«السمّ الكلامي» رواية بوليسية يقدمها الكاتب فراس عوض الله على شكل مشهد سيميائي يرسم فيه فضاء تصويرياً خاصاً من مفردات الواقع الذي تحيل إليه الحكاية، ويعيد ترتيبها بشكل يحقق جذب المتلقي. من ثم، يجتهد القارئ في استباق العوامل المحيطة بلحظة وقوع الجريمة، ورسم الأجواء المكانية لمسرح الحدث الذي ستظهر عليه الشخصيّة البطلة «رجل التحري» في صورة وعيها وتعاملها مع الحدث/ الجريمة، أي إبراز الجانب العملي/ الواقعي من خلال فتح الباب لسلسلة وقائع/ جرائم أخرى تشكل بؤرة الحدث الروائي. ويظهر هذا جلياً من خلال دور الراوي العليم، فهو بمنزلة المخرج الذي أدار هذه العملية برمتها.

بطل الرواية هيرشار، طالب الجامعة في كليّة الهندسة والمتحري الذي ساعد رجال الشرطة في قضايا عدة، ولشدة ذكائه حاز ألقاب «شارلوك هولمز العصر الحديث» و«منقذ الشرطة من إخفاقاتها» و»مرعب المجرمين»... وغيرها.

Ad

تبدأ أولى وقائع الرواية عندما يُدعا هيرشار وصديقته آيرين، زميلته في الجامعة إلى حفلة رجل ثري جداً، ولم يكن يعلم أنها ستكون بداية لأحداث رهيبة تجمع الماضي والحاضر بلون الدم والانتقام، وعلى الطرف الآخر العدالة.

في تتبعنا حركة النص (الجريمة) يضع الراوي القارئ في حالة ترقب كبيرة منتظراً ما سيحدث، ويظل على مسافة من التوتر بين لحظة وقوع الجريمة حتى حلّ لغزها، وهو جزء من لعبة الإخراج السيميائي الذي اتبعه المؤلف، والذي يبدو أنه يقوم على عنصر المفاجأة «والآن... مفاجأة الحفلة... سيداتي سادتي استعدوا لمتابعة عرضنا التالي، لدينا هنا هيروشيما، هيروشيما يدّعي أنه قادر على قتل شخص ثمّ إحيائه من جديد!! ولما كانّ ذلك لا يمكن لأصحاب المنطق أن يصدّقوه فقد أراد أن يقوم بذلك أمامنا هنا وبالذات لوجود (شارلوك هولمز العصر الحديث) هيرشار في الحفلة هنا. ووجّه الضوء على هيرشار». هكذا صرخ منظم الحفلة معلناً ذلك، بينما وقف على مسرح بدا معداً خصيصاً لهذا.. يُجرى الاختبار على السيد مايك مدير الحفلة والذي سيكون الضحية ويموت فعلاً... ويُعهد إلى المحقق هيرشار التحقيق في القضية ليتبين لاحقاً أن مقتل مايك جزء من سلسلة جرائم تقوم بها الـ»أف بي آي» عبر جواسيس لها ولأسباب مختلفة...

من أجواء الرواية نقرأ: «... كان يحتضر، الدماء تسيل من صدره وفمه، وهو يُنقل على الحمّالة باتجاه سيّارة الإسعاف، وجسده يرتعش، قال: «سمّ... سمّ. «لكنك مصاب بطلقات» ردّ عليه. قال: «سمّ... ا... ح... ذ... ر... س... مّ... ك... لا... مي» توقّف. «شينجي تماسك، ستصل إلى المستشفى قريباً... شينجي!!!». لا فائدة لقد مات. سمّ كلامي؟ ما معنى هذا؟ كان لغزا لم يستطع أحد سبر أغواره».

«من روائع الأدب الصيني»

«نقاط مطر من الخوخ» وقصص أخرى عن الشباب من روائع الأدب الصيني الحديث، تشكل في مضمونها قصصاً قصيرة وبضع حكايات مكتوبة بأسلوب مفهوم يمثل الجوهر الصافي للقصة القصيرة، وهي قصص كتّاب شباب من ثلاثة أجيالٍ متتالية في الصين، يحاول مؤلفوها النظر إلى العوالم الروحية المتغيرة للناس خلال العقود المنصرمة.

تصور قصة «أنا متألم!» لمؤلفها «تشين كسيو» الألم الذي ينقضُّ علينا من داخلنا، ولكنه يشكل في الحقيقة إشارة إلى أمراض نفسية خطيرة. في القصة، استناداً إلى الألم، جرب بطلها الحياة جسداً وروحاً، متحدثاً عن ضعف وسخافة ومرارة البشر. «أنا لا أستطيع أن أهربَ من كلِّ الألم الحاد في حياتي... تعرَّض وجودي بكامله للألم بكل ما في الكلمة من معنى». هكذا يعرض «تشين كسيو» الحياة العادية تحت ضوء الوجود، كاشفاً سخافتها وجذبها ويأسها ليخبرنا عن الوحشية الروحية للشباب، بينما يصبغ المؤلف «ما كسياوكوان» في قصته «اطرق! اطرق الحديد» العمل بالوحشيَّة. وُصف «غونغ جيانزهانغ»، الشخصية الرئيسة في القصة كشخص بسيط من خلال لغة المُؤلف البسيطة والمباشرة، فيبدو قتاله بقبضاته حلاً مقنعاً لمشاكله. ولكن، هل «الوحشية» هي موضوع الشباب؟ قد تكون كذلك في قصة «آه ياو»، للكاتب «با كياو» أو قد لا تكون كذلك في قصة «الصندل» للكاتب «يو زهين»، إن جميع الأيام السعيدة في الشباب متشابهة، بينما كُلُّ ذاكرة حزينة هي نتيجة لأسباب خاصة. هذه هي حقيقة الشباب: الإمكانات اللانهائية مترافقة دائماً بخداع لا نهائي. صوّر الكاتب «با كياو» كفاح الفتاة في نهاية القصة قائلاً: «اعتادت عيون «آه ياو» على الظلام»... هذه هي حياة «آه ياو»، الحياة التي يتشاركها آلاف المسلوبين الفقراء...

يتألف الكتاب من مقدمة بعنوان «أشكال الشباب الحلوة المرة» بقلم شيه يوشون، تتبعها 11 قصة وهي: «الصيف العاري» لوشوان، و»آه ياو» لياكاي، و»الولاعة» لتشياو يي، و»اطرق! اطرق الحديد» لما زياوكوان، و»جثة على فلاتس» للي شاشا، و»حصان قفز جي نيو» لتشانغ بيران، و»مطر الخوخ» لشو زيشن، و»تمتع بالبرودة في ضريح مينغ شياو لينغ» لوي وي، و»المرأة تحت عريشة العنب» ليان جي، و»اللوح المكسور» للي هاو، و»أنا أتألم!» لتشن شيو.