أرجوحة: «فإذا جاء وعد الآخرة»
استمعت بكثير من التأثر إلى مقطع رائع للعالم الجليل الشيخ محمد متولي الشعراوي– رحمه الله- حول بيت المقدس، وهو يعرض أن الفترة الحالية هي فترة العلو لليهود، "ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرا"، حيث يجتمع المال في يد اليهود، ويعملون جميعاً في الجيش، ويملكون كل أدوات النجدة والاستقواء بالقوى العظمى في العالم، وتتسبب هذه الكرّة لليهود في خروج المسلمين من المسجد الأقصى، والعلو في البناء والتعمير في المدينة المقدسة، وأن حكمة الله في عودة اليهود إلى بيت المقدس هي جمع شتاتهم من الأرض "فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً". فالإسلام لا يستطيع أن يجابه اليهود في كل بلاد الأرض المشتتين فيها، ومن حكمة الله أن يجمعهم في المدينة المقدسة ليوجه إليهم الضربة القاضية بأيدي عباده الصالحين، فكأن وعد بلفور والتأييد العالمي لدولة الصهاينة وقرار "ترامب" كلها ليست نكاية في الإسلام بل خدمة له، ودليلا على صدق الرسالة المحمدية، فحكمة الله هي في تجميعهم في مكان واحد، حتى تكون الضربة حاسمة وقاضية. ثم يعرض الشيخ الجليل للمرحلة التالية بعد ذلك "فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ" فيدخل عباد مؤمنون بالله المسجد كما دخلوه أول مرة، وهو وعد مرتبط بعودتنا إلى الله عز وجل، والتزامنا بالمنهج الصحيح، وهو الشرط الأساسي لنصر المسلمين.
قد يرى البعض في هذا التأويل العظيم للشيخ الجليل روحاً من الاستسلام؛ ولكني أرى فيه الكثير من الخير والأمل وبيان للوعد الصادق من الله عز وجل بالنصر والتمكين والعزة من الله جل وعلا؛ غير أن هذا النصر مرهون بالعودة إلى الله ومعرفة طريق الحق والصواب، ومن هنا موعد النصر مرهون بأيدينا، فإذا عدنا إلى الله عادت إلينا العزة وعاد إلينا النصر، وعاد المسجد الأقصى، وعادت القدس.ومن هنا خرجت هذه الكلمات الخالدة للشيخ الشعراوي بقلب مطمئن بنصر الله وعودة الحق والإسلام إلى بيت المقدس، وفي الوقت ذاته زاد يقيني بحكمة الله في استعمال أعداء الإسلام لخدمة الإسلام.فشكراً لترامب لأنه كغيره من الأعداء تقدموا خطوة في سبيل النهاية المنشودة للحركة الصهيونية الشيطانية في العالم، وشكراً لأنه أعان الصهاينة على التجمع لفيفاً لفيفاً في المدينة المقدسة، واستكمال الجدار العازل، والبناء والعلو، وليضع المسجد الأقصى تحت أيديهم، ليمهد بذلك لخطوة مهمة نحو النصر الإسلامي ودخول المسجد والقضاء على الباطل الصهيوني "وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرا".أما رسالتي للأمة الإسلامية فهي لا تحتاج إلى توضيح، فموعد النصر مرهون بعودتنا إلى الله عز وجل، وتمسكنا بالحق، فعودوا ليعود لنا النصر، ورسالتي لإسرائيل اقتباس من كلمات الشاعر نزار قباني:يا آلَ إسرائيلَ.. لا يأخذْكم الغرورْ عقاربُ الساعاتِ إن توقّفتْ، لا بدَّ أن تدورْإنَّ اغتصابَ الأرضِ لا يُخيفنافالريشُ قد يسقطُ عن أجنحةِ النسورْوالعطشُ الطويلُ لا يخيفنافالماءُ يبقى دائماً في باطنِ الصخورْهزمتمُ الجيوشَ.. إلا أنكم لم تهزموا الشعورْقطعتم الأشجارَ من رؤوسها.. وظلّتِ الجذورْأرجوحة أبي عبدالله:"أبو عبدالله" أقصد به النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد، فمنذ توليه منصبه الجديد أصبح حديث الدواوين والناس، والمطلوب منه في المرحلة القادمة، وكالعادة أنا أستمع دون تعليق، خوفا بألا يعارض تعليقي تمنياتهم وأحلامهم، والحمد الله أنني لم أعلق ولم أشاركهم فيما يقولون، لأنني أيقنت أنهم على صواب وأنا على خطأ، فعندما رأيت معاليه مفترشا الأرض والجنود حوله وقوفا أحسست وشعرت بما يحس ويشعر به من كانوا يتمنون ويحلمون، فقلت لا والله إنها حقيقة لم أفطن لها، فالخير قادم، وإن كانت جلسته عفوية ففيها عفوية "صباح السالم" وإن كانت مقصودة ففيها حنكة "صباح الأحمد"، وفي الأمرين خير وعزة. اللهم أعز شيوخنا ولا تعز عليهم.