ينسب لـ"نابليون بونابرت" مقولة "دعوا الصين نائمة، فإنها إن استيقظت سوف تهز العالم"، ورغم أن العبارة السابقة ليست من الأقوال المؤكدة للقائد الفرنسي، لكنها تحمل كثيراً من الحقيقة في عصرنا الحالي.

تعد الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، وتمثل نحو نصف الاستهلاك العالمي من الفحم، وبطبيعة الحال تهتز الأسواق العالمية جراء قراراتها في مجال الطاقة، بحسب تقرير لـ"فاينانشيال تايمز".

Ad

انتباه العالم لقرارات بكين

- على مدار عام 2017 استفاد منتجون بينهم الولايات المتحدة من انتعاش استهلاك الفحم في الصين، لكن هذا الاتجاه تأثر كثيراً خلال الأشهر الأخيرة مع جهود بكين لمواجهة أزمة تلوث الهواء.

- أخيراً انخفضت واردات الصين من الفحم أدنى مستويات العام الماضي، مع تحول البلاد المتسارع للاعتماد على الغاز الطبيعي، ما تسبب في نتائج غير مقصودة مثل عدم حصول صناعة المواد الكيميائية على الإمدادات اللازمة لعملياتها.

- تسبب انخفاض درجات الحرارة بشكل حاد في المقاطعات الشمالية بتقويض سياسة الحد من استخدام الفحم، مما دفع أسعاره للارتفاع، لكن يرى محللون أن هذه الزيادة لن تدوم طويلاً مع استبعاد تراجع الصين عن خططها.

- ربما كان ذلك سبب زيارة رئيس وكالة الطاقة الدولية "فاتح بيرول" إلى الصين هذا الشهر، فرغم أنها لا تملك عضوية كاملة بالوكالة، لكن كل الدول الأعضاء مهتمة بشكل كبير بسياسات الطاقة التي تتبناها.

الصين لا تقود منفردة

- استراتيجية الصين للتحول بعيداً عن الفحم والتوسع في استخدام الغاز لها تأثير كبير على أسواق الغاز الطبيعي المسال، لذا قفزت أسعار التسليم الفوري في آسيا إلى ما يقرب من ضعف مستوياتها المنخفضة هذا العام.

- استأجرت شركة النفط الحكومية "كنوك" 100 شاحنة لقطع مسافة تصل إلى 1400 ميل (2253 كيلومتراً) من أجل نقل الغاز الطبيعي المسال من جنوب إلى شمال البلاد.

- رغم هذا الثقل الذي تحظى به الصين، لكنها لم تكن القائد الوحيد لتغيرات السوق العالمي للغاز أخيراً، ففي النمسا وتحديداً شرق فيينا يقع مجمع غاز "بومغارتن" وهو أحد أعمدة البنية التحتية الأوروبية للطاقة.

- لفهم مدى أهمية هذا المجمع يجدر الإشارة إلى أنه في عام 2015 نقل 40 مليار متر مكعب من الغاز، استخدمت منها 8 مليارات فقط في النمسا والباقي تم تصديره إلى بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى.

- لكن انفجاراً وقع في المجمع قبل أكثر من أسبوع خلف 21 قتيلاً ومصاباً وتسبب في ارتفاع الأسعار، وأثار مخاوف وقلقا كبيرين بشأن إمدادات الطاقة في القارة العجوز، لتزامنه مع تعطل خط أنابيب "فورتيس".

العالم يترقب

- بعيداً عن الصين وأثرها في السوق العالمي، يرى محللو "إس آند بي غلوبال بلاتس" أن استجابة السوق للصدمات، التي شهدتها أوروبا أظهرت مرونة منظومة الغاز الطبيعي بالقارة العجوز.

- لكن الرئيس التنفيذي لشركة "إيني" "كلودي ديسكالزي" قال، إن الأزمة أظهرت المخاطر، التي تواجه إيطاليا، والمتمثلة في اعتمادها على واردات الغاز، مضيفاً: لو استمر اضطراب إمدادات "بومغارتن" لن نكون قادرين على امتصاص الصدمة.

- لحسن الحظ، عاودت أسعار الغاز التراجع مرة أخرى وبدأت الإمدادات في التعافي مع إعادة فتح منشأة "بومغارتن" في النمسا، إلى جانب بدء تصدير الغاز الطبيعي المسال من مشروع "يامال" في شمال روسيا.

- بالعودة إلى الصين، من المتوقع أن تعزز الأمة الآسيوية إنتاجها من الطاقة المتجددة لتفوق جميع أشكال توليد الطاقة الأخرى وبفارق الكبير بحلول عام 2040، وحتى ذلك الحين سيكون العالم في حالة ترقب.