إذا كانت السُلطة الوطنية تفكر جدياً في أن تصبح الضفة الغربية، وضمنها القدس الشرقية وكل الأراضي الفلسطينية التي احتُلت في عام 1967، "دولة تحت الاحتلال"، وفقاً لاعتراف سابق من الأمم المتحدة، فإن عليها أن تضمن سلفاً ومسبقاً تأييد وموافقة الدول الـ"128"، التي رفضت تلك الخطوة "القبيحة"، التي أقدم عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفي مقدمة هذه الدول بالطبع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، أي بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا الاتحادية. إن هذه مسألة ضرورية ومهمة، ومن دونها ستواجه الأشقاء الفلسطينيين إرباكات وصعوبات كثيرة.

والمفترض أن العرب، كلهم، يؤيدون هذه الخطوة، التي إن تمَّت بنجاح، فإنها ستضع أميركا وإسرائيل والعالم كله أمام الأمر الواقع، وهنا فإنه من الضروري أن يكون موقف المملكة الأردنية الهاشمية واضحاً وضوحاً كاملاً، تفادياً لبعض "التأويلات" غير الصحيحة، التي استندت إلى تصريحات فيها بعض الضبابية، وخاصة ما نُسب إلى بعض الذين لا يمثلون إلا أنفسهم، بأنه لا ضرورة لمفردة "الوحيد" في ذلك القرار، الذي كانت اتخذته قمة الرباط العربية في عام 1974، والذي جاء فيه نصاً: "إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".

Ad

والمعروف أن الموقف الأردني واضح بالنسبة لهذه المسألة، التي لا يجوز إثارتها الآن، ومن قبل أي كان، تحاشياً لأي تأويلات خاطئة، وأن هناك اعترافاً أردنياً جرى التأكيد عليه مراراً، بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي و"الوحيد" للشعب الفلسطيني، كما أن المعروف أيضاً أن هناك فكاً لـ"الارتباط" بين الأردن والضفة الغربية اتخذه راحلنا الكبير الملك حسين، أمطر الله تربته الطاهرة بشآبيب رحمته، في عام 1988، وحيث أصبح هذا الأمر محسوماً بالنسبة للقيادة الأردنية.

يجب الابتعاد في هذه المرحلة الحاسمة عن مواقف المساحات الرمادية، وعلى مَن تراوده بعض التصورات القديمة التي أصبحت جزءاً من الماضي أن يحتفظ بتقديراته لنفسه، فهناك الآن اعتراف دولي بأن الضفة الغربية، وضمنها القدس الشرقية، "دولة تحت الاحتلال"، وأن فلسطين أصبحت عضواً كامل العضوية في العديد من المؤسسات والهيئات الدولية، هذا بالإضافة إلى أن اصطفاف 128 دولة، ضمنها أربع دول أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي، هو اصطفاف إلى جانب الحق الفلسطيني، وإلى جانب السلطة الوطنية الفلسطينية، وأيضاً إلى جانب "الممثل الشرعي والوحيد" لهذا الشعب الشقيق.

وهكذا، فإنه يجب "اتقاء الشبهات"، وخاصة أن حكاية "الحل الإقليمي" لم تعد مقبولة، وأن "ما فات مات" بعد فك الارتباط بين "الضفتين" في عام 1988، وقبل ذلك بعد اعتراف قمة الرباط العربية في عام 1974 بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً و"وحيداً" لهذا الشعب العظيم. وبالتالي، فإن المفترض أن هذا الواقع الجديد أقنع مَن لا يزال يفكِّر بتصورات ومعادلات سابقة أن بضاعته هذه التي يواصل الترويج لها هي بضاعة قديمة، وأن إثارة هذه الأمور مجدداً ستسيء إلى الأردن، الذي هو في طليعة العرب المساندين لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.