نظمت دار الآثار الإسلامية أمسية موسيقية بعنوان «شوبان وسان سونز» مع العازف فيصل البحيري، في مركز اليرموك الثقافي، وذلك ضمن فعاليات موسمها الثقافي الـ23، وحضر الأمسية جمهور غفير من محبي البيانو وعاشقي الموسيقى الكلاسيكية.وتميزت الأمسية بالروعة، والتي طغت عليها أجواء جميلة، وداعب البحيري بأنامله مفاتيح البيانو، ليبث ألحاناً راقية أغدقت المكان بالجمال والسحر.
وواصل العازف الموهوب أداءه مع الفرقة المشاركة، وقوبل بالتصفيق الحار مرات عدة، فأمتع الجمهور وأبهره بعزفه الأخاذ والمحترف والنابض بالأحاسيس. وشارك في الأمسية العازفون غرزيغورز على بيانو، عبدالوهاب القطان ومينا ماجد على آلة الكمان، ارينا ليكوفتش على آلة فيولا، وارزغوا أحمديفيا على آلة تشيلو، بشير بركات على دبل باس، كريسوف كازما على فلوت، ومنصور خليفة على كلارنيت، صوبيرجون محمديف على أكسليفون «هارمونيكا» وآنا ويلجز على بيانو. وفي تصريح خاص على هامش الأمسية، قال البحيري، إنه عزف مقطوعة لمؤلف سان - سونز من العصر الرومانتيكي تراوحت مدتها 28 دقيقة، لافتاً إلى أن المقطوعة بعنوان «كرنفال الحيوانات» تتألف من 14 مقطوعة صغيرة تصف مشية أو صوت الحيوان، وتفتتح بمقطوعة الأسد ملك الغابة، إذ تقوم باقي الحيوانات باستقباله، مشيراً إلى أن سان سونز كتب العمل وطلب نشره بعد وفاته، وحالياً يعد من أشهر الأعمال لسان سونز.وعن علاقته بالبيانو، قال البحيري: «بدأت بتعلم البيانو بسن متأخر، وهو 16 عاماً، وفي بداية الثلاث السنوات كان تعليم ذاتي، وكنت فترة مع لوياك تراوحت أربع سنوات فكنت أشارك معهم في أمسيات، وأسافر في دورات خارجية فتطور مستواي والحمدلله» مبيناً أنه درس الأدب الإنكليزي في الجامعة، وأيضاً أنه بدأ بشكل احترافي عندما كان عمره 19 عاماً، فأخذ دورات، وتتلمذ على يد أمهر الموسيقيين العالمين. من جانب آخر، أوضح البحيري أنه عندما بلغ 26، حصل على درجة الماجستير من جامعة كارديف في بريطانيا، وحقق تفوقاً ملحوظاً، إذ نال على أعلى درجة في اختبار العزف على البيانو المخصص لماجستير.
مساحة صوتية
وعن سبب اتجاهه لعزف على آلة البيانو بالذات، قال البحيري: «يتميز البيانو بأكبر مساحة صوتية بين الآلات الموسيقية الأخرى، لأن لدينا 88 نغمة موسيقية، وعلى سبيل المثال الكمان صوته جميل جداً لكنه محدود، والبيانو هو الآلة الوحيدة التي تعطيك من 1 – 10، علاوة على أن هناك إمكانية العزف في اليدين، فهذا يمكن العازف من عزف صوتين أو ثلاثة أو أربعة»، مشيراً إلى أن آلة البيانو صعبة وتحتاج إلى جهد واضح. ولدى سؤاله هل العزف يحتاج إلى موهبة، قال البحيري: «الموهبة كلمة مبهمة، لكن المرء يجب أن يكون بقناعة ذاته مؤمناً جداً بأنه إذا عمل من الممكن أن يحقق نتيجة، وأنا مؤمن بمقولة إنكليزية وهي: «ما يؤمن به العقل ينفذه الجسد»، وخلاصة القول، إذا كان المرء يمتلك استعداداً، وثقه ووقتاً ليبذل جهداً في أي شيء آخر غير الموسيقى، فمن الممكن أن يصل إلى مبتغاه ويحقق نجاحاً». وبسؤاله عما إذا كانت أمسية دار الآثار أول ظهور له قال البحيري: «منذ عام 2007- 2010 كنت أعزف في أمسيات مشتركة عن طريق لوياك والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، في عام 2010 وصلتني دعوة من دار الآثار حتى أقدم أول أمسية موسيقية فردية لمدة ساعة كاملة، وكانت حينها ردود الأفعال ممتازة من الجميع، وأصبحت بعدها أقدم أمسيات موسمية في دار الآثار عزفاً على البيانو».ورداً على سؤال إذا كانت لديه مقطوعات موسيقية قام بتأليفها، أفاد بأن «مجال التأليف هو منفرد بذاته، والتأليف يحتاج إلى دراسة وعملاً جدياً، وهناك قواعد لتأليف كثيرة، ناهيك عن أن التأليف تخصص صعب ودراسته طويلة، وعموماً كل شخص لديه مجاله الخاص به، وأنا أعتبر عازف بيانو وتخصصي في الماجستير كان «أداء بيانو».يذكر أن «كرنفال الحيوانات» لسان سونز يعد كعمل موسيقي متكامل لامتلاكه آلية أخاذة تضع شخصيات العمل في سياق موسيقي، من خلال تصوير شخصيات العمل عبر آلات المختلفة. والمعروف أن سان سونز ولد في باريس عام 1835، وتوفي في الجزائر سنة 1921، واشتهر كمؤلف موسيقي وعازف أرغن وبيانو، أظهر موهبة موسيقية خارقة ذكرت بطفولة العبقري. واتصفت أعماله بسهولة وبنية في غاية الوضوح، وعقلانية في تقدم اللحن باعتماد الحد الأدنى من الإمكانات الأوركسترالية.