تسببت المعارك العنيفة المستمرة بين القوات الحكومية وفصائل جهادية ومقاتلة عند أطراف محافظة إدلب، الخارجة عن سيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد منذ أكثر من عامين، في مقتل العشرات، ودفعت عائلات إلى النزوح.

وبعد شهرين من المواجهات المتقطعة، بدأت قوات النظام، الاثنين، بدعم جوي روسي، هجوماً واسعاً عند الحدود الإدارية بين محافظتي إدلب (شمال غرب) وحماة (وسط)، يهدف إلى السيطرة على ريف إدلب الشرقي، حيث استعادت عدداً من القرى والبلدات، بعد طرد «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل إسلامية منها.

Ad

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، مقتل 27 عنصراً من قوات النظام وحلفائها، مقابل 20 مقاتلاً من الفصائل في الساعات الـ24 الأخيرة، جراء المعارك، في بلدات عدة بمحافظة إدلب. وأفاد أيضا بمقتل 19 مدنيا على الأقل، بينهم سبعة أطفال، منذ الخميس جراء الغارات الداعمة للهجوم.

قصف كثيف

وكثفت قوات النظام، أمس، وفق المرصد، «قصفها للمنطقة بشكل غير مسبوق منذ أشهر».

وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس في منطقة محاذية لتلك التي تدور فيها المعارك، أعمدة الدخان تتصاعد من عدد من القرى والبلدات، تزامناً مع دوي غارات كثيفة تنفذها طائرات حربية تحلِّق في سماء المنطقة.

إلغاء الصلاة

وأعلنت المساجد في المناطق المجاورة، عبر مكبرات الصوت، إلغاء صلاة الجمعة، ودعت السكان لملازمة منازلهم.

وأفاد مراسل «فرانس برس» عن خلو قرى وبلدات من سكانها، كما شاهد عشرات السيارات المحملة بالمدنيين مع حاجياتهم تغادر المنطقة.

ونزحت منذ بدء الهجوم، الاثنين، وفق المرصد، مئات العائلات، جراء كثافة الغارات.

وخرجت محافظة إدلب الحدودية مع تركيا عن سيطرة القوات الحكومية منذ عام 2015، بعد سيطرة تحالف فصائل إسلامية وجهادية عليها.

ولاحقاً في عام 2017، تسبب اقتتال داخلي في فك هذا التحالف. وباتت هيئة تحرير الشام تسيطر منذ أشهر على الجزء الأكبر من المحافظة، فيما يقتصر وجود الفصائل الإسلامية على مناطق أخرى محدودة فيها. إلا أن هذه الفصائل تنسق حالياً فيما بينها للتصدي لهجوم قوات النظام، وفق المرصد.

وتشكِّل محافظة إدلب، مع أجزاء محاذية لها من محافظات حماة وحلب (شمال) واللاذقية (غرب)، إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في مايو، بموجب محادثات أستانة، برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً بإدلب في سبتمبر. ويأتي تحرك قوات النظام باتجاه إدلب، بعد انتهائها من آخر أكبر المعارك ضد تنظيم داعش في محافظة دير الزور (شرق) الحدودية مع العراق.

وشكَّلت إدلب خلال العامين الماضيين وجهة لمقاتلين معارضين ومدنيين تم إجلاؤهم من مناطق عدة في سورية، قبل أن تستعيد القوات الحكومية السيطرة عليها.

وتوقع محللون أن تشكل إدلب الهدف المقبل لقوات النظام وحليفته روسيا، بعد الانتهاء من المعارك ضد «داعش».

الغوطة

وقرب دمشق، استكملت ليل الخميس- الجمعة عملية إجلاء استمرت ثلاثة أيام تم خلالها إخراج 29 مريضاً، بينهم 17 طفلاً، من الغوطة الشرقية، وفق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. وأوضح مصدر طبي في الغوطة لـ«فرانس برس»، رافضاً الكشف عن هويته، أمس، أن الدفعة الأخيرة تضمنت «13 مريضاً، هم ستة أطفال، وأربع نساء، وثلاثة رجال».

وتمَّت عملية الإجلاء على ثلاث دفعات منذ الثلاثاء، بموجب اتفاق بين القوات الحكومة و»جيش الإسلام»، الفصيل الأبرز في الغوطة، الذي أفرج بدوره عن 29 أسيراً من مدنيين ومقاتلين موالين للنظام لديه.

وتعليقاً على عملية الإجلاء المحدودة، قال رئيس مجموعة العمل الإنساني التابعة للأمم المتحدة في سورية، يان إيغلاند: «ليس اتفاقاً جيداً حين يتم تبادل أطفال مرضى بأسرى، هذا يعني أن الأطفال تحولوا إلى أداة للمساومة. إنه أمر لا يجدر أن يحدث».

بيت جن

إلى ذلك، أكد الإعلام الحربي التابع لحزب الله، بدء وصول «الباصات الخضر» إلى بيت جن في الغوطة الغربية، وهي آخر جيب يخضع لسيطرة جبهة النصرة في الغوطة الغربية، لنقل المسلحين الذين وافقوا على ترحيلهم إلى إدلب، بموجب اتفاق يقضي بوقف العمليات العسكرية هناك، وإخضاعها لسيطرة الجيش السوري.

وقالت مصادر إعلامية مقربة من القوات الحكومية السورية لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن "عددا من سيارات الإسعاف و15 حافلة دخلت إلى مزرعة بيت جن، مركز تجمع الحافلات التي تقل مسلحي المعارضة إلى محافظتي إدلب ودرعا، بعد إجراء عمليات تفتيش دقيق لتلك الحافلات من قبل الجيش السوري".

وأكدت المصادر أن "الحافلات، التي أنهت عملية التحميل للمسلحين وعائلاتهم، تتجمع على أطراف بلدة بيت جن، وكذلك سيارات الإسعاف لنقل المرضى والمصابين، حيث ستنطلق دفعة واحدة باتجاه درعا وإدلب، ويبلغ عدد الحافلات التي توجهت إلى أطراف بلدة سعسع أكثر من 70 حافلة، لكن عدد المسلحين الذين سيغادرون مساء غير معروف حتى الآن".

بوتين

في سياق آخر، وقَّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قانون بشأن المصادقة على الاتفاقية بين روسيا وسورية لتوسيع مساحة مركز الإمداد المادي والتقني في طرطوس.

وجاء في نص القانون الذي نُشر على بوابة المعلومات القانونية: «المصادقة على الاتفاقية بين روسيا وسورية، لتوسيع مساحة مركز الإمداد المادي للأسطول الحربي البحري».