل الجيد يستطيع أن يفرض نفسه في أي وقت.

وضمّت المسلسلات المعروضة على شاشات الفضائيات كماً من ممثلين جدد، وهو سبب نجاحها بحسب الناقد الفني نادر عدلي، إذ حرص صانعوها على إسناد البطولة إلى وجوه شابة يخوض بعضها تجربة التمثيل للمرة الأولى.

كذلك يشدِّد على مستوى الإخراج والتأليف اللافت كما في «سابع جار»، ما يعكس شعوراً بالقرب إلى المشاهدين وبأن الممثلين أناس عاديون مثلهم، وكأنهم يتابعون جزءاً من واقع حياتهم.

ويوضح الناقد محمود عبد الشكور أن الاستعانة بالوجوه الشابة ليست ظاهرة جديدة على التلفزيون، فثمة مشاهير من بينهم نور الشريف وعادل إمام وأحمد السقا ومنى زكي، قدمتهم الأعمال الدرامية وكانت سبباً في شهرتهم، ثم انتقلوا إلى السينما، مؤكداً أهمية وجود ممثلين جدد في الأعمال لأن تكرار النجوم واستهلاكهم بكثرة لا يصبّ في صالح العمل، فيما من المفترض البحث عن مواهب لم يرها المشاهد سابقاً لإثراء العمل الفني.

الناقدة الفنية ماجدة خير الله تؤكِّد أن أسباب نجاح الأعمال الدرامية بساطتها الشديدة في تقديم الحياة اليومية، مثل مسلسل «سابع جار» الذي ينقل واقع أسرة متوسطة تجمع بين جيلي الآباء والأبناء، لا يضمّ المسلسل نماذج شريرة ولا خيرة بشكل مطلق، ولكنه يرصد قصصا ًواقعية كما هي، فلا يصدر أحكاماً على أحد، إذ تجد في الأسرة الواحدة الفتاة المتحررة كذلك الفتاة المتدينة، وكل شخص مسؤول عن تصرفاته.

وتضيف خيرالله أن الحوار البسيط والشخصيات المختلفة والقصص المتنوعة التي تهمّ فئات المجتمع كافة بمختلف ثقافاته واهتماماته جعلت هذه الأعمال تعلق لدى الجمهور سريعاً، ويتفق الناقد الفني نادر عدلي مع هذا الرأي، مؤكداً أن أسلوب هذه المسلسلات (شكلاً ومضموناً) مختلف وجديد على الدراما المصرية، الأمر الذي لفت الأنظار إليها بقوة وساعد في نجاحها.

الدراما العائلية

يوضح الناقد محمود عبد الشكور أن أحد أسباب نجاح المسلسلات الأخيرة عودة الشؤون العائلية إلى الواجهة، بعدما كانت اختفت منذ فترة طويلة، مؤكداً أن التلفزيون معني بهذه النوعية من الأعمال. ويتابع: «لماذا اتجه صانعو دراما فترة طويلة إلى مناقشة وتقديم قضايا من الأجدر تناولها في السينما مثل مسلسلات الحركة، حيث تظهر باحترافية أكبر».

ويشير إلى أنه يتوجّب تقديم دراما عائلية تنقل المشاكل والمشاعر بمصداقية كبيرة، وأن تتناول الموضوعات بطريقة معاصرة وأكثر جرأة، لأن الطريقة القديمة صارت مرفوضة من الجمهور، فالقضايا والأفكار تغيرت، كذلك طبيعة الناس.

مستوى معيشي متقارب

اعتمدت غالبية الأعمال الدرامية فترة طويلة على نقل صور من الرفاهية على غرار ما يعيشه قليلون في المجتمع، لذا انتقدها البعض لأن الظروف الاقتصادية اختلفت، وابتعد كثيرون عن متابعتها كونها لا تتحدث عن مشاكلهم وهمومهم، فكيف لمن يعيش في قصور بأن يشعر بمن لا يجد ثمن طعامه؟

وتقول الناقدة الفنية حنان شومان إن المسلسلات تنجح عندما تقترب من واقع حياة المشاهدين، مؤكدة أن أعمالاً عدة تعرض راهناً ركزت على هذه النقطة من خلال الصورة والديكور والأزياء والإضاءة ومكان التصوير، وهي تجارب جيدة وتتوافر فيها العناصر الفنية كافة.