للمرة الأولى، وعلى مدار السنوات الماضية يقفز حجم احتياطي النقد الأجنبي لمصر متجاوزاً مستويات ما قبل ثورة يناير 2011، إذ سجل بنهاية العام الماضي نحو 37.02 مليار دولار، مقابل نحو 36 مليار دولار في بداية شهر يناير 2011.

وتظهر الأرقام والبيانات الرسمية أن احتياطي النقد الأجنبي في مصر مر بالعديد من المراحل طوال السنوات الماضية، إذ كان أدنى مستوى له في يناير 2013 عندما هوى إلى مستوى 13.6 مليار دولار، فاقداً نحو 22.4 مليار دولار في عامين عقب اندلاع ثورة يناير 2011 بنسبة تراجع تقدر بنحو 62.22 في المئة.

Ad

وواصل الارتفاع في يونيو 2013 ليسجل نحو 14.9 مليار دولار، ثم سجل في يناير 2014 مستوى 17.1 مليار دولار. لكنه لم يستقر كثيراً عند هذا المستوى مع استمرار غياب عائدات السياحة وتوقف الاستثمارات الأجنبية ليهبط في منتصف عام 2014 إلى مستوى 16.6 مليار دولار، وواصل الهبوط ليسجل مستوى 15.4 مليار دولار في شهر يناير من عام 2015.

لكن في منتصف 2015 تحرك الاحتياطي ليسجل أعلى مستوى له عقب النزيف، الذي تكبده خلال فترة ثورة يناير 2011 ليسجل مستوى 20.08 مليار دولار، ثم هوى مرة أخرى في بداية عام 2016 ليسجل مستوى 16.47 مليار دولار.

وقفز في سبتمبر 2016 مرة أخرى ليسجل نحو 19.59 مليار دولار، لينهي عام 2016 عند مستوى 24.3 مليار دولار.

وربما تعود هذه القفزة إلى قيام البنك المركزي المصري في نوفمبر من عام 2016 بتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار وتحرير سوق الصرف بشكل كامل، مما تسبب في عودة السيولة الدولارية، التي كانت تستحوذ عليها السوق السوداء إلى القطاع المصرفي الرسمي.

وواصل احتياطي النقد ارتفاعه منتصف يوليو ليسجل مستوى 36.03 مليار دولار، ثم أنهى عام 2017 عند مستوى 37.02 مليار دولار، وهو أعلى رقم سجله احتياطي النقد المصري في السنوات الأخيرة.

وتشير هذه الأرقام إلى أن احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري أضاف نحو 12.8 مليار دولار خلال العام الماضي بنسبة ارتفاع تقدر بنحو 52.6 في المئة، وذلك رغم إعلان البنك المركزي أخيراً أنه سدد حوالي 30 مليار دولار التزامات وديوناً خلال العام نفسه.

من جانبها، قفزت استثمارات البنوك المصرية بنسب كبيرة خلال الفترة الماضية مسجلة مستويات فاقت حاجز الـ 4 تريليونات جنيه.

وتشير الأرقام والبيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي المصري إلى أن إجمالي استثمارات البنوك المصرية بلغت في نهاية سبتمبر الماضي نحو 4.2 تريليونات جنيه، إذ بلغت 4266 مليار جنيه مقابل نحو 3726.6 مليار جنيه بمعدل نمو بلغ 14.5 في المئة مقابل معدل نمو بلغ 21.5 في المئة خلال الفترة المقابلة من العام السابق.

وأرجعت دراسة حول استثمارات البنوك في ظل التطورات المحلية الجارية، أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم، هذه الزيادة إلى قيام البنك المركزي المصري في مارس عام 2016 بزيادة سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري من نحو 7.8 جنيهات إلى 8.95 جنيهات بنسبة زيادة تقدر بنحو 14.74 في المئة.

وأعقب ذلك، قيام البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار في بداية نوفمبر من عام 2016 مما تسبب في ارتفاعات قياسية لأسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري لتصل نسبة الزيادة إلى 134 في المئة، مع وصول سعر الدولار إلى مستوى 19.6 جنيهاً خلال بعض الفترات السابقة.

وكان لذلك تأثير إيجابي كبير على معدل نمو الاستثمارات، إذ إن الأوراق المالية بالعملات الأجنبية والأرصدة لدى البنوك بالخارج كذلك القروض بالعملة الأجنبية يتم تقييمها بالدولار، ثم بالجنيه المصري بالتالي، فإن أي زيادة في سعر صرف الدولار تؤثر إيجاباً على معدل نمو إجمالي الاستثمارات، أما هذا العام فقد استقرت أسعار الصرف نسبياً مع ميلها نحو الانخفاض.

وجاء معدل نمو الأصول في سبتمبر الماضي بسبب تحقيق قروض العملاء لمعدل نمو بلغ 9.4 في المئة، وتحقيق الاستثمار في أذون الخزانة لمعدل نمو بلغ 5.2 في المئة، ونمو الأرصدة لدى البنوك داخل مصر لمعدل نمو بلغ 37.2 في المئة، وتحقيق الأرصدة لدى البنوك خارج مصر لمعدل نمو بلغ 173.1 في المئة.

وبينت الدراسة أن الهيكل النسبي لاستثمارات البنوك شهد تغيرات نتيجة الظروف المحلية، التي تتمثل في انخفاض الوزن النسبي للأوراق المالية والسندات بسبب توقف البنك المركزي خلال العام الحالي عن طرح أذون مقومة بالدولار، وهو مؤشر إيجابي، وأيضاً انخفاض طفيف في الوزن النسبي للقروض والتسهيلات الائتمانية يعود لانخفاض معدل نمو قروض الأفراد وهو مؤشر سلبي.

هذا بخلاف انخفاض الوزن النسبي للاستثمار في أذون الخزانة لتشجيع البنك المركزي للأجانب على الاستثمار بهذه الأذون، حتى وصلت نسبة امتلاكهم لـ 31.1 في المئة من رصيد الأذون في نهاية شهر سبتمبر الماضي.

وأوصت الدراسة بضرورة تشجيع البنوك على زيادة معدلات نمو القروض الاستهلاكية بعدم خصم نسبة الاحتياطيات الإلزامية من الأرصدة الممولة لها من ودائع العملاء لتخفيض تكلفتها، وذكرت أنه برغم دعم البنك المركزي لتوجه البنوك نحو القروض الصغيرة والمتوسطة، لكن هذا التوجه يتطلب بعض الوقت ليستكمل فيه البنك المركزي والحكومة بعض المتطلبات اللازمة لضمان نتائج قوية للقرارات المتعلقة بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.