أصدر د. إبراهيم الدعيج الصباح كتابا جديدا بعنوان "الشريعة والديمقراطية والدستور الكويتي"، وقد صدر باللغة الإنكليزية، يرتكز الكتاب على رسالة المؤلف، التي حاز من خلالها درجة الدكتوراه من جامعة برمنغهام البريطانية عام 1999م، وقد ارتأى أن يخرج هذا الكتاب إلى النور باللغة الإنكليزية، بعد أن صدر سابقا باللغة العربية، وصولا إلى تحقيق المبتغى الأساسي منه، ألا وهو أن يمثل أداة لتصويب المفاهيم المغلوطة السائدة لدى الغرب، والعالم بصفة عامة، عن الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية السمحة، وإيضاح المعاني السامية لديننا الحنيف ومقارنتها بأرقى المعايير الإنسانية والأخلاقية للبشرية جمعاء.

كما يهدف المؤلف إلى درء الخلط الذي أحدثه ظهور جماعات متطرفة في مفهوم الإسلام، في محاولة منه لتنقية الفكر العالمي من الشوائب التي علقت به من جراء ذلك الخلط، وتخليص الدين مما اعتراه من تشويه لصورته لدى الأذهان في العديد من أنحاء العالم نتيجة لظهور تلك الجماعات.

Ad

الدستور الكويتي

ويتضمن إصدار Shariah Democracy and the Kuwaiti Constitution، ثمانية فصول وخاتمة، يقدم المؤلف في الفصل الأول من الكتاب تعريفاً لمفهومي الشريعة والدستور، والمفاهيم المتعلقة بهما، فضلا عن علاقة كل مفهوم منها بالآخر، وصولا إلى تأكيد درجة التوافق بين الشريعة والدستور الكويتي، وفي هذا السياق يفرد المؤلف سرداً لمعاني بعض المصطلحات التي تتصل بهذين المفهومين، وفي مقدمتها السنة والحديث، والفقه والفقهاء والعلماء، ومفهومي الفتوى والاجتهاد والمشرع والقياس والإجماع، وغيرها من المفاهيم ذات الصلة بموضوع الشريعة وعلاقتها بالدستور.

الوثيقة القانونية

وفيما يتعلق بمضمون الفصل الثاني، يتناول الكتاب نظرية الدستور الإسلامي، حيث يرى عدد من العلماء والمؤرخين أن المفاهيم الدستورية ليست غريبة عن لب الإسلام، بل إنهم يعتقدون أن أول دستور، أي الوثيقة القانونية التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وضع بعد هجرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة مباشرة، وهي الوثيقة التي سميت "بعهد أمان المدينة"، وفي هذا المضمار، يستشهد الكاتب بما يراه العديد من المفكرين العرب من ثراء يميز التراث الإسلامي من حيث المبادئ والأفكار التي تتصل بشكل مباشر بالعمل الدستوري، حيث يستند المفكرون العرب في دفاعهم عن هذا الرأي إلى ما يتضمنه الإسلام من مبدأ الشورى الذي يضاهي الديمقراطية في الفكر الغربي.

البنيان الدستوري

بينما يلقي المؤلف في الفصل الثالث الضوء على النهج الدستوري في العالم العربي، وفي هذا الصدد يتدرج المؤلف في سرد البنيان الدستوري للعمل الدستوري منذ حقبة السلطنة العثمانية، مرورا بتأثير الامبراطورية العثمانية في الأقاليم العربية، وانتهاء إلى ما آلت إليه الأوضاع الدستورية في الدول العربية.

وفي الفصل الذي يليه، يطرح الدعيج سرداً للتطور الدستوري في الكويت، منذ نشأة الكويت وتولي أسرة آل الصباح مقاليد الحكم في البلاد، مرورا بتقديم لمحة تاريخية عن الكويت وعوامل التغير الاجتماعي فيها ومرحلة إنشاء المجالس الاستشارية والتشريعية وإنشاء الجمعية التأسيسية بعد الاستقلال في عام 1961 وانتهاء بدستور 11 نوفمبر 1962 والنظام السياسي والمجتمع الكويتي.

مفهوم السيادة

وفي الفصل الخامس يتساءل المؤلف: هل يتوافق الدستور الكويتي مع الشريعة؟ وفي معرض الإجابة عن هذا التساؤل، يتطرق الدعيج إلى علاقة الشريعة بالسيادة والنظام السياسي، ويشرح مفهوم رئاسة الدولة والخلافة والنظام الوراثي، ويعقد مقارنة بين مفهوم السيادة في كل من الإسلام والغرب، كما يتطرق المؤلف إلى مفهوم الشورى والمساواة وحقوق المرأة والحرية والردة.

في حين يتضمن الفصل السادس بحثا للشريعة والدستور الكويتي من حيث النظرية والتطبيق، ويغطي هذا البحث الجدل القائم حول إعادة تشكيل القوانين مع تناول مفاهيم الحرية والمساواة والديمقراطية والشورى، كما يلقي الضوء على فكرة المساءلة (الحسبة).

حقوق المرأة

ويتناول الفصل السابع مرة أخرى موضوع الشريعة والدستور ولكن من عدة وجهات نظر كويتية، كما يتناول المؤلف قضية الشريعة وحقوق المرأة.

وفي الفصل الثامن والأخير يلقي المؤلف الضوء على اللجنة العليا للعمل على استكمال احكام الشريعة الإسلامية ودورها في الإعداد لتطبيق تلك الأحكام.

المفاهيم الصحيحة

ويضع المؤلف في إصداره ضمن الخاتمة بين يدي القارئ بغير اللغة العربية، شارحاً وجهات نظره فيما يتعلق بإيضاح المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي الحنيف، آملا أن يسهم هذا الكتاب في تغيير نظرة الغرب والعالم إلى الإسلام والحضارة الإسلامية التي شابها الكثير من سوء الفهم واللغط، من جراء ما تقوم به الجماعات المتطرفة من أعمال لا تنتمي إلى جوهر الإسلام.