في اليوم الرابع للانتفاضة العارمة في إيران، تجددت أمس التظاهرات المعارضة الحاشدة، وسط اتخاذ السلطات إجراءات أمنية مشددة.

وتداول نشطاء عبر موقع «تويتر»، أمس، مقاطع فيديو تظهر محتجين في مدينة بانة في إقليم لورستان غرب إيران، يرمون الحجارة تجاه مبانٍ حكومية ويشعلون إطارات السيارات ويطلقون شعارات ضد النظام، بعد سقوط قتيلين في مدينة دورود في الإقليم.

Ad

كما نشرت وسائل إعلام صورا لمئات المحتجين المعتصمين داخل جامعة طهران، منذ أمس الأول، حيث نظمت تظاهرة احتجاجية حاشدة، وهم يرددون شعارات معارضة تعبيراً عن تنديدهم بالغلاء والفساد، وسياسات الحكومة الداخلية والخارجية.

وأظهرت تسجيلات فيديو نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي آلاف الأشخاص يتظاهرون في العديد من مدن البلاد ليلا، حيث هاجم محتجون مصارف ومباني حكومية، وأشعلوا النيران في دراجات نارية وسيارات تابعة للشرطة.

وفي الوقت نفسه، نشر نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر اشتباكات بين رمي المحتجين الغاضبين عناصر الأمن بالحجارة أثناء تظاهرات ليلية شهدتها مدينة الأهواز. وأفادت أنباء عن خروج تظاهرة في مدينة كرمانشاه، ردّد المحتجون خلالها شعارات ضد المرشد علي خامنئي.

دفع الثمن

وحذر وزير الداخلية رحماني فضلي، أمس، المتظاهرين بأنهم «سيدفعون ثمنا باهظا».

وصرح فضلي للتلفزيون الرسمي بأن «الذين يبادرون بهدم الممتلكات العامة، وإثارة الفوضي وانعدام القانون، والمساس بأمن الشعب، مسؤولون أمام القانون بشأن تصرفاتهم ويجب أن يدفعوا ثمن هذا السلوك غالياً»، متوعداً بأن الحكومة ستتصدى لمن يحاول إثارة العنف والفوضى.

إقفال الإنترنت

وتأكيداً للخبر الذي نشرته «الجريدة» في عددها السابق، اكد مصدر في المجلس الأعلى للامن القومي الإيراني، ان هذا المجلس أعطى الإذن لوزارة الاتصالات بالتصرف وفق ما تقتضيه المصالح القومية في كل منطقة من البلاد بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والقضائية.

وعلى اساس هذا الإذن، فإن المجلس فتح يد وزارة الاتصالات في اقفال الإنترنت، والتواصل عبر الهواتف النقالة وشبكات التواصل الاجتماعي في كل منطقة من البلاد.

وبهذا القرار يكون رئيس المجلس الأعلى للامن القومي رئيس الجمهورية حسن روحاني تراجع عن أكبر وعوده الانتخابية في الانتخابات، وهو كان الوقوف أمام أي قرار من شأنه الحد من الحريات العامة والإنترنت، واستخدام عامة الشعب لشبكات التواصل الاجتماعي.

وبمجرد اتخاذ هذا القرار، قطعت وزارة الاتصالات، الاتصال عن جميع اجهزة الهواتف النقال في شكبات «التلغرام»، و»الانستغرام» بعد ظهر أمس، وانتشر خبر مفاده ان وزارة الاتصالات ستقفل جميع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام خلال أي تجمعات تحصل في أي مدينة.

واتهمت المعارضة الإيرانية روسيا بالتواطؤ مع إيران لإقفال المحطات التابعة للمعارضة على «التلغرام».

4 قتلى

وكانت ليلة قد شهدت أسوأ الحوادث، اذ كان ضحية لها شخصان في مدينة ايزه في محافظة خوزستان، وشخصان آخران في محافظة لورستان (غرب البلاد)، حيث قال نائب حاكم محافظة لورستان حبيب الله خوجاستهبور، ان الشرطة اضطرت إلى أن تطلق النار على بعض المخربين الذين حاولوا حرق مديرية المحافظة، ولكن فيما بعد تراجع عن كلامه قائلا، إن «التحقيقات أكدت أن الذين تمت اصابتهم تلقوا الرصاص من الخلف، ولم تكن الرصاصات التي اصابتهم تابعة للاجهزة الامنية، ورجح في الوقت نفسه أن «هناك إشارات على تورط أعضاء تنظيم داعش».

من ناحيته، أعلن رجل الدين المحافظ أحمد خاتمي، الذي يؤم صلاة الجمعة في العاصمة طهران، ان الاحتجاجات مشابهة لتلك التي تم تنظيمها عام 2009، داعيا «إلى إعدام من يرددون شعارات تتنافى مع قيم الجمهورية الإسلامية».

ولم يعلق أي من المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي أو الرئيس حسن روحاني علنا على التظاهرات حتى الان.

في المقابل، دعا نائب رئيس البرلمان الإيراني، علي مطهري، أمس، وزارة الداخلية إلى عدم وضع صعوبات في وجه مطالب الشعب بتنظيم تظاهرات احتجاجية.

وأشار إلى أنّ «الدساتير الإيرانية تسمح بالتظاهرات، شرط أن تكون سلمية ومتوافقة مع القوانين الإسلامية»، مطالباً مسؤولي بلاده بـ»إعداد الأجواء المناسبة لممارسة الشعب هذا الحق».

في غضون ذلك، يتهيأ رؤساء اللجان المختصة في البرلمان الإيراني لعقد اجتماع اليوم، مع الرئيس حسن روحاني، لمناقشة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، في محاولة لاحتواء الأزمة الراهنة.

ونشرت صحيفة «إيران» على صفحتها في «تويتر» خبراً عاجلاً تقول فيه إن روحاني سيلقي كلمة، يخاطب فيها للمرة الأولى المتظاهرين، ومن المرجح أن يطالب من خلالها المحتجين بإنهاء التظاهرات.

ترامب

من جهته، انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إيران، على خلفية التظاهرات التي تشهدها مدن عدة في البلاد.

ونشر تغريدات عبر حسابه على «تويتر» قال فيها: «الشعب الإيراني بدأ يعي اخيرا كيف تسرق أمواله وثرواته، ويتم اهدارها على الإرهاب».

وفي وقت سابق، غرد ترامب: «العالم بأسره يدرك أن شعب إيران الطيب يرغب في التغيير، وإن أكثر ما يخاف منه قادة إيران بخلاف القوة العسكرية الكاسحة للولايات المتحدة، هو الشعب الإيراني». وأضاف: «الأنظمة القمعية لا يمكن أن تستمر الى الأبد. سيأتي اليوم الذي يواجه فيه الشعب الإيراني خياراً. العالم يراقب!».

ورداً على انتقادات ترامب، توجه مساعد رئيس مجلس الشورى الإيراني حسين أمير عبداللهيان في تغريدة على حسابه في «تويتر» إلى سيد البيت الأبيض مباشرة بالقول: «يا سيد ترامب لا تأخذك النشوة، فإن حساب من يثير الشغب والفوضى يختلف عمن يدعو إلى متابعة مطالب الشعب».

بورصة طهران

في موازات ذلك تهاوت بورصة طهران، أمس، لأكثر من 1649 نقطة بعد سقوطها بنسبة ثلاثة آلاف نقطة السبت أيضاً بسبب الحوادث التي شهدتها البلاد، ووصل مؤشر البورصة الى 95561 نقطة عند اقفاله أمس. وسقط سعر صرف الريال الإيراني مقابل معظم العملات الصعبة خلال يومي السبت والاحد، لتخسر العملة الإيرانية نحو 5 في المئة من قيمتها خلال يومين فقط.