مرّ معظم عام 2017 في محاولةٍ لحلّ المعمعة السياسية التي خلّفها عام 2016 ودور روسيا فيها، ولا شكّ أن معظم المعلومات بهذا الشأن كان مصدرها الصحافيين الأميركيين الذين أخبرونا مرارا كيف تدخّل الكرملين في الانتخابات الأميركية، واستطعنا أن نعلم عبر مصادر هؤلاء المراسلين الأميركيين المحلية في البيت الأبيض والكونغرس وأوساط الاستخبارات كيف اشترى الروس إعلانات على «فيسبوك» لتوسيع الشرخ بين الأميركيين، وكيف قرصنت الوكالات الحكومية الروسية اللجنة الوطنية الديمقراطية الأميركية وسباقات الكونغرس، وكيف تواصل روس مرتبطون بالكرملين مع مسؤولين عن حملة ترامب الانتخابية، وكيف حوّل الكرملين مختبرات «كابرسكي» الشعبية وبرامج مكافحة الفيروسات إلى أدوات للتجسّس.ولم تصلنا أي معلومات من الجهة الأخرى، أي من الصحافيين الروس إلا لماماً، لكننا مع ذلك علمنا بوجود هذا التدخل في الانتخابات الأميركية من الصحافيين الروس، مع اطلاعنا عليه في الوسائل الإخبارية الأميركية، وإليكم ما علمناه من الصحافة الروسية بهذه السنة:
• كشف الصحافيان الروسيان أندريه سولداتوف وايرينا بوروغان كيف ومتى أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالهجوم على الانتخابات الأميركية، وأكدا أن ذلك حصل في اجتماع في أبريل بين بوتين وحلقة ضيقة من مستشاريه، ويبدو أنّ قرار بوتين جاء في ردة فعل انفعالية ورداً على تسريب وثائق بنما التي تورّطه.• شرح تقرير صدر في أكتوبر عن الــRBC- وهي وسيلة إعلامية روسية- ما عملته وكالة أبحاث عنكبوتية مقرها سانت بطرسبرغ تعرف كذلك باسم «ترول فاكتوري» (مصنع تلفيق الأخبار الكاذبة) خلال انتخابات 2016. وقد ذكر التقرير الإعلامي الذي أعده صحافيان روسيان بالتفصيل كيف تمّت عملية التمويل، ووسائل إدارة الحملات المغرضة والتكتيكات المستخدمة لنشر أكثر من 100 رسالة ملفقة على شبكات التواصل الأميركية عام 2016 تتضمّن انتقادات وتعليقات كاذبة. وأظهر التقرير كيف نشرت هذه الوكالة المموّلة من يفغيني بريغوزين المقرّب من بوتين أكثر من 20 رسالة على «فيسبوك» حصل كلّ منها على ما يفوق المليون مشاهدة، وفي الشهر نفسه قابل تلفزيون TVRAIN- وهو آخر وسيلة إعلامية مرئية روسية مستقلة- «ماكسيم» وهو رجل عمل كناشرٍ للأخبار الملفقة في الوكالة الآنفة الذكر، وأوضح ماكسيم أنّ معظم موظفي الوكالة كانوا من الطلاب المتخرجين من ثاني أهم جامعة في روسيا أي جامعة سانت بطرسبرغ، وكان اختصاص هؤلاء في العلاقات الدولية واللغويات والصحافة، اي كانوا مثقفين لأقصى درجة ومن الطراز الذي قد يخال الأميركيون أنه سينتفض ضدّ بوتين، وبدلاً من ذلك كانوا يعملون في الوكالة المذكورة لزرع الانشقاق في أميركا عبر «تويتر» و«فيسبوك». وكانت لدى هؤلاء تعليمات واضحة بعدم ذكر روسيا بتاتاً، بل بالتركيز على المسائل التي تزيد من الانقسام بين الأميركيين على غرار مسألة السلاح والعنصرية. وفي الأسبوع الماضي بثّ تلفزيون TVRAIN مقابلة مع قسطنطين كوزلوفسكي، المسجون حالياً في سجن روسي لقرصنته عدداً كبيراً من المصارف الروسية. وقد اعترف كوزلوفسكي بأنه تولّى قرصنة اللجنة الوطنية الديمقراطية الأميركية، وأوجد فيروسات على غرار «ليرك» و«وانا كراي»، والأخير مسؤول عن الهجوم العنكبوتي الشهير الذي شلّ شبكات الكمبيوتر في العالم. ويؤكد كوزلوفسكي أنه تمّ اعتقاله لأنّ جهاز الأمن الفدرالي الروسي يريد إخفاء «المعالم الرقمية» لما فعله .• في بداية الشهر الحالي نشر موقع THE BELL (الجرس)، وهو موقع خارج روسيا، تقريراً أعدته الصحافية الروسية المشهورة سفيتلانا رايتر حول اعتقال الروس الأربعة- اثنان منهم من العاملين في جهاز الأمن الفدرالي الروسي وتحديداً في الشبكات العنكبوتية بسبب علاقتهم بقرصنة انتخابات 2016، وغاصت رايتر في الأسباب التي جعلت هؤلاء الرجال الأربعة يقدمون معلومات لوكالة الاستخبارات الأميركية حول ذلك الهجوم العنكبوتي. وأكدت رايتر أنه تمّ الإيقاع بالرجال عبر قسم GRU وهو فرع منافس لجهاز الأمن الفدرالي الروسي، وأن هذه الخصومة انعكست من خلال كشف القرصنة للاستخبارات الاميركية. ● جوليا إيوف
دوليات
ما كشفه الصحافيون الروس عن التدخّل الروسي في الانتخابات الأميركية
06-01-2018