سقطت الأقنعة، فخرج ما حاولت الدبلوماسية إخفاءه إلى العلن، هكذا كان لسان حال العلاقات المصرية السودانية، التي ارتقت درجة أعلى في سلم التوتر بين البلدين، بعدما أعلنت الخرطوم استدعاء سفيرها في مصر، عبدالمحمود عبدالحليم، للتشاور، دون إبداء الأسباب مساء أمس الأول، فيما اكتفت القاهرة بلغة دبلوماسية على الصعيد الرسمي، لا تخفي الغضب المكتوم، بالقول، إنها تدرس الموقف لاتخاذ الإجراء المناسب.

ويكشف استدعاء السودان لسفيره المرحلة، التي وصلت إليها العلاقات مع مصر، بعد سلسلة طويلة من التراشق وتبادل الاتهامات والتوترات التي لا تنتهي في العامين الماضيين، فالتصريحات الهجومية من الخرطوم تتوالى في وقت تتهم القاهرة جارتها الجنوبية بالانحياز ضدها في مفاوضاتهما مع أديس أبابا حول سد النهضة الإثيوبي، مما أدى في النهاية إلى فشلها، والذي حملته مصر للتعنت السوداني الإثيوبي، وسبق للرئيس عمر البشير أن اتهم مصر بتسليح المعارضة السودانية، وهو ما نفته القاهرة وقتها، فيما تزعم صحف الخرطوم وجود حشود عسكرية مصرية داخل إرتيريا بالقرب من الحدود السودانية.

Ad

مثلث حلايب

وفتح وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور ملف مثلث حلايب وشلاتين المصري، أكثر من مرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، مكرراً المزاعم السودانية حول أحقية الخرطوم في المثلث (نحو 20 كيلو متراً مربعاً) الذي تمارس القاهرة عليه أعمال السيادة قبل ميلاد الدولة السودانية بانفصالها عن الدولة المصرية عام 1958، وكان رئيس اللجنة الفنية للحدود من الجانب السوداني عبدالله الصادق، قال منذ يومين، إن استمرار ما سماه بـ "العدوان المصري" على حلايب، يهدف إلى جر السودان للدخول في اشتباكات مباشرة.

وغادر السفير السوداني في القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، عبدالمحمود عبدالحليم، مطار القاهرة الدولي على متن رحلة مصر للطيران  رقم 853، فيما اكتفت الخارجية المصرية بالقول على لسان متحدثها الرسمي، أحمد أبو زيد، في بيان مقتضب، إنه تم إخطار السفارة المصرية في الخرطوم رسمياً بقرار استدعاء سفير السودان في القاهرة إلى الخرطوم للتشاور، وأن "مصر تقوم بتقييم الموقف بشكل متكامل لاتخاذ الإجراء المناسب".

المعاملة بالمثل

وعلمت "الجريدة" أن مسؤولي الخارجية المصرية يتشاورون مع مؤسسة الرئاسة، لبحث كيفية الرد على خطوة استدعاء السفير السوداني، لاسيما أن السفير المصري بالخرطوم، أسامة شلتوت، موجود حالياً بالقاهرة في زيارة عائلية خاصة، وسط توقعات أن يكون الرد هو "المعاملة بالمثل"، فيما عبر مصدر مصري رفيع المستوى لـ"الجريدة" عن استغرابه من ممارسات نظام البشير العدائية والتصعيدية ضد الدولة المصرية.

وألمح المصدر إلى وجود أياد ليست خفية تمكنت من التأثير على نظام البشير وتوجيهه للتصعيد ضد القاهرة، في إشارة على ما يبدو لانفتاح الخرطوم على النظامين القطري والتركي، وكل منهما على خلاف عميق مع مصر.

وأضاف المصدر: "القاهرة ترصد كل التحركات العدائية ضدها، وسيكون مصير الأخيرة الفشل، ويبقى النظام السوداني هو الخاسر الأكبر"، مشدداً على أن "الشعب السوداني سيدرك عاجلاً أم آجلاً أنه يقع فريسة لحاكم ورط شعبه في علاقات مشبوهة مع أنظمة إرهابية".

استنفار

وسط استعدادات أمنية مشددة وغير مسبوقة مع رفع حالة الاستنفار إلى الدرجة القصوى، تشهد الكنائس القبطية في مصر الاحتفال بعيد الميلاد المجيد بحسب التوقيت الشرقي، الذي يبدأ في ساعة متاخرة من اليوم السبت حتى الساعات الأولى من صباح غد، ويترأس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، قداس عيد الميلاد، الذي يقام في الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة الإدارية، بحضور رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، وكبار رجال الدولة.

وعقد وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، اجتماعاً مساء أمس الأول، مع مساعديه والقيادات الأمنية المعنية لاستعراض محاور الخطة الأمنية التي وضعتها الوزارة لتأمين احتفالات المصريين، وتحسباً لأي عمليات إرهابية تستهدف احتفالات المسيحيين بعيد الميلاد، وشدد الوزير على ضرورة تكثيف الوجود الأمني بمحيط دور العبادة المسيحية وتمشيط محيط الكنائس بشكل متواصل بالتنسيق الكلي مع رجال القوات المسلحة، والوجود الميداني لجميع المستويات الشرطية لمتابعة سير الأداء الأمني، كما وجه برفع الحالة الأمنية للدرجة القصوى.

وزار وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي ورئيس أركان القوات المسلحة الفريق محمود فريد حجازي، المقر البابوي بالعباسية، لتهنئة البابا تواضروس، بعيد الميلاد المجيد، وأكد صبحي أن مصر سوف تظل بعطاء أبنائها ووحدة نسيجهم الوطني المتماسك بعيدة عن كل صور الفتن والأزمات.

مقتل شرطيين

وفي سيناء، قتل أربعة أشخاص (3 منهم من قوات الشرطة) نتيجة استهدافهم من قبل عناصر إرهابية مسلحة على طريق العريش القنطرة الدولي شمالي سيناء، ولاذوا بالفرار أمس الأول، وقال مصدر أمني إن العناصر الإرهابية نصبت كميناً لسيارات المواطنين على الطريق، واستوقفت سيارة خاصة "ملاكي"، كان ضمن مستقليها أمين الشرطة والعريف والمجند، وأطلقوا عليهم الرصاص، بعدما تعرفوا على هوياتهم، بينما أطلق المسلحون النار على سيارة أخرى يستقلها مدنيان، مما أسفر عن مقتل أحدهم.