على عكس المتوقع، خلت شوارع طهران من تظاهرات حاشدة حدد لها مسؤولون إيرانيون أربعين موقعاً بعد صلاة الجمعة، واكتفى مؤيدو النظام بمسيرات في ضواحي العاصمة والقرى والمدن التابعة.ووفق معلومات حصلت عليها «الجريدة»، فإن الإصلاحيين قدموا مشروعاً لدمج التظاهرات الداعمة للمرشد الأعلى علي خامئي والنخبة الدينية مع أنصار الرئيس حسن روحاني، مطالبين برفع شعارات دعم له ولحكومته إلى جانب المرشد وقائد «فيلق القدس» قاسم سليماني والحضور إلإيراني في سورية ولبنان وفلسطين (كما كان مقرراً)، وبناءً عليه أُجِّلت المسيرات إلى منتصف الأسبوع.
بعد تظاهرات حاشدة مؤيدة للنظام الإيراني جرت في عدد من المدن في اليومين الماضيين، قاد مسؤولون إيرانيون تجمعات في أربعين موقعاً بمحافظة طهران بعد صلاة الجمعة، التي شهدت تحركات جديدة للمحتجين الغاضبين في عدد من المدن.وفي شوارع طهران، لايزال انتشار الشرطة كثيفاً رغم عدم تسجيل أي تحرك احتجاجي في الأيام الثلاثة الأخيرة في طهران. أما في المحافظات، فسارت تظاهرات جديدة بحسب مقاطع فيديو نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي.ورصت النخب السياسية صفوفها إزاء التحركات، التي تعرضت لانتقادات حتى من إصلاحيين. لكن كثيرين طالبوا الرئيس حسن روحاني بالعمل على معالجة القضايا الاقتصادية التي كانت وراء التظاهرات الأولى.وأجبرت الاحتجاجات، التي عمت باقي المحافظات، مجلس الشورى على العمل لإلغاء إجراءات في الموازنة لا تلقى شعبية تم إعلانها الشهر الماضي وكانت ستؤدي إلى زيادة إضافية للأسعار. وأعلن عضو رئاسة مجلس الشورى غلام رضا غارمسار ان "كلفة الكهرباء والماء والغاز لن تزداد بعد الآن". وصرح علي أكبر ولايتي مستشار الشؤون الخارجية لدى المرشد الأعلى علي خامنئي لوكالة "ايسنا" شبه الرسمية أمس الأول بأن "المطلب الرئيسي للناس اليوم هو أن تتصدى الحكومة للمشكلات الاقتصادية".
مجلس الأمن
وعقد مجلس الأمن أمس اجتماعاً طارئاً بطلب من واشنطن لمناقشة موجة التظاهرات، التي انطلقت في إيران في 28 ديسمبر. وانتقدت روسيا الضغوط التي تمارسها واشنطن للحض على مناقشة موضوع إيران في مجلس الأمن.وعشية الجلسة، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على خمسة كيانات تعمل في إيران وهي مجموعات "الشهيد خرازي" و"الشهيد سانيخاني" و"الشهيد مقدم" و"الشهيد شوستاري" الصناعية و"مركز الشهيد الإسلامي للأبحاث"، مؤكدة أنها لعبت دورا في مساعدة طهران على تطوير برنامج الصواريخ البالستية.ورداً على دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرات عدة لاسترداد المتظاهرين "الحكم من الحكومة الفاسدة"، كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على "تويتر" أمس الأول أن "ترامب لديه أسلوب غريب في إظهار الاحترام (للإيرانيين) من خلال اعتبارهم شعباً إرهابياً ومنعهم من زيارة الولايات المتحدة، إلى الإهانات التافهة حول اسم الخليج الفارسي"، في إشارة لاستخدام ترامب اسم الخليج العربي.بدوره، اعتبر وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن إيران فشلت في إزالة غضب الإيرانيين، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة ليست لديها مشكلة مع الشعب، لكن المشكلة مع النظام الدكتاتوري.وأكد ماتيس أن النظام الإيراني نجح في قمع الثورة الخضراء قبل أعوام، لكنه فشل في إزالة عدم الرضا والغضب من نفوس شعبه.مصمم الإضرابات
واتهم النائب العام حمد جعفر منتظري مسؤولا سابقا في وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA)، يدعى مايكل اندريا، بتصميم الاضطرابات على حد تعبيره، والسعودية بتمويلها.وقال منتظري أمس الأول، "وفقا للمعلومات المتوفرة فقد أقدم القائمون على غرفة العمليات (التظاهرات) ومن خلال دراسات كثيرة على مرّ الاعوام السابقة، أقدموا على خلق تحركات (شعبية) مطلبية حملت عنوان لا لزيادة الأسعار، ولا لدفع الفواتير، وحركة خاسري الاموال والمتقاعدين".وأضاف: "في سياق تنفيذ هذا المخطط، فقد تم استعراض مشروعين أحدهما تونسي والآخر لیبي، وذلك وفقا لنشاطات الحركات المجتمعية لدى البلدين، وفقا للمشروع التونسي، فإن التحركات المجتمعية تنتقل من المركز نحو الأطراف، في حين تمتد ذات التحركات وفقا للمشروع اللّیبي بدءا من الاطراف باتجاه المركز... وغرفة العمليات وبعد تقييمها (لكلا المشروعين) اختارت المشروع الليبي أي التحرك من الأطراف باتجاه المركز لتنفيذه في إيران".تشديد الضغط
بدوره، اتهم نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أمس واشنطن بالبحث عن ذريعة لتشديد الضغط على إيران، ووصف محاولاتها المحتملة لاستخدام الاتفاق النووي لهذا الغرض بأنها غير لائقة.وتعليقاً على تصريح نائب الرئيس الأميركي مايك بينس لإذاعة "صوت أميركا" بأن بلاده تريد اتفاقا أطول أمدا حول برنامج إيران النووي، "يقضي بالإعادة الفورية لكل العقوبات ضد طهران إذا حاولت يوما ما الحصول على سلاح نووي قابل للاستخدام وصواريخ باليستية لإيصاله"، قال الدبلوماسي الروسي: "تتكرر مثل هذه الدعوات بين حين وآخر، بل بانتظام. ولا نفهم ما الذي لا يعجب الجانب الأميركي في الاتفاق النووي. إن مضمون الوثيقة معروف جيدا، والأميركيون يتابعون سير تنفيذ الاتفاق، ويشاركون في جلسات اللجنة المشتركة والمناقشات الأخرى".الاتفاق النووي
في السياق، أشارت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في مقال بعنوان "الاتفاق النووي على المحك برفض الولايات المتحدة الثاني إقراره"، إلى ان "الرئيس الأميركي لن يقره للمرة الثانية، حسبما قال مسؤولون، مما يعرض مستقبل الاتفاق النووي للخطر".ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية قوله انه "من غير المرجح بصورة كبيرة"، عندما سئل عما إذا كان ترامب سيقر الاتفاق للكونغرس قبل الموعد النهائي لذلك يوم 13 يناير.ولفتت الصحيفة إلى ان "ترامب كان قد رفض إقرار الاتفاق يوم 13 أكتوبر الماضي، وأدى ذلك إلى مساع حثيثة من حلفاء ترامب الأوروبيين، الذين يوافقون على الاتفاق". وأوضحت انه إذا لم يوافق ترامب على الاتفاق وعلى إيقاف العقوبات ضد إيران الشهر الجاري، فإن ذلك قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق".