مع حلول الذكرى الثامنة لثورة الياسمين، التي أطاحت نظام الرئيس زين العابدين بن علي، قرر حزب المعارضة الرئيسي في تونس، أمس، توسيع نطاق الاحتجاجات على غلاء الأسعار وغياب التنمية.وغداة ليلة من المواجهات العنيفة بين المتظاهرين والشرطة شهدت مقتل متظاهر في طبربة، تعهد رئيس الحكومة يوسف الشاهد بمحاسبة من وصفهم بـ"المخربين"، مؤكداً أن حكومته "مستعدة للاستماع لأي شخص يحتج بطريقة سلمية".
وإذ اعتبر الشاهد أن "البارحة لم تشهد احتجاجات، بل أناساً يقومون بالتكسير والاعتداء على الديمقراطية، والحل الوحيد هو تطبيق القانون عليهم"، دعا إلى الهدوء، مقراً بأن "الوضع الاقتصادي صعب ودقيق، وعلى التونسيين أن يفهموا أن بلدهم يمر بصعوبات، و2018 سيكون آخر عام صعب عليهم".وبينما ذكر رئيس الحكومة أن ثمة "من حرض على الاحتجاجات، أكدت حركة الجبهة الشعبية توسيع نطاق الاحتجاجات حتى إسقاط قانون المالية لعام 2018، الذي أقره البرلمان أواخر 2017، ويتضمن رفعاً في أسعار أغلب المواد، فضلاً عن فرض ضرائب جديدة".وقال زعيم الجبهة حمة الهمامي، في مؤتمر صحافي: "لدينا اجتماع مع أحزاب معارضة أخرى لتنسيق تحركاتنا، ولكننا سنبقى في الشارع، وسنزيد وتيرة الاحتجاجات حتى نسقط قانون المالية الجائر الذي يستهدف خبز التونسيين ويزيد معاناتهم".ورفض الهمامي سياسة تشويه التحركات الشعبية ومواجهتها بالقمع والمحاكمات، مطالباً بكشف حقيقة مقتل المواطن، مساء أمس، قبل أن يدعو المحتجين إلى التظاهر السلمي من أجل المطالبة بحقوقهم المشروعة. ومع سريان "قانون المالية"، الذي يتضمن زيادات في أسعار أغلب السلع وفرض ضرائب جديدة، في محاولة لاستعادة التوازنات المالية للدولة وتقليص عجز الميزان التجاري، تفجرت الاحتجاجات في عدة مناطق وتوسعت تدريجياً، مساء أمس الأول، لتشمل 10 مدن أخرى، أبرزها القصرين وطبربة وسيدي بوزيد، مهد ثورة الياسمين، التي بدأت أحداثها بإضرام الشاب محمد البوعزيزي النار بنفسه في 17 ديسمبر 2010، لتتحول إلى ثورة على النظام في 14 يناير2011.وتصاعد الغضب منذ رفع الحكومة اعتباراً من أول يناير أسعار البنزين وبعض السلع وزيادة الضرائب على السيارات والاتصالات الهاتفية والإنترنت والإقامة في الفنادق وبعض المواد الأخرى في إطار إجراءات تقشف اتفقت عليها مع المانحين الأجانب.كما شملت الإجراءات، التي تضمنتها ميزانية 2018، خفض واحد بالمئة من رواتب الموظفين للمساهمة في سد العجز في تمويل الصناديق الاجتماعية.وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد خليفة الشيباني حرق مركز للشرطة وسرقة متاجر وتخريب منشآت في مدن عديدة خلال احتجاجات مساء أمس الأول، مشيراً إلى أن قوات الشرطة ألقت القبض على 44 محتجاً بعد ضبطهم في وقائع سرقة وشغب وتخريب وعنف.وفي حين شرعت وزارة الصحة في تشريح جثة الرجل البالغ من العمر 43 عاماً في طبربة لتحديد أسباب وفاته، نفى الشيباني ما تم تداوله من أن الشرطة قتلته، مؤكداً عدم وجود أي آثار عنف عليه، وأنه كان يعاني من مشاكل "ضيق تنفس".وذكر الناطق الرسمي باسم الأمن الوطني العميد وليد حكيمة "أن 11 عنصراً أصيبوا برشق الحجارة والمقذوفات وقنابل المولوتوف، في حين تضررت أربع آليات للشرطة" خلال الصدامات.وبحسب مصدر أمني، فإن سبب الوفاة قد يعود إلى الاختناق بالغاز المسيل للدموع، في حين أفاد شهود عيان بأن المتظاهر مات دهساً بسيارة تابعة لقوات الأمن.وفي القصرين، المدينة الفقيرة في وسط تونس، قام عشرات الشبان بإحراق إطارات سيارات ورشقوا بالحجارة عناصر الأمن الذين ردوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع.وفي سيدي بوزيد، التي انطلقت منها شرارة "الربيع العربي"، تم إغلاق طرقات بالإطارات وجرى رشق بالحجارة أيضاً. وشهدت مناطق في محافظة القيروان تظاهرات أغلقت خلالها طريق محافظة سليانة.
دوليات
تونس: الاحتجاجات تتسع... والحكومة تهدد
10-01-2018