أكد العالم الفلكي العم د. صالح العجيري، أن الكويت بلد تسامح ديني عاش فيه المسلمون إلى جوار اليهود والمسيحيين، موضحاً أن اليهود انتقلوا إلى إسرائيل تدريجياً بعد ظهور نغمة الصهيونية، بينما كانت بداية المسيحيين في البلاد قليلة ثم ارتفع عددهم إلى 200 شخص أو أكثر.

وكشف العم العجيري، في حوار لـ«الجريدة»، أن حبه لعلم الفلك بدأ يتكون منذ صغره، حينما أرسله والده إلى البادية ليتعود الحياة الخشنة، وتبلور أكثر فأكثر عندما بدأ يخاف الظواهر الطبيعية كالمطر والبرق والرعد والظلام، ومن باب اعرف عدوك، شغف العم صالح بالفلك ليتحاشى خوفه، ويبدد خشيته من الظواهر الطبيعية.

Ad

وانتقل الحوار إلى الحديث عن بدايات التعليم في الكويت، ونظرته للمناهج التعليمية حالياً، ونصائحه للمعلم الكويتي، فقد أكد أن التعليم في بداياته كان مختلفاً جداً عنه الآن، نظراً لاختلاف المناهج والمدرسين والحياة بشكل عام.

وفي حديثه عن الزلازل، أوضح أن الكويت وشبه الجزيرة العربية عموماً بعيدة عن الزلازل، وكل ما يحدث فيها مجرد هزات أرضية تابعة تكون درجاتها من 4 إلى 5 درجات، لافتاً إلى أن أهل الكويت قديماً لم يكونوا يشعرون بهذه الهزات، نظراً لأن بيوتهم كانت عبارة عن دور واحد، أما الآن فاتسعت الرقعة السكانية، ولذلك أصبح الشعور بالهزات الأرضية المصاحبة للزلازل أمراً طبيعياً... وكانت مجريات الحوار كالتالي:

• الكويت تتميز بأنها واحة للتعايش الديني... ماذا عن وجود اليهود بها؟

- الكويت بلد تجاري، وهو ما سمح لليهود بالعمل فيها، فقد جاؤوا من العراق لأجل ذلك، وكان عددهم نحو 200 شخص، وكانوا يعملون في التجارة وصناعة الخمور، وبيع الأقمشة الخام في السوق الكويتي، مقابل مسجد السوق الصغير، حيث كانت توجد قيصرية اليهود لبيع الأقمشة الخام، وعرف هذا المكان قديما بسوق اليهود، فبمجرد سؤال أي سيدة عن مكان تسوقها وتقول إنها أتت من سوق اليهود، يعرف على الفور أنها كانت تشتري أقمشة خاما.

وأمي، رحمها الله، كانت تقول لي دائما دير بالك من اليهود، لأنهم إن صادوا أحد يدغدغونه حتى الموت، وهم لا يأكلون اللحم الخاص بنا ولكن الحمام، وكان خالي يبيع الحمام، ومعروف عن اليهود انهم يبحثون عن الحمام السمين وفي نفس الوقت الرخيص الثمن، لكن خالي كان يبيع لهم الحمام القلابي، وهو خفيف وغالي الثمن، وكانوا يقولون له قلابي ما نبيه.

• وهل أصبح اليهود أصحاب أملاك في الكويت؟

- صاروا بعد ذلك تجاراً وتملكوا في الكويت، وعلى سبيل المثال ساحة العلم كان يملكها التاجر اليهودي صالح محلب، الذي اختلف مع كويتيين ثم تصالح معهم بعد ذلك وكل منهم أخذ نصف المكان، سمعت، ولكنني غير متأكد من صحة هذا الكلام، أنه إذا صادف عيد المسلمين يوم السبت كان يؤخذ من كل يهودي ليرة، كجزية، والحقيقة أنهم خدموا البلد، وكان لهم مقبرة تسمى مقبرة اليهود في شرق، لكنها أصبحت بعد ذلك بنايات، وهناك عمارة الخليجية في الشرق بجوارها مقبرة يقولون عنها انها مقبرة لليهود، لكنني أظن غير ذلك لان مقبرة اليهود هدمت.

ولكن تدريجيا انتقل اليهود إلى إسرائيل بعد ظهور نغمة الصهيونية، وكنا نتعامل مع أحدهم ويدعى جورج رافاييل يعقوب، فقد كان سريعا جدا في عد الأموال «الروبية»، وأذكر أن آخر من سكن منهم في الكويت كان يعمل صباغ أحذية، وكان يتحدث باللهجة الفلسطينية».

وفي بداية الأمر لم يكن هناك جنسية، وكان الرجل الذي يأتي ببضاعة ويبيعها في الصفاة ثم يعود إلى بلاده لا يعتبر كويتيا، وكان يطلق على الشخص الذي يمتلك بيتا أو دكانا أو عمل مدة طويلة في البلاد لقب «كويتي»، أما التجار والغواصون الذين يذهبون ويعودون فلم يلقبوا بذلك، وأحيانا كان يطلق على اليهود لقب الكويتيين».

وهناك شارع في تل أبيب اسمه شارع الكويتيين، وسموا داود المغني الكويتي لأنه كان يغني في بلاد العراق والشام، وكذلك صالح الكويتي، وسموا بذلك لأنهم لم يغنوا في الكويت إلا قليلا، إذ لم يكن مسموحا بالغناء في الكويت».

المسيحيون

•وماذا عن المسيحيين في الكويت؟

-كانت بدايتهم قليلة، وأنا لحقت عليهم، ومنهم يعقوب الشماس، أحد الأرمن المضطهدين في بلاد الشام والذي ذهب إلى العراق ثم إيران، وهناك قالوا له إن في الكويت إرسالية أميركية لديهم مستشفى يحتاجون فيه إلى ملا يقرأ على المرضى قبل الدخول لإجراء العمليات تبركا بالانجيل وكلام المسيح، وبالفعل جاء إلى الكويت للعمل في المستشفى الأميركي»، و»كان منهم تلاميذ زملاء لي في المدرسة المباركية، أحدهم اسمه سعيد يعقوب شماس، إلى أن صاروا 200 شخص أو أكثر».

عالم الفلك

• العم صالح العجيري قضى سنوات طويلة من البحث العلمي الدقيق في علم الفلك، كيف بدأ هذا الحب؟

- دخلت علم الفلك من ثلاثة أبواب، الباب الأول أنني في صغري كنت أخاف الظواهر الطبيعية، وأخشى البرق والرعد والأمطار الغزيرة والظلام وما إلى ذلك، فدخلت علم الفلك من باب «اعرف عدوك»، وما دمت عرفت العدو وحددته فقد عرفت كيف أتقيه وأتعامل معه.

أما الباب الثاني، فوالدي رحمه الله أرسلني في صغري إلى البادية لأتعلم الفروسية والرماية والحياة الخشنة، وهناك كنت ضيفاً على قبيلة الرشايدة، وعرفت منهم ما يتعلق بالمواسم والفصول بالنسبة إلى أرباب البادية، حيث يتم اعتماد الحساب عندهم باقتران الثريا بالقمر، وذلك باقترابهما من بعضهما بعضاً كل شهر، وكل اقتران يدل بإذن الله على تغير مناخي معين، وقد قيل بالاقتران أسجاع تدل على التغير الذي سيحصل فيه، من ذلك قول العرب: قران حادي برد بادي، قران تاسع برد لاسع، قران سابع مجيع وشابع، وقران خامس ربيع طامس.

وبعد ذلك كنت شغوفاً بعلم الفلك وأنا صغير، ولم يكن هناك من معلمين للفلك في الكويت، أو كتب دراسية تعتني بذلك، أو مراجع أو جداول وما شابه ذلك، يعود إليها المهتم بالفلك، إلى أن وقع في يدي كتاب اسمه المناهج الحمدية لأحد مشايخ الأزهر الشريف ويدعى عبدالحميد مرسي غيث، وهو كتاب يتعلق بطريقة الحساب الفلكية بالنسبة إلى الشمس والقمر. قرأت الكتاب عدة مرات وتعلمت منه الكثير، ولكن بعضاً من الدروس التي احتواها لم أفهمها فقررت الذهاب للقاء المؤلف في مصر لفهم ما صعب علي.

ثم تواصلت بعد ذلك مع نواخذة البحر في الكويت، وعرفت منهم الطرق التي يتبعونها في أعماق البحار وفي الجزر وهبوب الرياح وهطول المطر وأشياء أخرى تتعلق بالبحر. ثم درست كثيراً في مصر عن الفلك دراسة مستفيضة، وكان لي تواصل وعلاقة مع مرصد «غرينيتش» ومع مرصد البحرية الأميركية، وبينما كان الناس يذهبون للقاهرة للتمتع بجمالها السياحي ورؤية آثارها كنت أذهب أنا لرؤية المرصد، فقد كنت مشغوفاً جداً بعلم الفلك، حتى حصلت منه على بغيتي، وأسأل الله أن يوفقنا إلى ما فيه الخير دائماً.

مدرسة علمية

• العجيري يمثل مدرسة علمية كبيرة كثيراً ما تفخر بها الكويت، وفي ضوء هذا، كيف ترى التعليم في البلاد بالوقت الحالي؟

- الحقيقة هناك تقصير كبير في علم الفلك بالكويت، أما عن التعليم عموماً، فإن زماننا يختلف كثيراً عن الوقت الحالي، إذ كان المعلمون الفلسطينيون الذين أخلصوا في تعليمنا وأحضروا لنا الكتب الدراسية والمناهج من بلاد الشام والعراق، وبالفعل تخرجت على أيديهم كوكبة من الكفاءات الكويتية المتميزة، أما الآن فالمعلم المصري رغم كفاءته وقدرته العالية، فإنه لا يقارن بنظيره الفلسطيني.

المعلم الكويتي

• ماذا عن المعلم الكويتي، وما ينقصه، وما ذكرياتك عن بداية التعليم في الكويت؟

- المعلم الكويتي عليه أن يخلص في عمله، وأن يضع نصب عينيه دائماً الرغبة في الإجادة، اقتداء بأساتذتنا الأولين.

والتعليم قديماً كان يعتمد على الشيخ المطوع، وكان عبارة عن صف واحد ومدرس واحد، وكانت هناك مدرسة موازية للبنات تقوم على تدريسهن مطوعة، وكان التعليم فيها مختلطاً بين البنات الصغيرات والأولاد الصغار، وبعدها يكمل الأولاد تعليمهم في مدارس الكبار.

ولم تكن هناك وزارة للتربية أو المعارف كما هو متعارف عليه الآن، وكان المعلم «المطوع» يحصل على راتبه أو أجره كل يوم خميس من الطلبة، وكانت تسمى الخميسية على غرار العيدية وهكذا.

أما في القرن العشرين فنظام التعليم تغير كثيراً، إذ أنشئت المدرسة المباركية على يد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، رحمه الله، الذي يقول كنا جلوساً في إحدى الديوانيات نحتفل بالمولد النبوي الشريف، وكان الشيخ ابن جنيدل يقرأ علينا قصيدة البرزانجي في مدح الرسول، ودخل علينا الشيخ الطبطبائي وسألنا ماذا تفعلون، فقلنا نحتفل بالمولد النبوي الشريف، فقال لنا ما هكذا يحتفل بالنبي ومولده، بل باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وتعليم الناس وهذا لا يكون إلا في المدارس، وفور سماعنا كلمة المدارس، والكلام للشيخ يوسف، قررت الذهاب إلى الشيخ جابر ولي عهد مبارك الكبير، واستأذنته وجمعنا المال من المحسنين والتجار ومحبي الخير، وأحضرنا أدوات من الهند والكويت إلى جانب العمالة وبنينا المدرسة المباركية، وجلبنا لها المدرسين من الخارج والداخل.

وأسس الشيخ يوسف مجلس إدارة المدرسة واقترح دخول اللغة الإنكليزية في التعليم، وعقب ذلك أنشئت المدرسة الأحمدية سنة 1921 وفي عام 1936 أنشئت دائرة المعارف، وحضر إلى الكويت أربعة معلمين من فلسطين أرسلهم مدير القدس الشريف إلى البلاد فغيروا المناهج وأحضروا كتباً من بيروت والشام والعراق، وفي سنة 1938 كان هناك تدريب نظامي للبنات في أول مرة بالكويت، ولم تكن هناك مدرسات كويتيات إلا مريم الصالح، إلى جانب ثلاث مدرسات فلسطينيات، وفي بداية الأمر لم يتقبل أولياء الأمور وجود إخوان المدرسات الفلسطينيات كمحرم في مدارس البنات، إلى جانب الغضب من بعض الأفكار التي تناقلتها البنات إلى بيوتهن، لكن الأمر صار واستمرت الدراسة، والآن كما ترى أصبح التعليم يضم مراحل مختلفة وأصبحت الكويتيات فاعلات في المجتمع ووزيرات وأعضاء في مجلس الأمة

العادات والتقاليد

• العجيري فصل العادات والتقاليد الكويتية، برأيك هل مازلنا عليها أم هناك تغيرات جوهرية طرأت علينا؟

- طبعاً تغيرت العادات والتقاليد بتغير نمط الحياة الاجتماعية، فقبل النفط كانت المهن الكويتية تقتصر على الغوص والسفر والتجارة ولا شيء آخر، وانخفض بيع اللؤلؤ بسبب الكساد العالمي، كما أن اليابانيين صنعوا اللؤلؤ، واستخرجوا الطبيعي منه أيضاً، وفي عام 1912 حدثت زيادة كبيرة في محصول اللؤلؤ وكان الموسم يسمى وقتها بموسم الطفحة.

هزة أرضية

• شهدت الكويت هزة أرضية الشهر الماضي بلغت ما بين 4 و5 درجات، هل الكويت بلد زلازل؟ وهل هناك مخاطر مستقبلية؟

- في قديم الزمان حصلت هزة أرضية كبيرة في بلاد الشام ولبنان وقسمت جبال لبنان إلى قسمين شرقية وغربية، وشق البحر الميت والأحمر وهضبة البحيرات، وكان هناك شق عظيم فصل الهضبة الشرقية عن الغربية، لذلك لن يحدث، بإذن الله، زلازل في شبه الجزيرة العربية، بل هزات أرضية، أما إيران فهي تابع لحزام الزلازل مع الصين واليابان وأفغانستان وإيطاليا و((أميركا الغربية)).

وقديما لم يكن أهل الكويت يشعرون بالهزات الأرضية التابعة للزلازل التي تحدث في البلاد القريبة منهم، أما الآن فأصبحوا يشعرون بها لاتساع الرقعة السكانية، وكثرة العمارات العالية، خلافا لما كان في السابق حيث كانت البيوت أرضية.

• دخلنا الفصل الشتوي كيف سيكون، وما سبب شح الأمطار على الكويت سنوات طويلة؟

- المطر تأخر هذه السنة، ومن المتوقع غياب الفقع، لأن المطر لم يأت في موعده.

• كلمة أخيرة

- يجب أن نحافظ على ما حافظ عليه آباؤنا وأجدادنا من الأخلاق والعادات والدين، وتجنب الانحراف عن الطريق القويم، وأطلب من المواطنين والمقيمين، على حد سواء، أن يمتثلوا لأوامر دينهم.

من الكويت إلى القاهرة... سيارة وقطار وباخرة وحمار

قال العجيري، إن حبه لعلم الفلك دفعه إلى الذهاب إلى جمهورية مصر العربية لالتقاء صاحب كتاب المناهج الحمدية عبدالحميد مرسي غيث، ولكن لم تكن هناك طائرات في ذلك الوقت، فاضطر إلى ان يذهب بالسيارة إلى البصرة، ومن البصرة إلى بغداد بالقطار، ومن بغداد إلى الشام بالسيارة، ومن بيروت استقل الباخرة السورية إلى الإسكندرية، ثم ركب القطار إلى القاهرة.

وأوضح العجيري أنه ركب في مصر حمارا «وسيلة نقل عادية في ذلك الوقت لدى الفلاحين»، ليبحث عن المؤلف الذي وجده في محافظة الشرقية، وقد بلغ من الكبر عتيا.

إنشاء مركز فلكي

خلال مسيرة حياته، كان الفلكي العجيري يحلم بإنشاء مركز فلكي كبير في شبه الجزيرة العربية، التي تقع على خط عرض شمالي متدن وما تتميز به من صفاء الجو وعدم وجود مراصد فلكية في هذه المنطقة من العالم، كما أنه يمكن رؤية جزء من السماء الجنوبية التي لا يمكن رؤيتها في المراكز الفلكية الموجودة في أوروبا شمالاً، ففكر في تنفيذ هذا المركز ليكون مركزاً علمياً كبيراً في دولة الكويت، لكن عدم توفر الإمكانات المادية خلال فترة طويلة من حياته حال دون تنفيذ هذا الحلم الذي ظل يراوده أكثر من أربعين عاماً.

وفي نهاية الستينيات وبداية السبعينيات لاحت في الأفق إشارات للبدء في تنفيذ هذا الحلم، فقد قرر إنشاء هذا المركز على نفقته الخاصة، وبالفعل اشترى قطعة أرض مساحتها 1000 متر مربع تقع في الزاوية الغربية الجنوبية من منطقة الأندلس، وكان أمامها أرض فضاء، ولا يوجد بالقرب منها أي إنشاءات في ذلك الوقت، فأقام حولها سوراً وبدأ في بناء المبنى الخاص بهذا المركز في عام 1972.

تكريم ودكتوراه فخرية

نال العجيري حظه من التكريم خلال مسيرة حياته الحافلة بالأعمال والإنجازات، ففي عام 1980 كلف أمير الكويت جابر الأحمد، رحمه الله، النادي العلمي ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي باتخاذ الخطوات اللازمة لتكريم العجيري على مستوى الدولة، وأقيم حفل التكريم وهو الأول لصالح العجيري على مستوى الدولة في فندق شيراتون في 30 ديسمبر 1980، وفيه قدمت إليه هدايا تذكارية من وزارات الدولة المختلفة.

وفي عام 1981 أقامت جامعة الكويت حفلاً مهيباً لتكريم العجيري، بحضور وزير التربية وزير التعليم العالي آنذاك خالد المرزوق، منحته خلاله شهادة الدكتوراه الفخرية في العلوم من كلية العلوم، وهي أول دكتوراه فخرية تمنحها الجامعة، في تاريخها، وأعلى الجوائز التي حصل عليها العجيري مطلقاً.

70 كتاباً و3 حقائب من الفلك

من الطرائف التي يرويها العم صالح العجيري، أنه لما التقى المؤلف المصري عبدالحميد غيث ووجده شيخا كبيرا، دله هذا الشيخ على أحد تلامذته الذين يتميزون في علم الفلك، واسمه عبدالفتاح وحيد أحمد، الذي أفهمه كثيرا من دروس اللوغريتمات والمثلثات الكروية.

واستدرك العجيري: «لكن الحلو ما يكملشي، على رأي المثل المصري، فقد كان لدى هذا الرجل مكتبة مكتظة بالكتب العلمية، وكنت أرغب في رؤيتها وتصفح الكتب التي بها، لكنه كان يأبى ذلك، وفي يوم من الأيام راسلتني زوجته لتخبرني أنه توفي، فدعوت له، وسألتها عن المكتبة، فقالت لي مرحبة: تعال وخذ ما تريد، واترك الباقي نتصرف فيه».

وتابع: «بالفعل ذهبت وفتحت الكنز الذي كنت أرغب فيه من زمن، وأخذت منه سبعين كتابا عن الفلك ملأت بها ثلاث حقائب، وسألت الزوجة عن ثمن هذه الكتب فردت ضاحكة: بدون مقابل (ببلاش) فقلت لها: ليش فأجابت: كانت ضرتي».