رغم أن الكاريكاتير يستخدم الخطوط البسيطة في نقل المعنى والمضمون، فإن له أبرز دور في الدفاع عن قضايا مهمة من بينها حقوق الإنسان، فضلاً عن أنه بسيط ومؤثر في آن، ويتمتع بمميزات كثيرة، لا سيما إظهار عيوب المجتمع في صورة ساخرة ممتعة، تدعونا إلى إحداث التغيير في الواقع.إلى جانب الكاريكاتير، ظهر فن «الكوميكس»، وكثيرون منا لا يعرفون عنه شيئاً سوى الصور التي نراها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتي جذبت إليها الأنظار بقوة، جعلتها تنتشر بسرعة، نظراً إلى كثرة رواد هذه الشبكات.
في الواقع، لفن الكوميكس أصوله التاريخية، وفقاً لبعض المؤرخين الذين أكدوا أنه موجود على جدران الحضارة المصرية القديمة، ويُعد علي رضا رائداً في هذا المجال بمصر.حول الفرق بين الكاريكاتير والكوميكس، وهل أثر انتشار الأخير عبر وسائل التواصل الاجتماعي في قدرة الأول على الوصول إلى جماهيره، بتعبير أدق هل بات بديلاً أكثر انتشاراً وجماهيرية، والأهم من حيث الحرية في طرح الأفكار والمضمون؟ أم ستظل أقدام الكاريكاتير راسخة لا يأخذ من نجاحه وانتشاره أي جديد يحلق في الأفق؟
رأي الفنانين
رسام الكاريكاتير عمرو سليم، أوضح أن الكوميكس قصة مسلسلة، تعتمد على كاتب ورسام، بينما الكاريكاتير قصة قصيرة يكون فيها الرسام صاحب الفكرة.كذلك يستهدف الكوميكس الأطفال والكبار وليس معنياً بالمسؤولية الأدبية، وهو استهلاك سريع للحدث، فيما الكاريكاتير أحد فنون الصحافة، صاحب رأي، وله هوية، وهنا تأتي مسؤولية الرسام، لأنه يعرض رأيه الشخصي المستقل والممتد، قال سليم، لافتاً إلى أن للكاريكاتير حضوراً يومياً متفاعلاً لم ولن يتأثر بظهور الكوميكس.وأوضح أن التكنولوجيا حطمت القيود كافة التي كانت تعوق فن الكاريكاتير، وأصبحنا نعيش في عصر لا وجود فيه لرسومات ممنوعة من النشر.في السياق ذاته، قالت رسامة الكاريكاتير دعاء العدل، إن لفن الكاريكاتير شخصيته الخاصة التي لم تتأثر بظهور فنون أخرى، وهو رأي في إطار واحد، وتنشره الجرائد كافة. لكن الكوميكس قصة قصيرة موجودة في أكثر من إطار، ولا يصح نشرها في جريدة، مشيرةً إلى أن رسامي الكاريكاتير يعانون بعض الصعوبات بسبب غياب المعلومات وعدم وجودها بدقة، ما يجعل الصورة غير مكتملة لندرة المعلومة عنها، فضلاً عن غياب حرية التعبير، ووضع حدود للنشر نتيجة للقيود على وسائل الإعلام عموماً، ما يضع رسامي الكاريكاتير في تحدٍ واضح لإخراج الصورة بشكل كامل.بدوره ذكر رسام الكاريكاتير محمد أنور، أن مصطلح الكوميكس غير دقيق كي نطلقه على رسومات، بل نحن إزاء شريط مصور عبارة عن فن تتابعي، كما أنه أحياناً يكون ضمن إطار واحد نطلق عليه مسمى «نكتة»، أما إن تعدى ذلك إلى أكثر من إطار فيصبح «كوميكس» أو قصصاً مصورة، ومن مميزات الأخير أنه عبارة عن صور وليس رسومات، ما يجعله متاحاً بشكل دائم وسريع، إذ لا يحتاج إلى الرسم. كذلك يعزِّز ذلك الحس الفكاهي الذي ينشره هذا الفن، ويجعله أكثر حيوية، ومواكباً للحدث. لكن عيوبه، بحسب أنور، أنه مستهلك، بينما الكاريكاتير يأخذ وقته في الوصول إلى المتلقي، بل يعيش في الأذهان، لأنه ليس مجرد رسم أو «نكتة»، إذ يتضمن إدراكاً سياسياً واجتماعياً ووجهة نظر «وليس مجرد إفيه».أما مشكلة الكاريكاتير، تابع أنور، فمرتبطة بمشكلة الصحافة الورقية عموماً، والتي تحتاج دائماً إلى تطوير وابتكار طرائق مناسبة لتقديمها كي لا يمل القارئ.الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز
أكد الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز أن الكوميكس هو النسخة المعاصرة للكاريكاتير والتي تعبِّر عن تطورات المشهد الاتصالي، من ثم لا يوجد إعلام حديث وآخر قديم، بل نحن إزاء كاريكاتير يستخدم الأدوات الاتصالية المتاحة ليواكب الكوميكس الذي أصبح أكثر كثافة وسرعة واستخداماً لأدوات الاتصال المتعددة المختلفة التي تعزز انتشاره.كذلك أشار إلى أن الكاريكاتير لم ينته، ويُعاد إنتاجه على حسب القنوات الاتصالية المتاحة، وإذا لم يُستغل ذلك في الصحف المطبوعة فسيصبح وجود هذا الفن رمزياً ومحدوداً، وسينتقل معظم الطاقات إلى الكوميكس.