استغرقت في كتابة مجموعتك القصصية "حور العين" عشر سنوات، ألا تعتقدين أن هذه الفترة طويلة جداً؟
المقصود بالسنوات العشر الفترة الزمنية بين تاريخ كتابة أول قصة في المجموعة وهي «الأميبا» عام 2006 والقرار بإصدار المجموعة. هذه القصص كُتبت على فترات زمنية مختلفة، وتجميعها استغرق أكثر من عشر سنوات، وخلال هذه الفترة أنهيت دراستي الأكاديمية بحصولي على الماجستير والدكتوراه بين عامي 2011 و2016 وأصدرت عدداً من أعمالي الأدبية.
تنوع قصصي
هل تفضلين دائماً التنوع في أساليب السرد، كما في هذه المجموعة؟أفضل فعلاً هذا التنوع وستجد أن ثمة استخداماً لضمير الأنا في قصتي «اللعنة، والشبكة العنكبوتية»، وثمة ضمير المخاطب في «ومن أحياها، وفيلم لأمي»، وإن كان يغلب عليها استخدام الراوي العليم، كما يغلب على المجموعة اللجوء إلى الفانتازيا مثلما هي الحال في قصص أعمالي السابقة فيديو كليب، والنبوءة، وفي انتظار من أتى، وقوس قزح»، وأرى أنه ليس من الضروري توافر ترابط بين قصص المجموعة، وأعتقد أن القارئ يتذكر القصة التي تعجبه وتؤثر فيه ويتكون لديه انطباع عام عن المجموعة القصصية.تتميّز النصوص التي تتضمنها المجموعة بكثير من الجرأة في تناول عالم المرأة، فهل هذا الطرح يأتي في إطار محاولة تغيير صورتها في المجتمعات الشرقية؟لا أهتم بفكرة تغيير صورة المرأة أو تثبيتها. أكتب ما أفكر فيه وما أشعر به. أكتب رؤيتي للعالم بغض النظر عن تفسيرات أو تأويلات المتلقي. وهنا أود القول إن الأدب في بلدنا ليس سلعة رائجة. نحن الكتّاب نعيش الواقع ونتفاعل مع اليومي بدرجات مختلفة، لكن ما تكتبه هو أدب الأقلية، أدب الغيتو. نحن نكتب لأنفسنا، إذ إن مستوى القراءة في عالمنا العربي ما زال متدنياً، والكتابات الأكثر انتشاراً ليست الأعلى قيمة، لكنها الأسهل والأيسر في القراءة.جسد المرأة
ألا تخشين التعرض للنقد في ظل الخوض في أمور ما زال البعض يراها من المحرمات كالحديث عن جسد المرأة؟نقد من؟ ونقد ماذا؟ هل تصدق أن الجسد الآن من المحرمات! وماذا عن ظواهر التحرش والاغتصاب وانتهاك المحارم؟ الواقع يفوق أي خيال. ما أخشاه حقاً ألا أكتب نصاً جيداً بالمعايير الفنية، لا يملك مقومات بقائه الذاتي، وألا تكون لديه أجنحة قادرة على التحليق وعبور الاعتيادي والرتيب والمكرر، ولا يسهم في تجديد خلقي وإعادة تشكيلي.المرأة والبعد الجمالي
هل تعتقدين أن تجارب الكاتبات السابقات في الكتابة عن المرأة نجحت في تغيير النظرة الدونية إليها في المجتمع الشرقي؟ترصد الكتابات الأدبية الواقع وتفتح آفاقاً جديدة للأحلام والمرجو والمأمول، وأعتقد أننا جميعنا نتذكر كتابات ملك حفني ناصف، ولطيفة الزيات، ونوال السعداوي، وفوزية مهران، وفاطمة المرنيسي، وغيرهن كثيرات، وكيف شجعن البنات على التعرف إلى أنفسهن وأسهمن في إدراكهن حقيقة ما يملكن من قدرات، وكيفية توظيفها لخدمة أنفسهن والمجتمع المحيط بهن. فتأثير الأدب تراكمي كجدول من الماء ينحت الصخر، تأثيره بطيء غير ملحوظ لكنه مستمر. وما غير نظرة المجتمع إلى المرأة هو ما نجحت المرأة في تحقيقه على أرض الواقع من مشاركات في مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والأكاديمية، فإنجازاتها ومساهمتها في التنمية في مصر وقدرتها على شغل أعلى المناصب بكفاءة واقتدار هي التي أوقفت النظرة الدونية إليها.دراسة الفلسفة
يبدو تأثرك بالبعد الجمالي والفلسفي كبيراً. ما مدى هذا التأثير في كتاباتك عموماً؟الفلسفة مشتقة من اللفظ اليوناني» فيلوسوفيا»، وتعني «حب الحكمة» وترتبط بشكل أساسي بالمفاهيم المتعلقة بالوجود والمعرفة والقيم والعقل واللغة، ودراسة الفلسفة تجعل المرء قادراً على المناقشات النقدية وطرح تساؤلات عن معنى الحياة والبحث في طبيعة العلاقات والأنساق القيمية في أي مجتمع، وهذا ما أحاول أن أقدمه في كتاباتي. فالكتابة لا تكتفي بالرصد، لكنها جزء من بقاء نص يكمن في قدرته على اكتشاف وتحليل أسباب ما يرصده من ظواهر، والأهم قدرته على جعل القارئ يتساءل، وأن يضع مسلماته وثوابته على طاولة التشريح وتحت المجهر. الكتابة من أجل التسلية ليست هدفي، في كتاباتي أمارس اللعب وقلب الحقائق الظاهرة والأدوار الجاهزة، وكل كاتب ينطلق من مرتكزاته الفكرية التي عليه أن يُخضعها كل حين وآخر للفحص وإعادة تشكيلها بما يخدم تجربته الإبداعية.عشق الزهور والشغف بالأفلام
تهتم الروائية صفاء النجار بزراعة الزهور، وتقول إن لديها حديقة صغيرة تزرع فيها الفل والجهنمية والكرازنتم والصبار، إضافة إلى النباتات العطرية كالروز ماري والنعناع والريحان. كذلك تحرص على التعرف إلى أنواع النباتات المختلفة، لافتة إلى أن عالم النباتات يجسد في فترات زمنية قصيرة صيرورة الحياة، ويجعلك دائماً في تتبع مستمر لدورات الميلاد والازدهار والذبول والموت ثم الانعتاق والتحرر والانبعاث، معربة عن أملها في امتلاك مشتل للزهور على ضفة النيل.وتذكر الناقدة الدكتورة عزة مازن أن أقل ما يقال عن رواية «حسن الختام» إنها تجربة إبداعية مدهشة.ولا تخفي الروائية المصرية شغفها الكبير بالأفلام السينمائية التي تحرص على مشاهدتها كجزء من تخصصها الأكاديمي، عقب حصولها على الدكتوراه من كلية الإعلام بجامعة القاهرة، مشيرة إلى أن أحدث فيلم شاهدته loving Vincent، وجمع بين متعة المشاهدة البصرية والتقرب إلى عالم الفنان التشكيلي الأشهر فان غوغ الذي تحرص على التعرف إلى تاريخه وإنتاجه الفني بعد زيارتها متحفه في العاصمة الهولندية أمستردام العام قبل الماضي.