أصدر مكتب المجلس في اجتماعه الذي عقد 18 ديسمبر الماضي قراره رقم (47) بإحالة كتاب النائب عادل الدمخي بشأن عرض موضوع حبس بعض اعضاء مجلس الأمة على المجلس لاتخاذ قرار بشأنه الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لدراسته من الناحية الدستورية وتقديم الرأي القانوني بشأنه الى مكتب المجلس، وأحيل قرار مكتب المجلس الى اللجنة بتاريخ 19 ديسمبر.وعقدت اللجنة لهذا الغرض عدة اجتماعات بتاريخ 25/12/2017، 2/1/2018، 8/1/2018 استمعت خلالها الى اراء عدد من اعضاء مجلس الأمة هم د.عادل الدمخي، ورياض العدساني، وعمر الطبطبائي، واثنين من الخبراء من خارج اللجنة هما د. محمد الفيلي ود. فواز الجدعي بكلية الحقوق- جامعة الكويت، واطلعت اللجنة على مذكرة برأي الخبير الدستوري د. عبدالفتاح حسن في الموضوع محل البحث كما اعد المكتب الفني للجنة دراسة برأيه.
وأوضحوا وجهة نظرهم على النحو التالي:
النائب د. عادل الدمخي:
- حبس النواب وهم متمتعون بالحصانة النيابية ليس له سند قانوني، والدليل على ذلك انه بسؤاله وزير الداخلية عن السند القانوني للقبض عليهم أجابه بأنهم سلموا انفسهم وانه لو كان لوزارة الداخلية رأي قانوني لذكره الوزير.- المادة 111 من الدستور عددت الإجراءات مما يعني طلب رفع الحصانة لكل حالة وكل اجراء على حدة.- النواب المحبوسون يتمتعون بالحصانة بدليل انهم مازالوا يقومون بعملهم البرلماني فمنهم من رشح للجنة حقوق الإنسان وقبل المجلس ترشيحهم بالتزكية.- رئيس المجلس اوضح أنه لا يستطيع اسقاط العضوية عن النواب المحبوسين لعدم صدور حكم التمييز، مما يعني انه لا يجوز سجنهم بدون رفع الحصانة عنهم وصدور حكم بات.النائب رياض العدساني:
- المادة 20 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة واضحة وتستند الى المادة 111 من الدستور والتي ذكرت كل اجراء على حدة باستخدام لفظ "او" مما يدل على ان التحقيق يستوجب طلب رفع الحصانة والحبس كذلك يستوجب طلبا اخر لرفع الحصانة.- مقولة ان المقصود هو الحبس الاحتياطي ليس لها سند في النص، كما ان المذكرة الايضاحية لم تضع تفسيراً للمادة 111 من الدستور لوضوحها، لذلك فإن النص يجب ان يفهم على عمومه.النائب عمر الطبطبائي:
بما اننا امام نص قانوني (111 من الدستور، 20 من اللائحة الداخلية) يمكن تفسيره بأكثر من طريقة فإنه من الأفضل من الناحية العملية الذهاب بالنص للمحكمة الدستورية باسرع وقت ممكن للبت فيه لبيان ما اذا كان حبس النواب صحيحا من الناحية الدستورية ام لا.د. محمد الفيلي:
لكي نخلص الى رأي بجواز او عدم جواز عرض موضوع حبس او سجن اعضاء مجلس الأمة تنفيذا لحكم قضائي على المجلس يجب النظر الى مسألة رفع الحصانة.- نص المادة 111 من الدستور يتحدث عن حصانة اجرائية نطاقها اثناء دور الانعقاد وليس كل الفصل التشريعي فنجد تمايزاً بين الأثر القانوني في دور الانعقاد وفيما بين ادوار الانعقاد كما ان هذه المادة تجعل الاصل هو عدم وجود الحصانة اي ان الحصانة استثناء من الاصل المتمثل بمبدأ المساواة امام القانون وامام القضاء.- القاعدة الأصولية في التفسير هي ان الاستثناء لا يفترض ولا يجوز التوسع في تفسيره باعتباره خلاف الأصل.- لفظ رفع الحصانة ينصرف الى الاتهام وليس الى العقوبة المقررة وذلك للاسباب التالية:1- النص في المادة 111 من الدستور ابعد فكرة الضبط المتلبس (الجرم المشهود) اي هذه الحالة لاتشملها الحصانة.2- اللائحة الداخلية تقرر أن عدم رفع الحصانة لا يكون الا اذا كان الاتهام كيديا.وأنه عند جمع النصين السابقين نصل الى ان محل الحصانة هو حالة الاتهام وبعد صدور حكم المحكمة سوف لا نكون امام متهم بل امام مدان لا يتمتع بالحصانة خصوصاً انه لا يمكن ان نصف حكم المحكمة بالكيدية.- خطورة بحث موضوع الحصانة بعد صدور الحكم تتمثل في الإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات، فالإدانة من اختصاص القضاء كما ان اللائحة الداخلية لمجلس الأمة نصت على انه لا يجوز للجنة التشريعية (عند نظرها لطلبات رفع الحصانة) ان تقيم الأدلة من الناحية القضائية، كون ذلك يعتبر تدخلاً في اعمال القضاء.- تقرير عدم جواز تنفيذ عقوبة الحبس على العضو قبل صيرورة الحكم باتا امر يحتاج لتعديل في النص (إما في نص اللائحة الداخلية لمجلس الامة او في قانون الجزاء والإجراءات الجزائية) اما في الوضع الحالي للنصوص فلا يجوز ان يوقف نفاذ الحكم النهائي، فالحكم النهائي لا يحتاج الى اشارة بوجوب تنفيذه بعكس الحكم الابتدائي.د. فواز الجدعي:
ان الواقعة محل الرسالة تتعلق بالحصانة الإجرائية المنصوص عليها في المادة 111 من الدستور، والمشرع الدستوري استخدم لفظ (او) بدلا من الحرف (و) مما يعني ان اي اذن لاي اجراء لا يعني الإذن باتخاذ اجراء اخر ولو كان متعلقاً بذات القضية، فكل اجراء يستوجب اذنا خاصاً فيه.- ان هذه الحصانة المقررة تعد من النظام العام فلا يجوز للعضو ان يتنازل عنها ولا يجوز للحكومة الا ان تتبع الاجراءات التي رسمها الدستور بشأنها، فمجرد الادعاء بان العضو قام بتسليم نفسه في اي مرحلة جزائية لا يكفي باعتباره سندا قانونياً لمباشرة هذا الاجراء.- لما سبق فإن حبس اثنين من اعضاء مجلس الأمة تنفيذاً لأحكام قضائية نافذة ولم يصدر حكم بوقف تنفيذها لا يتعارض مع المادة 111 من الدستور وعرض هذا الموضوع على مجلس الأمة يعتبر تدخلاً في اختصاص السلطة القضائية.المكتب الفني للجنة الشؤون التشريعية والقانونية:
- الهدف من الحصانة النيابية هو حماية عضو مجلس الأمة من اجراءات الدعاوى الكيدية التي ترفع بهدف تعطيله عن اداء اعماله النيابية.- نطاق الحصانة النيابية لعضو مجلس الأمة يمتد خلال مراحل الدعوى الجزائية حيث تكون شبهة الكيدية غير محسومة، وبصدور الحكم النهائي بإدانة العضو المشكو في حقه تكون مسألة الكيدية في الدعوى قد حسمت اذ لا يتصور توافر الكيدية في الحكم القضائي النهائي الصادر بالإدانة.- بدراسة الأعمال التحضيرية للائحة الداخلية لمجلس الأمة تبين لنا ان الحصانة النيابية لا يقصد بها عدم المسؤولية، لذلك فلا يتصور ان تكون وضعت لحماية العضو من الأحكام القضائية النهائية، يستدل على ذلك من مضبطة الجلسة الثامنة من دور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الأول والتي نوقش فيها اقرار المواد المتعلقة بالحصانة النيابية في اللائحة الداخلية للمجلس فيما ذكره الخبير الدستوري:"المادة (20) لا تتكلم عن عدم المسؤولية وانما عن الاجراءات التي تتخذ للتحقيق والقبض ضد الشخص فلا يجوز ان تتخذ ضد عضو مجلس الامة حتى لا يظن انه تصطنع الاسباب لمنعه من حضور الجلسات".- الأصل هو مبدأ المساواة اي مساواة العضو بالمواطن العادي، والحصانة البرلمانية هي الاستثناء والذي قرر لحماية الوظيفة البرلمانية من الإجراءات الكيدية التي تهدف لعرقلة عمل العضو النيابي، ولان الاستثناء لا يجوز التوسع فيه ولما كانت الأعمال التحضيرية تؤكد ان الحصانة الإجرائية لا تعني عدم المسؤولية فإن حبس العضو بعد صدور حكم نهائي بالحبس واجب النفاذ إجراء صحيح.ما انتهت إليه اللجنة:
رأت اللجنة ان موضوع الرسالة سيتم مناقشته في جلسة مجلس الأمة ليوم الأربعاء الموافق 10/1/2018 وبالتالي انتفى الغرض من إبداء اللجنة رأيها في الرسالة المكلفة بدراستها من قبل مكتب المجلس.وتحيل اللجنة الى مكتب المجلس جميع الآراء عن هذا الموضوع.