نظم مركز جابر الأحمد الثقافي، وسط حضور جماهيري استمتع بالوصلات الطربية من الزمن الجميل، ليلة لإحياء أغاني الفنان الراحل عوض دوخي، ويأتي الحفل مكملا لما سبقه من عروض قدمها المركز احتفاء بالموسيقى والموسيقيين الكويتيين، وبمصاحبة الأداء المميز لفرقة مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي الموسيقية.

وأحيا الحفل نخبة من الأصوات الكويتية المميزة، وهم سلطان المفتاح، ومشعل حسين، وولاء الصراف، واستحضروا خلالها أجمل الألحان وأعذب الكلمات، وبمصاحبة أوركسترا مركز الشيخ جابر الموسيقية، لتقدم لجمهور المركز أغنيات لألوان مختلفة من الغناء، تحت مظلة الموسيقى الكويتية، التي عبر عنها عوض بأغانيه بأصالة وتجديد وابتكار.

Ad

في بداية الحفل، قدمت قطعة موسيقية بعنوان "مستحيل أنسى اللي فات"، أداء فرقة مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، وقاد أوركسترا مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي المايسترو د. محمد باقر، حيث اضاف لمساته الساحرة بتوجيهاته للفرقة.

وتميزت الفرقة باتحادها من خلال أحاسيسها المشتركة، وانسجام أدائها، حيث تفاعل الجمهور بالتصفيق، وزاد الإبهار مع خلفية المسرح، التي تضمنت مجموعة من الصور المميزة لمحطات عوض دوخي.

ثم أطل مشعل حسين ليغني "قل للمليحة"، وهي صوت عربي، ومن كلمات محمد بن أرسلان، وألحان أحمد الزنجباري، والتي كانت مشحونة بأصالة الكلمة وعذب الصوت، ومن أجوائها: "قل للمليحة في الخمار الأسود/ لا تجهري بدمائنا وتستري/ مكنت من حب القلوب ولاية/ فملكتها بتعسف وتجبر/ إن تنصفي فلك القلوب رعية/ أو تمنعي حقا فمن ذا يجتري/ سخرتني وسحرتني بنوافث/ فترفقي بمسخر ومسحر".

واستمر الفنان مشعل حسين في تقديم وصلاته الغنائية بكل ثقة وثبات، فغنى "ياللي غيابك"، كلمات بدر الجاسر العياف، وألحان أحمد الزنجباري، وغنى ايضا "يا عونه الله"، كلمات عبدالله العتيبي، وألحان تطوير أحمد باقر.

فنون متنوعة

والملاحظ في الحفل أن وتيرة التفاعل ازدادت رويدا رويدا بين أغنية وأخرى، حيث ملأت تصفيقات الجمهور الأرجاء، فكانت الأمسية ممتعة ومتميزة في وصلاتها الغنائية، متنوعة الفنون والألوان الطربية الأصيلة التي أعادت للأذهان زمن الفن الجميل.

ثم جاء دور المطربة ولاء الصراف لتغني "يا ويل ويلي"، من اللون السامري، كلمات عبدالعزيز المعتوق، وألحان محمود الكويتي، وقوبلت بتصفيق من الحضور، عندما غنت بحس مرهف "يا حبيبي"، حركت معها قلوب الذي لم يكف عن التفاعل، وهي تنسب لجعفر الأديب، وألحان محمد الأموري، ومن أجوائها: "يا حبيبي هل جفاك النوم مثلي/ أو رمتك الريح مثلي في سجى الليل الغريب/ يوم ضاع الحب منا في متاهات الدروب".

ومع تواصل فقرات الحفل، قدم المطرب سلطان المفتاح "يا ساهر الليل"، وهي من اللون البحري، ومن كلمات عبدالله العتيبي، وألحان أحمد باقر، حيث أجاد سلطان غناءها بشكل جميل، وأظهر براعته وأجبر رواد المسرح على تحيته أكثر من مرة.

ثم غنى "صوت السهاري"، كلمات يوسف دوخي، وألحان عوض دوخي، فكان أداء سلطان قادرا على التعبير عن معاني الأغنية، وتابع وصلاته الغنائية بغناء "أهلا يا بو قذلة"، كلمات عبدالعزيز المعتوق، وألحان عوض دوخي.

ومع ازدياد حماسة الجمهور، تضمنت الأمسية "ميدلي" لمجموعة من أغاني عوض دوخي، وهي "يابو فهد"، كلمات وألحان عبدالعزيز المعتوق، و"رد قلبي يا آسرني"، كلمات يوسف دوخي، وألحان نجيب رزق الله، و"عذروب خلي"، كلمات جاسم شهاب، وألحان عوض دوخي، و"ألا يا صبا نجد"، كلمات إبنالدمينه، وألحان أحمد الزنجباري، و"وسط القلوب"، كلمات وألحان يوسف دوخي.

عوض دوخي في سطور

ولد عوض فرحان في فريج "المطبة" بمنطقة الشرق، عندما توفي والده لم يكن تجاوز عامه الخامس، وانتقل مع والدته وهو في عامه الرابع عشر إلى فريج الشيوخ، وظهرت بوادر عشقه للغناء مبكرا، منذ كان في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة، حيث كان والده نهاما على سفن الغوص، وأخوه الأكبر عبداللطيف عازفا على العود ونهاما، وكذلك كان أخوه الأصغر يوسف الذي أصبح أحد أبرز الموسيقيين الأكاديميين في منطقة الخليج.

وكان عوض مستمعا جيدا للعديد من كبار الفنانين، وعند انتقاله الى فريج الشيوخ تعرف على الفنان الشعبي سلطان أحمد سالمين الذي كان يقاربه سنا آنذاك، فكان سلطان يحاكي صوت العود بصوته، بينما يغني عوض أو العكس، ثم ابتاعا عودا.

واتفق الصديقان عوض وسلطان على أن يتبادلا حيازة العود، بحيث يصطحبه كل منهما يوما، واستمر عوض في تعلم العود حتى اشتهر في الفريج مطربا وعازفا على العود، وفي الوقت نفسه كان يتعلم مبادئ اللغة العربية والدين عند الملا بلال.

ومن الممكن تقسيم مرحلة عوض دوخي الغنائية إلى مرحلتين، الأولى تغطي تقريبا عقد الستينيات، والثانية مرحلة السبعينيات، والتي مال فيها عوض إلى التلحين والغناء على القوالب المحلية، رغم اهتمامه ونجاحه بتقديم الألحان الجديدة والمطورة، كان من أبرز من قدم الصوت بشكله التقليدي، محافظا على الأصول المتوارثة في أدائه.