أنقرة تتهم واشنطن بالتدخل في شؤونها بعد إدانة مدير «خلق بنك»
باريس تستقبل إردوغان بدعوته إلى «مبادرات ملموسة» بشأن حقوق الإنسان
هاجمت، أمس، أنقرة بعنف إدانة محكمة في نيويورك للمصرفي التركي محمد خاقان عطاالله، نائب المدير العام السابق لمصرف "خلق بنك" بالتورط في مخطط لمساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية.وأكدت وزارة الخارجية التركية في بيان، أنه بهذا القرار "تدخلت (...) المحكمة الأميركية في شؤون تركيا في شكل غير مسبوق". أضاف البيان أن هذا القرار "الجائر والمؤسف يستند إلى أدلة مزعومة خاطئة ويمكن استغلالها سياسياً"، داعياً المحكمة إلى التراجع عن قرارها الذي يشكل "عاراً على القضاء".
وقال إبراهيم كالين، الناطق باسم الرئيس رجب طيب إردوغان، أمس، "واضح جداً أن هذه القضية هي مكيدة للتدخل في شؤون تركيا وسياستها الداخلية، وقرار هيئة المحلفين فضيحة وتنفيذ لسيناريو مخجل من الناحية القانونية".من ناحيته، قال نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ، إن قرار هيئة المحلفين الأميركية "أضر بشدة بالعلاقات مع الولايات المتحدة وربما تكون له تداعيات سلبية على كل العمليات في المستقبل".ووصف بوزداغ القضية بأنها "مسيسة كاملة"، وقال إن من غير المحتمل أن يؤثر الحكم على اقتصاد تركيا.وأمس الأول، خلصت هيئة محلفين في محكمة مانهاتن الاتحادية في نيويورك، إلى أن محمد خاقان عطا الله مذنب بخمس من أصل ست تهم بالاحتيال المصرفي والتآمر لمساعدة إيران في التحايل على العقوبات الأميركية، وذلك بعد محاكمة استغرقت نحو أربعة أسابيع وتسببت في توتر العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وواشنطن.وجرت المحاكمة الفدرالية بناء على شهادة رجل الاعمال التركي الإيراني رضا ضراب (34 عاماً) الذي أصبح شاهداً للحكومة بعد إقراره بتورطه كوسيط أساسي لتجارة إقليمية معقدة لكن مربحة، كانت تسمح لإيران عبر المصرف الحكومي التركي "خلق بنك" بضخ مليارات اليوروهات من عائدات المحروقات في النظام المصرفي الدولي مقابل الذهب.وأدين عطاالله أيضاً بتهمة غسل أموال. وأصدرت الهيئة حكمها بعد مداولات استمرت أربعة أيام.وورّط رجل الأعمال (ضراب) وزير الشؤون الاقتصادية التركي السابق ظافر شاليان، كما أفاد بأن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان على علم بما كان يحدث.وكان ضراب، تاجر الذهب الشهير، وافق على الإدلاء بإفادته بعد توصله إلى اتفاق يقر فيه بأنه مذنب بانتهاك العقوبات الأميركية.وقال المدعي العام بالوكالة في مانهاتن جون كيم، إن القضية تشكل تحذيراً لكل من ينتهك العقوبات الأميركية.وأكد في بيان، أن "المصارف الأجنبية والمصرفيين لديهم خيار من اثنين: يمكنكم أن تختاروا بكامل إرادتكم مساعدة إيران ودول أخرى تخضع لعقوبات على التهرب من القوانين الأميركية، أو يمكنكم أن تكونوا جزءاً من المجتمع المصرفي الدولي، الذي يتعامل بالدولار الأميركي. لكن لا يمكنكم أن تكونوا الاثنين معاً". وأضاف: "إذا أمعنتم بالكذب على المسؤولين الماليين الاميركيين ولفّقتم الوثائق في إطار مخطط سري لتهريب مليارات الدولارات من أموال النفط الإيراني من شباك العقوبات الاميركية كما فعل عطالله، فعليكم ان تكونوا مستعدين للعواقب".ووجه الإدعاء الأميركي اتهامات إلى تسعة أشخاص في القضية رغم أن السلطات الأميركية ألقت القبض فقط على ضراب وعطا الله (47 عاماً).وأكد قاضي المحكمة الجزئية ريتشارد بيرمان، أن الحكم سيصدر في 11 أبريل.
«إس 400»
في سياق آخر، قال كالين، إن رفض واشنطن بيع المنظومة لأنقرة ساهم في تدهور العلاقات بين البلدين. وأضاف المتحدث الرئاسي،"لو وافقت أميركا على بيع منظومة دفاعية لتركيا، لكانت العلاقات بين واشنطن وأنقرة تسير بشكل أفضل، ومنظومة إس 400 الدفاعية، تم شراؤها لتوفير الأمن في تركيا وللدفاع عن بلادنا".واستبعد كالين نشر جنود روس في تركيا لتشغيل منظومة صواريخ "إس - 400" الروسية، مضيفاً أنه نظام دفاعي شامل، وستكون هناك مرحلة تدريب للجنود الأتراك قبل أن يبدأ تشغيل المنظومة، أما "نشر جنود روسي في تركيا فأمر غير وارد".في سياق آخر، صرح مسؤول فرنسي، أمس، عشية زيارة الرئيس التركي رجب اردوغان لباريس، أنه يتعين على تركيا القيام بـ «مبادرات ملموسة جدا»، بشأن حقوق الانسان، اذا كانت تريد إعطاء دفعة لترشحها لعضوية الاتحاد الاوروبي.وقال جان باتيست لوموين سكرتير الدولة لدى وزير أوروبا والشؤون الخارجية جان ايف لودريان لإذاعة «سود راديو» الفرنسية: «حاليا هذه العملية مجمدة، لأن الدول الاوروبية تنتظر حصول خطوات بشأن عناصر مرتبطة بالحريات الاساسية».وأضاف لوموين: «بالتالي يتعين أن تقوم تركيا بمبادرات ملموسة جدا، ليكون بالإمكان بحث بعض الملفات. وفي أي حال تم وسيتم إبلاغ الرسالة» أثناء زيارة اردوغان.وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انه سيتطرق الى مسألة حقوق الانسان، اليوم، مع نظيره التركي، في وقت تتعرض الزيارة لانتقادات في فرنسا، خصوصا من جانب اليسار المتشدد والحزب الشيوعي.من جانبه، قال وزير الخارجية جان ايف لودريان، من لشبونة، إنه بالنسبة لفرنسا تبقى تركيا «شريكا استراتيجيا على عدة أصعدة: الهجرة ومكافحة الارهاب وحل الازمات الاقليمية».وأضاف لودريان، في كلمة أمام دبلوماسيين برتغاليين: «لهذه الأسباب جميعها، فإن فرنسا لا تنوي التوجه الى القطيعة. وهي تريد الإبقاء على حوار متشدد وبناء» مع تركيا.