مع دخول حركة الاحتجاجات، التي تجتاح عدة مدن إيرانية أسبوعها الثاني، أمس، توعد قائد الجيش عبدالرحيم موسوي باستخدام القوة العسكرية لإخماد الاحتجاجات الشعبية ضد النظام إذا لزم الأمر، وذلك غداة إعلان الحرس الثوري انتشاره في 3 محافظات تشهد اضطرابات لمساعدة الشرطة.
وقال موسوي أمس، في تصريحات: "إننا نطمئنكم بأن رفاقكم في جيش الجمهورية الإسلامية سيكونون على استعداد لمواجهة من غرر بهم الشيطان الأكبر" في إشارة إلى الولايات المتحدة.
تظاهرات ليلية
ونشرت صفحات مؤيدة للمحتجين عشرات الفيديوهات الموثقة عن تظاهرات ليل الأربعاء الخميس في عدة مناطق، لكن لاحظت "الجريدة" أن التجمعات خفت بشكل ملحوظ بعد انتشار القوى الأمنية والحرس الثوري والباسيج بلباس رسمي أو مدني وتوقيفهم أي شخص بقوم بأي حركة.ولجأ المتظاهرون إلى التظاهرات السريعة، حيث ينزلون من سياراتهم ويطلقون الشعارات ويقومون بتصوير فيديو لتوثيقها قبل وصول قوات الأمن إليهم. وامتنعت وكالة فرانس برس عن بث أخبار عن الاحتجاجات وسط أنباء عن ضغوط مارستها السلطات الإيرانية على وكالات الأنباء، ووصفت الوضع بأنه هادئ.واكتفت الوكالة الفرنسية بالحديث عن تجمعات كبيرة مؤيدة للنظام صباح أمس، رفعت شعارات التأييد للمرشد الأعلى علي خامنئي. ولم تقم أي تظاهرة برفع صور الرئيس حسن روحاني، المحسوب على الوسطيين.وينتمي المتظاهرون الموالون المشاركون في التظاهرات، التي تنظمها السلطات للتيار المتشدد أو للتيار الموالي لخامنئي، الذي كان على علاقة سيئة بروحاني ولم يمنحه موعداً للقائه منذ انتخابه لولاية ثانية. ويعد أنصار النظام لتظاهرات مليونية اليوم بعد صلاة الجمعة في محاولة لإغراق الشوارع بالمتظاهرين.وبث التلفزيون الرسمي مشاهد لتجمعات مؤيدة للنظام في مدن أصفهان ومشهد وارومية وبابل وأردبيل. وعلت هتافات "نحن جميعاً خلف المرشد" الأعلى علي خامنئي.وهتف المتظاهرون "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل" و"الموت للمنافقين" وهي التسمية التي تطلقها السلطات على منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة المحظورة.وتظاهر عشرات آلاف الاشخاص، أمس الأول، في 20 مدينة في المحافظات دعماً للنظام ودانوا أعمال العنف.الداخلية
في موازاة ذلك، قدر وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فضلي عدد المشاركين بالاحتجاجات بـ 42 ألف شخص. وجاء الرقم مخالفاً لتقدير قائد "الحرس الثوري"، محمد علي جعفري الذي رأى أنهم 15 ألفاً بجميع أنحاء البلاد.وأضاف الوزير:"فليلعم الرئيس الأميركي أن الشعب الإيراني ارتوى من الحرية عام 1979 وسيحافظ عليها بقوة".وقالت الداخلية، إنه "تم القضاء على جماعة إرهابية مسلحة دخلت البلاد أخيراً لتنفيذ عمليات تفجير وقتل المتظاهرين في منطقة بيرانشهر خلال مواجهات اعتُقل فيها أحد عناصرها". وكان قتل أمس 3 عناصر أمنية إيرانية في بيرانشهر.وأعلن الحرس الثوري، أمس الأول، "انتهاء الفتنة" بعد حوالي أسبوع من التظاهرات الاحتجاجية، التي أدت إلى مقتل 23 معظمهم من المدنيين، غير أن شيرين عبادي الحائزة جائزة نوبل للسلام حثت في تصريحات لها الشعب الإيراني على العصيان المدني ومواصلة الاحتجاجات التي تمثل أجرأ تحد لزعماء إيران منذ الاضطرابات المطالبة بالإصلاح عام 2009.تهديد وشكوى
وبينما قالت وزارة الخارجية الأميركية، إنها لا تدعم حصول ثورة في إيران بل تدعو إلى تغيير النظام سياساته الخارجية، هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على طهران، وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس دونالد ترامب، إن "البيت الأبيض" يعتزم فرض عقوبات على عناصر في النظام أو مؤيدين له، "متورطين في قمع التظاهرات الاحتجاجية".وذكر المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه: "ننظر في كل الاحتمالات"، مشيراً إلى أن سلطات الرئيس ترامب تسمح له باستهداف منظمات أو أشخاص متورطين في انتهاك حقوق الإنسان.وتزامن التهديد الأميركي مع اتهام طهران في الأمم المتحدة الولايات المتحدة بالتدخل في شؤونها الداخلية بعد تأكيد ترامب دعمه للاحتجاجات ضد الحكومة.وقال المندوب الإيراني في الأمم المتحدة غلام علي خوشرو، في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أمس الأول، إن "الإدارة الأميركية زادت خلال الأيام الأخيرة من تدخلاتها الفاضحة في الشؤون الداخلية لإيران بذريعة تقديم دعم لتظاهرات متفرقة". واتهم خوشرو واشنطن بانتهاك القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ودعا إلى إدانة تصريحات واشنطن المحرضة على القيام بأعمال مخلة للنظام في بلاده.وقال، إن "وزارة الخارجية الأميركية ذهبت بعيداً بإقرارها بأن الحكومة الأميركية تريد تشجيع المحتجين في إيران على تغيير حكومتهم، معترفة بأن الولايات المتحدة تعمل على التدخل في الشؤون الداخلية لإيران عبر موقعي فيسبوك وتويتر".وتابع المندوب الإيراني في رسالته، أن ما يشهده العديد من مدن إيران من احتجاجات شعبية تخلل بعضها أعمال عنف دموية، إنما هي تحركات محدودة تديرها من الخارج أطراف "معادية للثورة"، مشدداً على أن "حق التظاهر ينص عليه ويكفله الدستور الإيراني".وكان ترامب وعد في "تغريدة"، الشعب الإيراني بتوفير الدعم له: "عندما يحين الوقت".موسكو وأنقرة
من جهة ثانية، حذرت موسكو واشنطن من التدخل في "الشؤون الداخلية" لإيران بعد أن وعد ترامب بمساعدة الإيرانيين على "استعادة زمام الحكم".وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، في مقابلة مع وكالة تاس الرسمية: "نحذر واشنطن من أي محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية للجمهورية الإيرانية".وأضاف أنه "رغم المحاولات العديدة لتشويه ما يجري فعلاً في إيران، أنا على ثقة بأن جارتنا وصديقتنا، ستتغلب على صعوباتها الحالية".وانتقد دعوة السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي لعقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن لمناقشة أعمال العنف.في موازاة ذلك، كررت تركيا موقفها الداعم للنظام الإيراني أمس، وحذرت أنقرة من محاولات أطراف خارجية التدخل في سياسة طهران الداخلية قائلة، إن مثل هذه الأفعال قد تؤدي لرد فعل عكسي.وقال إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس رجب طيب إردوغان، إنه رغم أن من حق المواطنين الإيرانيين التظاهر، فمن غير الممكن قبول أفعال تتسبب في وقوع خسائر أو تلحق أضراراً بالممتلكات.