أوقفوا جيش قتلة الأطفال
ما زالت في ذاكرتنا جريمة الجيش الإسرائيلي بقتل الفتيين الفلسطينيين نديم نوارة ومحمد أبو ظاهر في 15 مايو من عام 2014، ولم ننس ما فعله المستوطنون بالطفل محمد أبو خضير الذي أحرق حيا، أو أطفال عائلة الدوابشة الذين أحرقوا داخل بيتهم، ولكن قائمة قتل الأطفال الفلسطينيين على يد الجنود الإسرائيليين ما انفكت تكبر وتتواصل. فقبل ثلاثة أيام قتل جيش الاحتلال الطفل الشهيد مصعب فراس تميمي وعمره 16 عاما في دير نظام، وهو جالس على حجر، بإطلاق الرصاص الحي عليه من مسافة لا تزيد على بضعة أمتار، وذلك بعد أن داهم ضباط جيش الاحتلال بيته قبل مقتله بيومين، وهددوه بشهادة والده، بأنه سينال العقاب على يدهم قريبا.
إطلاق الرصاص تم بهدف القتل المتعمد لأن الرصاصة أطلقت على عنق الشهيد واخترقته من جهة إلى أخرى، فنزف دماءه واستشهد قبل أن يصل الى المستشفى، أما الوقاحة فتجلت في ادعاء الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن الطفل الشهيد كان مسلحا لتبرير جريمتهم النكراء.ويوم الخميس، الرابع من يناير، وأثناء جنازة الشهيد مصعب، أطلق جنود الاحتلال النار على رأس الشاب محمد عفيف البرغوثي وهو طالب في السنة الثانية في جامعة بيرزيت، فأصابوه إصابة خطيرة في رأسه، وواضح أن الرصاصة أطلقت عليه من مسافة قريبة جدا على الرأس وبهدف القتل، وهذا ما رأيت آثاره بنفسي عندما زرته في غرفة العناية المشددة بالمستشفى. وفي يوم الخميس أيضا، اقتحم جنود الاحتلال مرة أخرى مخيم الدهيشة في بيت لحم، وأطلقوا الرصاص على الأطفال، فأصابوا 12 طفلا ومنهم 8 أصيبوا بالرصاص الحي، وأحد المصابين كان الطفل حسن إبراهيم مزهر الذي أطلقت عليه رصاصة في الظهر فأصابت نخاعه الشوكي، وهو مهدد الآن بالشلل التام. تعيدنا هذه المشاهد إلى ذكريات الانتفاضة الشعبية الأولى، وتذكرنا بسياسة تكسير العظام ومئات الشباب الذين أصيبوا بالشلل إلى الأبد، وفي كل يوم يطلق الجيش الإسرائيلي الرصاص على المتظاهرين العزل ويعرض حياتهم لخطر القتل. وفي هذه اللحظة يوجد 312 طفلا فلسطينيا في سجون الاحتلال منهم 12 طفلة، وهناك 450 أسير اعتقلوا أطفالا وبلغوا عامهم الثامن عشر وهم في سجون الاحتلال ومراكز اعتقاله.المتحدثتان باسم الرئيس ترامب ووزارة خارجيته برعتا في الحديث عن ضرورة حماية المتظاهرين الإيرانيين، وحقهم في التعبير عن الرأي بالتظاهر، وعندما سألهما المراسلون عما إذا كان للفلسطينيين الحق نفسه في التظاهر دون أن يتعرضوا للقتل والاعتقال، تلعثمتا وفقدتا بلاغتهما، وتهربتا من الإجابة. هذا النفاق، وازدواجية المعايير، والصمت المريب في وسائل الإعلام الغربية عما يجري من قمع إسرائيلي للفلسطينيين لا يحتمل ويجب ألا نتعايش معه، والاستمرار في السماح لإسرائيل وجيشها المحتل بأن يكون فوق القوانين الإنسانية والدولية يمثل مشاركة في الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين المناضلين من أجل كرامتهم وحريتهم. الشهيد إبراهيم أبو ثريا، الذي فقد رجليه في قصف إسرائيلي قبل أعوام، ثم فقد حياته برصاصة أطلقها قناص إسرائيلي على رأسه وهو جالس على كرسي متحرك وعاجز عن الوقوف، هو شهادة إدانة ووصمة عار في جبين كل جيش الاحتلال، وعلى جبين كل من يصمت عن جرائمه ويتستر عليها أو يتجاهلها. الشهيد ابراهيم أبو ثريا كان عاجزا عن الوقوف على قدميه لكنه لم يكن عاجزا عن النضال وحمل العلم الفلسطيني من أجل حرية شعبه، والشعب الفلسطيني مكبل بالاحتلال لكنه ليس عاجزا عن مواصلة نضاله من أجل الحرية. من واجبنا جميعا اليوم أن نخوض أوسع حملة عالمية لحماية أطفالنا ولفضح ممارسات جيش الاحتلال، ولتجنيد كل ضغط ممكن عليه لوقف جرائمه ضد أطفالنا. لكنّ جيشا يخاف من أطفال كعهد التميمي، ونديم نوارة، وحسن مزهر لن يرى النصر، بل يسير نحو الهزيمة.* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية