بعد ثلاث سنوات على تسبب الزيت الصخري في الضغط على أسعار النفط، قد لا يمكنه الانتعاش الحالي من تلبية الطلب العالمي، بسبب ما شهدته الصناعة من تخفيض حاد للاستثمار في المشاريع الكبرى التي تنطوي على درجة أعلى من المخاطر.وكان استكشاف الاحتياطيات الجديدة الضعيف في هذه السنة قد عوض نحو 11 في المئة من الإنتاج، بحسب تقرير صدر في 21 ديسمبر عن الشركة الاستشارية رايستاد انرجي. وفيما اتسم انتاج آبار الزيت الصخري بفائض حتى الآن، قد يشهد العالم عجزاً في هذا الانتاج في موعد لا يتجاوز سنة 2019، إذا لم يتم ضخ المزيد من الاستثمارات في حقول انتاج زيت صخري وتقليدي كبرى جديدة، بحسب شركة صنكور انرجي الكندية.
وقال آدم ووتروس، وهو الرئيس التنفيذي لصندوق ووتروس انرجي، الذي يتخذ من كالغاري مقراً له، والذي يستثمر ما يصل الى 400 مليون دولار كندي (265 مليون دولار أميركي) ان الزيت الصخري لن يحل مشكلة العرض والطلب على مستوى العالم، وأن الأمر سيتطلب وقتاً طويلاً لعودة المشاريع الضخمة". ومكنت تقنية التكسير الهيدروليكي من استخراج الخام من تشكيلات صخرية ضيقة، وجعلت من الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، ولكنها خفضت سعر الأساس العالمي للنفط من 115 دولاراً للبرميل في 2014 الى أقل من 55 دولاراً بحلول شهر أكتوبر. وقضى ذلك على رغبة الشركات في استثمار المليارات من الدولارات على احتياطيات يتطلب تطويرها بضع سنوات، ويتواصل انتاجها لعقود من الزمن.ويتعين أن ترتفع أسعار النفط الى 80 دولاراً، وأن تظل عند ذلك المستوى لسنتين على الأقل من أجل تبرير مشاريع التنقيب المكلفة في المياه العميقة قبالة سواحل غرب افريقيا أو البرازيل، وفقاً لووتروس. وحتى عندئذ قد يتطلب الأمر عقداً من الزمن قبل أن يطرح خام تلك الاستثمارات في الأسواق. وقد لامست الأسعار 66 دولاراً في الأسبوع الماضي. ويركز المنتجون اهتمامهم الآن على احتياطيات أصغر وأقل خطراً. وفي سنة 2013 عندما وصل الاستثمار الى ذروته وكانت الأسعار أعلى من 90 دولاراً بدأت هذه الصناعة بمشاريع جديدة استهدفت بشكل نموذجي احتياطات قدرت بنحو 1.1 مليار برميل وكلفت 9 مليارات دولار لكل مشروع، بحسب تقرير صدر في شهر يناير عن شركة وود ماكينزي. ويتوقع أن تكون هذه المشاريع انكمشت في سنة 2017 الى 500 مليون برميل للمشروع الواحد، بتكلفة تصل الى ثلاثة مليارات دولار في المتوسط. وقال جون انغلاند، وهو رئيس موارد الطاقة لدى شركة ديلويت الاستشارية في هيوستن ان ثورة الزيت الصخري "جعلت الناس أكثر إدراكاً لعدم توظيف رأس المال لوقت طويل كما كان الحال في الماضي".ويرجع ذلك بشكل رئيسي الى خسارة ما أنفق على عمليات التكسير في تشكيلات الزيت الصخري في أميركا الشمالية في ولايات مثل تكساس وداكوتا الشمالية.وتاريخيا كانت شركات مثل شل واكسون- موبيل تستثمر عشرات المليارات من الدولارات ولسنوات طويلة في تطوير احتياطيات ضخمة من النفط التقليدي في مناطق معزولة مثل شمال ألبرتا وكازاخستان أو في وسط المحيط. ولكن الزيت الصخري يختلف، اذ يمكن أن يستغرق حفر بئر نفط محكم سنة واحدة مقابل بضعة ملايينمن الدولارات، مما يضاعف حجم المخاطرة عندما تهبط الأسعار.ان مكامن الزيت الصخري التي كانت تشكل دورامتواضعا في الأسواق العالمية قبل عقد من الزمن من المتوقع لها أن تضخ 7.5 ملايين برميل في اليوم بعد 4 سنوات، وربما لن يبلغ انتاجها الذروة الا بعد عام 2025، بحسب منظمة أوبك. وكان تأثيرها ملموسا تماماً بحيث اضطرت "أوبك" إلى خفض إمداداتها بغية وقف الهبوط في الأسعار.
الهدف المروع
ولكن كما كان الزيت الصخري الأميركي مؤثرا، فإن احتياطاته وحدها تواجه "مصيراً مروعاً" يتمثل في مدى امكانية استمرار الزيادة لمواجهة الزيادة في الطلب العالمي اذا لم تواكب ذلك مشاريع نفوط تقليدية – بحسب تقرير لوكالة الطاقة الدولية في سبتمبر. وفي وقت سابق من هذه السنة قال باحثون في معهد ماساسوشتس للتقنية، إن حكومة الولايات المتحدة ربما تكون قد بالغت في احتمال النمو المستقبلي لإنتاج الزيت الصخري بسبب خلل في الافتراضات المتعلقة بتقنية استخراج النفط.مزيد من التوسع
من بين المشاريع النفطية العشرة التي أقرتها شركات في سنة 2017، واستهدفت ما لا يقل عن خمسين مليون برميل من الاحتياطات اثنان فقط – كا رونغ دو بلوك من ريبسول اس ايه في فيتنام وليزا فيز 1 من اكسون قبالة غويانا – تم تصنيفهما على شكل حقول جديدة سوف تنتج للمرة الأولى، بحسب معلومات قدمتها وود ماكينزي.وبدلاً من ذلك، قالت شركات انها ستحاول استخراج المزيد من النفط من الاحتياطات التي لديها في الأساس. وفي كندا تستثمر امبريال اويل 550 مليون دولار ممن أجل توسيع طاقتها من منجمها لرمال الزيت كيرل بنسبة 9 في المئة. وستضيف شيفرون 20 ألف برميل يومياً من أربعة آبار في منصة تاهيتي في خليج المكسيك. وقبالة ساحل النرويج تخطط شركة ستات- أويل لتطوير حقل بوغ النفطي في قاع البحر وربط البئر بمنصة تعمل منذ عشرين سنة.ولكن الأمور قد تتغير في سنة 2018، وبعد أكثر من سنة من خفض الإنتاج من قبل "أوبك"، حيث بدأت الأسعار بالتعافي، ولامست أعلى سعر لها في 30 شهراً أي أكثر من 66 دولاراً في الأسبوع الماضي مقارنة مع 44 دولاراً في شهر يونيو.زيادة إنفاق
وقالت وود ماكينزي في تقريرها في الخامس عشر من شهر ديسمبر، إن نحو 80 في المئة من المشاريع التي نوقشت لسنة 2018 كانت جديدة. وقد شجعت المكاسب منتجي النفط على زيادة انفاق رأس المال بحوالي 4.5 في المئة في العام المقبل ليصل الى 261.6 مليار دولار، بحسب تنبؤات بلومبيرغ انتلغنس.وعلى الرغم من ذلك يظل هذا المستوى من الاستثمار أدنى بكثير من ذروة الـ495.9 مليار دولار في سنة 2013. ويقاوم العديد من المنتجين الآخرين كل تغيير، وقالت بايونير ناتشرال ريسورسز، وبارسلي انرجي ونيوفيلد اكسبلوريشن –وهي بين أكبر شركات الحفر المستقلة –انها لن توسع أنشطتها حتى في حال ارتفاع أسعار الخام.