نوادي أجدادكم!
دار الندوة ونادي قريش وغيرهما من المجالس التي كانت تُعقد في عهود العرب القديمة، وفي كل قبيلة من قبائلها، غالباً ما يكون شيخ تلك القبيلة هو الذي يرأس المنتدى أو المجلس الذي يضم سادتها ورجالاتها، حيث تدور بينهم المناقشات والحوارات، وغالباً ما يبرز فيها الحكماء ممن يتمتعون بثقة وتقدير الجميع!• تُرى ما القضايا التي كانت تشغل أجدادنا؟!فأغلب ما وصلنا منهم: الأشعار - كالمعلقات - وذكر أحداث الحروب، والقليل القليل من الأمور الأخرى.
• الدكتور جواد علي كتب موسوعة عن عرب ما قبل الإسلام حفلت بذكر تفاصيل حياتهم، وبالذات في أنديتهم ومجالسهم، حيث ذكر أنواع المعارف التي كانت تُناقش فيها.***• أبدى العرب القدماء اهتماماً بأيامهم وأحداث حياتهم، وما يدور في قبائلهم، وأخبار الأمم الأخرى الماضية والمعاصرة والمجاورة لهم، وكانوا يتذاكرون أيامهم عن طريق الرواية الشفوية، كما كانوا يتفاخرون بأنسابهم وأمجادهم الداخلية والخارجية، وكانوا يناقشون أيضاً المعلومات الفلكية بحدود معرفتهم عن الأجرام والكواكب وأسمائها وأبعادها وأشكالها وحالات الكسوف والخسوف، وكانوا يتناظرون في أفضلية هذه الأجرام والكواكب، ويروون حولها القصص الكثيرة والمختلفة في تلك المجالس. وكانت المواضيع التي يطرحونها تعبر عن حياتهم، فضلاً عن آدابهم وأشعارهم التي كانت تحتل مكان الصدارة، وكانت المجالس دائماً تخوض في الأنساب وبطولات فرسانهم التي كانت تنال قدراً كبيراً من اهتمامهم، فضلاً عن العديد من الأمور التي كانت من صُلب اهتمامات القبيلة.أنواع المعارف التي كانت تُناقش في مجالس أجدادنا القديمة تؤكد حصيلتهم العلمية ومعارفهم المتنوعة، ومحاولاتهم الدؤوبة لإضافة كل جديد في مناقشاتهم.• فمجالس أجدادنا العرب بحصيلتها المتنوعة إذا قورنت بمجالس القبائل الأخرى - غير العربية - والتي كانت أغلبها مجالس سياسية تخوض في أمور الحكم والسياسة والفلسفة، وغالباً ما كانت تلك المجالس تُعقد بين المعابد وفي البيوتات الكبيرة، على نقيض مجالس العرب التي كانت تُقام في أندية خاصة بها داخل القبيلة أو في المدينة، ولها آدابها وأصولها.في كثير من الأحيان كانت مجالس العرب - قبل الإسلام - تتحول إلى أماكن للقضاء والفصل في الخصومات، سواء كانت داخل القبيلة أو بين قبيلة أخرى، ويقوم بها أشخاص حكماء يعد حكمهم نافذاً حسب الأعراف القبلية السائدة آنذاك.ومن الطريف الإشارة هنا إلى أن المناظرة والمفاخرة يحضرها أحد الشيوخ الكبار الموصوفين بالخبرة والحكمة، فإذا سمع مثلاً شعراً جيداً قرع الأرض وكافأ المنشد، وإذا سمع ما لا يعجبه ضرب رأسه بيده عقاباً للشاعر.وكان أجدادنا يتحينون أوقات المواسم واجتماع القبائل، ليقيموا مجالس البحث والشعر والمفاخرة، فينشد الشعراء ويخطب الخطباء، وغالباً ما كانت هذه الأماكن هي أسواق عرفها العرب قبل الإسلام لاسيما سوق عكاظ والمربد.وكانت العرب تجتمع بها سنوياً، يتناشدون أحدث الأشعار ويتبادلون مختلف الأخبار، وقد اشتهر النابغة الذبياني بحضورها، إذ كانت تُضرب له خيمة ويتوافد عليها الشعراء يُحكّمونه في شعرهم، فيصدر أحكامه لمن أجاد، ويعطي النصح لمن في أشعاره خلل.هكذا كانت مجالس أجدادكم أيها الأحفاد الذين استبدلتموها بالعم غوغل الذي أصبح يحدد شكل ثقافتكم!