وثيقة لها تاريخ : 59 مغاصاً من الكويت إلى رأس تنورة كما وردت في وثيقة عام 1906
من الجميل أن نعثر على وثائق قديمة توثق لنا ما مضى من أحداث وتاريخ، وتزيل الغموض الذي يلف بعض القضايا، وتُنهي الجدل والتحليل حول المسائل المختلف بشأنها. وتنبع أهمية ومصداقية الوثائق القديمة من كونها كُتبت في وقتها، وبيد مَن شارك في الحدث أو الموضوع، ولم يكن في حينها يتصوَّر أن تكون هذه الوثيقة محفوظة، ليطلع عليها بعد مئة عام أو أكثر المهتمون والباحثون. لقد حفظت الأرشيفات العربية والأجنبية آلافاً، بل عشرات الآلاف من الوثائق النادرة، التي تنتظر من الباحثين الاطلاع عليها ونشرها للقرَّاء، ليستمتعوا بما ورد فيها من معلومات وتطورات وأخبار واجتهادات.
أعتبر نفسي محظوظاً جداً، حيث يسَّر الله لي أن أزور الأرشيف البريطاني في لندن عدة مرات، والأرشيف العثماني في إسطنبول، لأجد فيهما آلاف الوثائق، التي نشرتُ عدداً منها خلال السنوات الثماني الماضية في هذه الزاوية الأسبوعية. وإنني أرغب في نشر المزيد من هذه الوثائق، خصوصاً ما يتعلق بالعلاقات السياسية بين زعماء الدول الخليجية، لولا أن ذلك يصطدم بسياسة وتوجهات الصحافة، والقيود التي تلفها. أقدِّم لكم اليوم وثيقة ممتعة توضح الدقة البالغة للإنكليز في تتبع قضاياهم، وتوثيقها، ودراستها، وعدم الاستهانة بها، مهما صغر أمرها، أو قلَّ شأنها. وثيقتنا اليوم تعود إلى عام 1906، وهي عبارة عن قائمة أعدَّتها المعتمدية البريطانية في الكويت، وتضم أسماء المغاصات الكويتية القديمة (الهيرات)، ولا أدري لماذا يوثق الإنكليز مغاصات اللؤلؤ، ويرسلون تقريراً بأسمائها، فهي مواقع يصعب على غير المختصين التعرف عليها والوصول إليها، كما أنها لا تعنيهم بشيء مطلقاً. ومع ذلك، نجد أنهم يوثقون أسماءها، ويحددون مواقعها على الخرائط. بل إن دقتهم وصلت إلى حد توضيح النطق الصحيح للكلمة، فتجد في القائمة أن كل اسم ورد فيها عليه تشكيل يوضح الضمة والفتحة والشدة، وغير ذلك. وثيقة اليوم تضم قائمة بـ 59 مغاصاً يبدو أنه رُوعي في كتابتها الترتيب الجغرافي من الشمال إلى الجنوب، وجاء عنوان الوثيقة باللغة الإنكليزية، وترجمته "قائمة مغاصات اللؤلؤ من الكويت إلى رأس تنورة أُعدت في الكويت بمساعدة النوخذة صالح". وتبدأ القائمة بمغاص "غميضة"، ثم مغاص "جليعة"، فمغاص "دوحة الزرق"، وتستمر في توثيق كل المغاصات بعد ذلك، وتنتهي بمغاص "الركيكة"، و"الوشير"، و"الركسة"، وأخيراً عند رأس تنورة مغاص "شِقّته". وقد لاحظت أن القائمة تتضمن مغاصات لم نسمع بها من قبل، مثل: "بوعظم"، و"أبوالعروق"، و"الجعيمة"، وغيرها. أتمنى أن تستمتعوا بالاطلاع على الوثيقة، وما ورد فيها، وإلى لقاء في يوم الجمعة المقبل، ووثيقة جديدة بعون الله تعالى.