روحاني «يغازل» المحتجين... و«الاتفاق النووي» في دائرة الخطر

● الرئيس يقر بجانب سياسي للتظاهرات
● وفاة شاب موقوف والسلطات تعلن انتحاره
● وزير الأمن: معادو الثورة حاولوا تعميم الشغب
● طهران تهدد بوقف تعاونها مع «الوكالة الذرية»

نشر في 09-01-2018
آخر تحديث 09-01-2018 | 00:05
طرح الرئيس المعتدل حسن روحاني رؤية مغايرة عن تلك التي طرحها التيار الأصولي والمرشد الأعلى علي خامنئي، لأسباب اندلاع الاحتجاجات الشعبية، رافضا حصرها في المطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي، مطالباً برفع القيود المفروضة على مواقع التواصل، في حين صدرت توقعات من طهران ترجح انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
حاول الرئيس الإيراني الوسطي حسن روحاني مغازلة المحتجين الذين هتفوا بالموت له، وانتقدوا سياسته الاقتصادية، رافضا حصر الاحتجاجات الشعبية، التي تقترب من إنهاء أسبوعها الثاني، في المطالب بتحسين الأوضاع الاقتصادية المتردية، مؤكدا في المقابل وجود مطالب سياسية واجتماعية.

وفي محاولة، على ما يبدو، لاحتواء الموقف، وايجاد توازن بين اجنحة النظام ومراكز القوى فيه، قال روحاني إن «الاحتجاجات التي هزت البلاد ليست موجهة إلى الاقتصاد» المسؤولة عنه حكومته، مضيفا: «سيكون تحريفا للأحداث، وكذلك صفعة للشعب الإيراني، القول إن مطالبه كانت اقتصادية فقط»، وتابع: «الشعب له مطالب اقتصادية وسياسية واجتماعية».

والمرشد الأعلى علي خامنئي هو المسؤول عن السياسة بشكل عام، كما ان المتشددين يسيطرون على مختلف الهيئات الرقابية في البلاد، كما يسيطرون على السلطة القضائية المسؤولة عن التوجهات الاجتماعية.

ورغم أن حكومته هي التي حظرتها، دعا روحاني إلى رفع القيود المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يستخدمها المحتجون المناهضون للحكومة، وذلك في أصعب تحد تواجهه السلطات منذ عام 2009.

ورفض الدعوات إلى منع استخدام وسائل التواصل، وتطبيقات التراسل بشكل دائم، وردد بعض العبارات التي تميزت بها حملته الانتخابية قائلا إنه يجب السماح للمواطنين بانتقاد جميع المسؤولين الإيرانيين دون استثناء.

أزمة الطلبة

في موازاة ذلك، نشرت معصومة ابتكار، نائبة الرئيس الإيراني، تغريدة على «تويتر»، قالت فيها إن روحاني يصر على ضرورة الإفراج عن كل الطلاب المعتقلين.

وتزامنت التغريدة مع تأكيد وزير التعليم محمد بطحائي أمس أن «الكثير من التلاميذ بين المعتقلين، وانه يطالب بإطلاق سراحهم قبل موسم الامتحانات». ولم يتضح إلى من وجه الوزير هذه الدعوة.

وأكدت نائبة إيرانية تدعى طيبة سياواشي أمس وفاة أحد المحتجزين في السجن، على خلفية الاضطرابات التي بدأت الخميس قبل الماضي، وقالت إنه شاب يبلغ 22 عاما، وتم إخطارها بأنه انتحر في ظروف غامضة.

في المقابل، شدد متحدث باسم وزارة الداخلية على أنه سيتم سريعا إطلاق سراح كل شخص معتقل شارك في الاضطرابات الأخيرة ولم يستهدف الأمن العام في البلاد، لكنه أكد أن نسبة الطلبة الجامعيين كانت «قليلة جدا» بين المشاركين في الاحتجاجات.

واعتبر وزير الأمن محمود علوي أن «عناصر مناوئة ومعادية للثورة الإسلامية» خططوا لتعميم أعمال الشغب والفوضى في البلاد، قبل أن يتم إحباط «المؤامرة بيقظة الجهات الأمنية».

وكان روحاني فاز بفترة ولاية ثانية العام الماضي بإطلاق وعود للناخبين عن توفير المزيد من الوظائف للشباب، من خلال جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والحريات الفردية والتسامح السياسي، وكلها أهداف شكك فيها منافسه الرئيسي في سباق الانتخابات.

تظاهرات وانتحار

في غضون ذلك، خرجت مسيرات معارضة بعدة مناطق في عدد من المحافظات، بينما عرض التلفزيون الرسمي صورا لمسيرات مؤيدة للحكومة في عدة مدن، بينها سنندج في غرب البلاد، رفع فيها المشاركون صورا لخامنئي ورددوا هتافات التأييد له. وكان كثير من المحتجين شككوا في سياسة إيران الخارجية في المنطقة، حيث تدخلت في سورية والعراق واليمن وغيرها.

ووجه المتظاهرون غضبهم في البداية إلى الأسعار المرتفعة، وما يتردد عن الفساد، لكن الاحتجاجات أخذت منعطفا سياسيا نادرا ما تشهده إيران، إذ دعا عدد متزايد من الناس إلى تنحي خامنئي.

والزعيم الأعلى هو القائد العام للقوات المسلحة، كما أنه يعين رؤساء الهيئات القضائية، ويتم اختيار الوزراء الرئيسيين بموافقته، كما أن له القول الفصل في السياسة الخارجية الإيرانية، وفي المقابل يتمتع الرئيس بسلطات قليلة.

طهران وواشنطن

إلى ذلك، توعد المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي واشنطن برد حازم يجعلها تندم في حال «انسحابها من الاتفاق النووي أو قيامها بأي تصرف غير منطقي».

وحول قرار الولايات المتحدة المرتقب اتخاذه حول الاتفاق النووي الجمعة المقبلة، قال إنه لا يمكنه إصدار حكم مسبق، لكن إيران رسمت التوقعات والسيناريوهات الاحتمالية، وجميع الخيارات وفق مختلف الظروف مدرجة على طاولة طهران، وستوضع قيد التنفيذ في ذات اليوم وبسرعة مناسبة لنوع القرار الذي تتخذه واشنطن».

بدوره، توقع مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن تؤدي مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لـ»انهاء الاتفاق النووي» إلى انسحاب واشنطن منه بشكل كامل، في الأيام المقبلة، وقال: «بالتأكيد لن تكون منطقتنا أكثر أمنا دون الاتفاق النووي، وهذه النقطة واضحة تماماً».

ودعا المسؤول الإيراني المجتمع الدولي إلى الاستعداد لتلك الخطوة، واصفا «الاتفاق النووي» الموقع بين طهران والقوى الكبرى في 2015 بـ»التجربة الوحيدة لإيجاد حل سلمي لأزمة ونزاع في العصر الحالي»، وأعرب عن أسفه لمحاولة الولايات المتحدة، عبر جهود ترامب، تحويل تجربة دولية ناجحة إلى الفشل.

في هذه الأثناء، وجه وزیر الخارجیة الایراني محمد جواد ظریف انتقادات إلى الولايات المتحدة، وقال إن من حق الشعب الإيراني توجیه النقد وإقامة المظاهرات السلمیة، خلافا لما هو موجود في الدول المتحالفة مع واشنطن في المنطقة.

نقلت وكالة فارس للأنباء عن رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي قوله أمس "قد تعيد النظر في تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم تحترم الولايات المتحدة التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية في عام 2015".

ونقلت الوكالة عن صالحي قوله للمدير العام للوكالة الدولية يوكيا أمانو "إذا لم تنفذ الولايات المتحدة التزاماتها بموجب (الاتفاق النووي)، فستتخذ جمهورية إيران الإسلامية قرارات قد تؤثر على تعاونها الحالي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

back to top