أطلق الرئيس التركي رجب إردوغان جملة من المواقف المهمة بشأن المنطقة، في ختام جولة مثيرة تختتم اليوم من تونس، التي وصلها أمس قادما من تشاد، حيث شهد توقيع عدد من اتفاقيات التعاون معها، في أعقاب إعلانه تخصيص السودان، محطته الأولى بجولته الإفريقية، «جزيرة عثمانية سابقة» بالبحر الأحمر لأنقرة، من أجل استغلالها وإعادة تأهيلها.

وعلى خلاف تكهنات وتقارير عن حلحلة بموقف إردوغان من بقاء الرئيس بشار الأسد خلال فترة انتقالية، لإنهاء الحرب الأهلية السورية، أكد الرئيس التركي عدم قبول بلاده حلا للأزمة في سورية بوجود الرئيس بشار الأسد. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التونسي الباجي قايد السبسي، في قصر قرطاج، إنه «لا يمكن أبدا مواصلة الطريق مع بشار في سورية... لا يمكن أن نجعله جزءا من الحل، لأننا نكون قد ظلمنا القتلى وذويهم إذا اعترفنا به حاكما لسورية».

Ad

وعن الأزمة في ليبيا المجاورة لتونس، شدد على تطابق رؤية البلدين بشأن التوصل إلى حل سياسي بها، معلنا استعداد بلاده لفتح سفارتها في طرابلس، الخاضعة لحكومة مدعومة من الأمم المتحدة، قريبا.

وعرض إردوغان مساعدة تونس في مكافحة الإرهاب، عبر تدريب عناصر الأمن والدعم اللوجستي، وقال إن الجهود التركية في محاربة الإرهاب «لا تزال مستمرة»، وأنقرة ألقت القبض على «آلاف الإرهابيين»، وأرسلتهم إلى الدول التي جاؤوا منها.

وجدد الرئيس الإسلامي المحافظ التشديد على رأيه بأن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل «غير قانوني»، مضيفا: «حققنا الهدف المنشود بتصويت الجمعية العمومية حول القدس».

نشاط تونسي

من جهته، ذكر الرئيس التونسي ان بلاده وتركيا «تربطهما علاقات عريقة ترجع إلى عمق التاريخ الذي يربطهما، لكنها متجددة، وتأخذ بعين الاعتبار المتغيرات».

وأضاف أن اجتماعه مع الرئيس التركي، الذي يزور البلاد لأول مرة بصفته رئيسا، كان «مناسبة مميزة تبادلنا فيها وجهات النظر حول أمهات المشاكل ذات الاهتمام المشترك وكل ما يتعلق بالعلاقات الثنائية والاقتصادية والمسائل الإقليمية». وتابع: «هذه الزيارة ستكون متبوعة بزيارات أخرى، نظرا لعراقة العلاقات بين البلدين، ومتانة التعاون والشراكة بينهما في كل المجالات»، لافتا إلى أنه قبل دعوة وجهها له نظيره التركي.

وعلاوة على السبسي، عقد إردوغان خلال الزيارة اجتماعات مع رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، ورئيس الوزراء يوسف الشاهد، وكذلك مع رؤساء أهم ثلاثة أحزاب من حيث حجم تمثيلها في البرلمان.

ومن المقرر أن يشرف إردوغان على منتدى اقتصادي مشترك بين تونس وتركيا في ضاحية قمرت القريبة من العاصمة اليوم.

دفاع سوداني

من جانب آخر، أكد وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور أن بلاده لم ولن تكون طرفا في أي محور، وهي لا تؤمن بسياسة الأحلاف.

جاء ذلك في معرض رده على سؤال، خلال مؤتمر مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو بالخرطوم، أمس الأول، حول احتمال دخول الخرطوم في حلف إقليمي مع تركيا وإيران وقطر.

وقال غندور إن السودان منفتح على «أي تعاون عسكري»، مضيفا أنه «تم التوقيع على اتفاقية مع أنقرة يمكن أن ينتج عنها أي من أنواع التعاون العسكري».

من جانب آخر، علق رئيس الدبلوماسية السودانية على الانتقادات اللاذعة التي وجهها إعلاميون مصريون للخرطوم على خلفية زيارة الرئيس التركي للسودان قائلا: «ليمت بغيظه من يمت وليفرح بسعدنا وفرحنا من يفرح».

وأعرب غندور عن استغرابه لـ»ردود بعض أجهزة الإعلام المصري، لكن لا نأخذ كل الشعب المصري بجريرة بعضهم، وواضح أن هناك من لا يفهم كيف تدار العلاقات بين الدول».

بدوره، نفى الوزير التركي وجود محور تركي قطري إيراني، معتبرا مثل هذا الادعاء «مجرد فتن لا يجب الاستماع إليها»، مضيفا: «نحن الآن في علاقة حميمة جدا مع السودان، فهل هناك محور تركي سوداني؟».

يلدريم والرياض

إلى ذلك، اطلع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس العاهل السعودي الملك سلمان على «واقع العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها».

وتناول الاجتماع، الذي عقد في الرياض، المسائل الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وسبل توطيد التجارة والاستثمارات المتبادلة، وعمل مجلس التعاون الخليجي، وكيفية تعزيز علاقات تركيا معه، فضلا عن الخلافات القائمة منذ 6 أشهر بين قطر و»الرباعي المقاطع» لها.

وفي وقت سابق، التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يلدريم، الذي يقوم بأول زيارة للمملكة بصفته رئيسا للوزراء.

وأكد يلدريم، عقب اللقاء، تشديد الرياض وأنقرة على رفض قرار الرئيس الأميركي بشأن القدس، معربا عن أمله إرساء السلام بالمنطقة في أسرع وقت ممكن، لاسيما بعد رفض الجمعية العامة للأمم المتحدة الخطوات الأميركية الأخيرة إزاء المدينة المقدسة.

انتقاد إماراتي

في غضون ذلك، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش إن العالم العربي لن تقوده طهران أو أنقرة، بل «عواصمه مجتمعة». وأكد قرقاش، في «تغريدة» على «تويتر»، أن النظام العربي في مأزق، مشيرا إلى أن الحل يكون بالتكاتف والتعاون أمام الأطماع الإقليمية المحيطة.

وأضاف: «وفي ظل التنافس الجيواستراتيجي الجاري تكون الحاجة أكثر إلحاحا إلى تعزيز المحور العربي وعموديه الرياض والقاهرة».

من جانب آخر، وصلت دفعة جديدة من القوات التركية إلى قاعدة العديد العسكرية في قطر ضمن اتفاقية الدفاع المشتركة بين الدوحة وأنقرة الموقعة عام 2014.