«فاقد الشيء لا يعطيه!»
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
أضف إلى ذلك، هل الدولة بحاجة اليوم إلى قرض بهذا الحجم، وقد تساوت كفتا الميزانية بعد صعود سعر النفط إلى 64 دولاراً، في حين أن القيمة المعتمدة في موازنة الدولة هي 50 دولاراً؟! وهل العجز الاكتواري، وهو عبارة عن منظومة حسابية افتراضية ومعقدة، يأخذ بالاعتبار أقصى معدلات الخسائر في تحقيق السقف الأعلى لكل الشرائح، أو كما نقول باللغة العامية "أسوأ الاحتمالات"، يفترض أن يكون حجر عثرة أمام تخفيض سن التقاعد؟ لو كان لدى النواب الذين نفخوا من بوق الحكومة لإخافة الناس بالعجز والويل الاقتصادي ذرة من الحياء السياسي أو الإنصاف لكان بإمكانهم احتساب القيمة الحقيقية لكلفة خفض سن التقاعد؛ مع توافر فرص التوظيف وبدلات البطالة التي يتقاضاها عشرات الآلاف من المواطنين على قائمة الانتظار، بالإضافة إلى الفرص المهدورة في اقتصادات التأمينات؛ كحبس مبلغ 10 مليارات دينار من الاستثمار والخسائر الناجمة عن سوء الإدارة والاستثمار وتعطيل مشاريعها مثل إنشاء مستشفى المتقاعدين الذي أقر قبل أكثر من 10 سنوات، حتى يتبيّن للمواطن العادي والحكومة نفسها الكلفة الحقيقية لخفض سن التقاعد، وبالمناسبة نذكّر النواب الذين ما زالوا يرضعون حليب الحكومة بأن البنك الدولي الذي لجأت إليه الحكومة عام 2000 قدّم جملة من التوصيات للإصلاح الاقتصادي، كان من بينها خفض سن التقاعد للكويتيين. إن اقتصادنا قد لا يكون مثالياً لكنه قوي، كما نقر بأن التحديات المستقبلية صعبة وحقيقية، ولكن أن تتلاعب الحكومة بالأرقام وتوزيع الأموال العامة حفظاً لمصالح فئات محدودة وبمبالغ خيالية، مقابل بث الرعب في قلوب الناس عن طريق بعض نوابها، إذا ما تعلق الأمر بمصلحة عوام الناس، فهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً.طالما أن الحكومة عاجزة عن تنويع مصادر الدخل، ومتقاعسة عن الابتكار، ومتخاذلة عن وقف الفساد المالي، فلا يحق لها ولا لنوابها أن يعطونا دروساً في الاقتصاد، ولا الأرقام أو الحسابات أو التقشّف، لأن "فاقد الشيء لا يعطيه!".