لم يعد التباين الواسع في المواقف بين مصر والسودان خافيا على أحد، فالتصريحات الهجومية من الخرطوم تتوالى في وقت تتهم القاهرة جارتها الجنوبية بالانحياز ضدها في مفاوضاتهما مع أديس أبابا حول سد النهضة الإثيوبي، مما أدى في النهاية إلى فشلها، لذا لم يكن غريبا أن تتواصل أمس، عمليات التصعيد باتهام مسؤول سوداني للجانب المصري بالاعتداء على مثلث حلايب وشلاتين، وأن القاهرة تريد جرّ الخرطوم إلى الحرب.وقال رئيس اللجنة الفنية للحدود من الجانب السوداني عبدالله الصادق، إن استمرار ما سماه بـ«العدوان المصري» على مثلث حلايب وشلاتين، يهدف إلى جر السودان للدخول في اشتباكات مباشرة مع مصر، ووصف المثلث الحدودي بـ«المحتل»، إذ تزعم الخرطوم ملكيتها للمثلث المصري، الأمر الذي تعيره القاهرة التي تمارس أعمال السيادة على المثلث قبل ولادة الدولة السودانية، كثيرا من الاهتمام.
في المقابل، أبدى المصدر المصري استغرابه الشديد لـ«الجريدة» من التصريحات «النارية» التي يطلقها المسؤول السوداني، وأضاف: «نظام عمر البشير يسعى إلى تأجيج مشاعر الشعب السوداني ضد مصر، وتوقيت التصريح غريب، لأن القاهرة تستضيف حاليا لجنة مصرية- سودانية معنية بالحدود»، رافضا إعطاء أي تفاصيل عن ماهية الموضوعات التي يجري مناقشتها باللجنة.وشدد المصدر على أن الجانب السوداني لديه كل المستندات والخرائط التي تقطع بصحة المواقف المصرية وملكية الأخيرة لمثلث حلايب وشلاتين، وأردف: «إن كان الجانب السوداني يمتلك وثيقة واحدة تثبت صدق ادعائه فنطالبه بإظهارها للشعب السوداني»، مشددا على أن العلاقات بين الشعبين المصري والسوداني تاريخية، ولن تؤثر فيها أي ممارسات سياسية «فقدت بوصلتها وتسعى أطراف إقليمية للنيل من استقرار الدولة المصرية».من جهتها، قالت الكاتبة الصحافية المتخصصة في الشأن السوداني، أسماء الحسيني، لـ«الجريدة»، إن النظام السوداني حوّل قضية مثلث حلايب إلى «قميص عثمان»، ليصرف به انتباه شعبه بعيداً عن المشاكل الحقيقية التي تواجهه على مختلف الصعد، خاصة الشأن الاقتصادي، وأضافت: «الخرطوم لديها مشاكل حدودية حقيقية مع دولتي جنوب السودان وإثيوبيا لا يتم التطرق إليها أبدا، مما يعزز من الاستخدام الإعلامي لملف حلايب، وهو ما يجب أن تتنبه إليه الحكومة المصرية بعدم الانجرار خلف الألاعيب السودانية».
توقيع بوتين
في شأن آخر، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما أمس، بشأن استئناف الرحلات الجوية المنتظمة مع القاهرة، ودخلت الوثيقة حيز التنفيذ بمجرد توقيعها، وكانت مصر وروسيا وقعتا على استئناف الرحلات الجوية بين البلدين، خلال زيارة وزير الطيران المدني المصري، شريف فتحي، لموسكو، ولقاء وزير النقل الروسي، مكسيم سوكولوف، في ديسمبر الماضي، وتم الاتفاق على أن يتم الاستئناف الفعلي لحركة الطيران الروسي إلى مدينة القاهرة تحديدا مع بداية شهر فبراير المقبل.وكانت روسيا أعلنت وقف تسيير رحلاتها الجوية إلى مصر في أعقاب سقوط طائرة روسية في صحراء سيناء بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ، في 31 أكتوبر 2015، مما أسفر عن مقتل ركابها الـ224، ومعظمهم من السياح الروس، وتبنى تنظيم داعش العملية، بعدها قررت روسيا ومعها بريطانيا وعدة دول وقف الطيران إلى مصر، في حين بدأت الأخيرة مرحلة مراجعة الإجراءات الأمنية في مطاراتها المختلفة، وسمحت لوفود روسية وبريطانية بمراجعة ما تم إنجازه وصولا إلى عودة حركة الطيران إلى مطار القاهرة.وقال مصدر مسؤول لـ«الجريدة»، إنه تم الاتفاق على أن ترسل شركة «مصر للطيران» ثلاثة أيام أسبوعيا بداية من فبراير المقبل، كاشفا أن شركة الطيران الروسية «آيرفلوت» افتتحت مكتبها في مطار القاهرة الدولي، وأنه تم تجهيز المكتب لاستقبال الروس الذين سيبدأون في زيارة القاهرة تباعا.من جهته، أشاد نائب رئيس اتحاد الغرف السياحية المصرية، مصطفى خليل، بالقرار الروسي، وأكد لـ«الجريدة»، أن عودة الطيران يعني مقدمة لعودة السياح الروس الذين يشكلون القطاع الأكبر من السياحة الوافدة في مصر، وأشار إلى أن نحو 100 ألف روسي زاروا مصر خلال فترة توقف الطيران عبر خطوط طيران أخرى، متوقعا أن يعود ملايين السياح الروس فور الإعلان عن عودة حركة الطيران المباشر إلى شرم الشيخ والغردقة قريبا.تقنين الكنائس
إلى ذلك، وضعت الحكومة المصرية نصب أعينها ملف توفيق أوضاع الكنائس غير المرخصة، والتي تتسبب عادة في إشعال أزمات طائفية بين الحين والآخر، إذ ترأس القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء، وزير الإسكان مصطفى مدبولي، اجتماع لجنة توفيق أوضاع الكنائس، مساء أمس الأول، لاستعراض الموقف الخاص بمتابعة استكمال إجراءات توفيق أوضاع الكنائس غير المرخصة على مستوى الجمهورية.وناقش مدبولي، بحسب بيان مجلس الوزراء، ما تم اتخاذه من إجراءات حتى الآن في ضوء اهتمام الدولة بمعالجة هذا الملف وفقاً للضوابط الموضوعة، ووجه بتقديم كل التيسيرات الممكنة لسرعة البت في الطلبات المقدمة على مستوى المحافظات، بما يضمن سرعة الانتهاء من مختلف إجراءات التوفيق، ولم تصدر الحكومة بعد اللائحة التنفيذية لقانون بناء الكنائس رغم إصدار البرلمان له منذ أكثر من عام.ورحبت النائبة بالبرلمان، أمنة نصير، بالتحرك الحكومي، مؤكدة أنه خطوة على طريق غلق باب الفتنة على المتربصين باستقرار الوطن، في حين قال كاهن كنيسة العذراء بمسطرد، القمص عبدالمسيح بسيط، لـ«الجريدة»: «التحرك لتوفيق أوضاع الكنائس غير المرخصة أمر جيد، لأنه يقضي على مشكلة كبيرة، تتعلق بالأزمات التي تقع بسبب دور العبادة من بعض المتشددين.في الأثناء، تسلمت الأجهزة الأمنية بالقاهرة أمس، مبنى الكاتدرائية المرقسية في العاصمة الإدارية الجديدة لتأمينها، قبل إقامة قداس عيد الميلاد الأحد المقبل، وقال بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني خلال عظته الأسبوعية أمس الأول، «نحتفل هذا العام بمرور 50 عاما على إنشاء الكاتدرائية المرقسية بالعباسية... ويشاء القدر أنه بعد 50 عاما ننشئ كاتدرائية جديدة، وسنصلي فيها قداس عيد الميلاد بحضور الرئيس السيسي».واجتمع الرئيس السيسي مع وزير الإسكان مصطفى مدبولي أمس، لاستعراض المخطط المبدئي لاستراتيجية تنمية سيناء، بما يشمل تطوير شتى الأنشطة وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة، كما اجتمع السيسي ومدبولي مع وزير الصحة أحمد عماد الدين، لبحث الإجراءات المتخذة لخفض معدلات نواقص الأدوية بالسوق، ومناقشة الاستعدادات الجارية لتطبيق المنظومة الجديدة للتأمين الصحي الشامل بدءاً من شهر يوليو المقبل.