ينهي مسرح "كاتابولت" الأميركي عروضه، اليوم، على مسرح الدراما، ضمن فعاليات النصف الثاني من الموسم الثقافي الأول لمركز جابر الأحمد الثقافي، بعد يومين رائعين استمتع فيهما الجمهور الكويتي.ويحتوي العرض على فقرات مقسمة إلى جزأين، أدى الفريق في الجزء الأول فقرة "الفصول الأربعة"، حيث تم عرض المشاهد برشاقة وانسيابية وسلاسة تتم بها التحولات السريعة بين المناظر المختلفة بكل ما تتضمنه من تشكيلات حركية، مثل التعبير فنيا عن الفصول الأربعة وتشكيلات الحيوانات، فمع البداية من فصل الربيع حيث ينمو كل شيء، مروراً بالصيف حيث يصبح الشاطئ مسرحاً للأحداث، ثم الخريف بأشجاره، وصولاً إلى شجرة عيد الميلاد، لقطات ومشاهد تمرن عليها الراقصون الثمانية بالفرقة، وقدموها بحرفية عالية، منتقلين من مشهد إلى آخر ببساطة.
وفي تشكيلات الحيوانات أيضاً تمتد الأجساد على الأرض، فتصور كلباً أو تفقز كمجموعة من الضفادع، ثم تتحول إلى قطيع من النعام، وتمتزج مرة أخرى لتشكل دودة، أو تجتمع في كومة كبيرة لتشكل الفيل.ثم عرضت فقرات "جدار برلين"، و"كيوي"، و"الجاسوسة"، وشكل الفريق بأجساده إعلاناً عن الاستراحة بكلمة "pause".وبعد 20 دقيقة، بدأ الجزء الثاني بفقرة عنوانها "حكاية مسافر"، عرضت رحلة امرأة إلى مدن مختلفة، واستمتع جمهور المشاهدين برحلات يعبر عنها النص، بحيث يجد المشاهد نفسه وقد انتقل بين مدن فرنسا ومصر والهند والصين وإيطاليا، مُشاهدا معالمها الشهيرة التي تقدمها الأجساد البشرية ببراعة شديدة، ومع الموسيقى الملهمة والحركات التعبيرية المحترفة شكلت فرقة "كاتابولت" ظلال الأجساد مرة في هيئة برج إيفل وأخرى في شكل تاج محل أو الجندول مبحرا في قنوات فينيسيا.وفي فقرة حملت عنوان "محطات" استعرض العمل أهم المراحل في حياة الانسان من الطفولة المبكرة، وحتى عمر النضج واستخدم القائمون على العرض الفن بالشكل الذي جعله الوسيلة المثلى للتعبير عن المشاعر العميقة للمراحل المختلفة من عمر الإنسان. وشاهد الجمهور الطفلة التي تصبح امرأة في مراحل تطور حياتها، ليس فقط في الشكل، ولكن أيضا من خلال التجارب الحياتية المتنوعة، بدءا من فترة المدرسة وحتى مرحلة المراهقة، ومن فترة الخطوبة إلى الزواج وحتى الأمومة. وتشكلت أذرع الراقصين لتصنع طقس الزفاف أو نوافذ المنزل الذي يغدو بيت الزوجية، حتى شعر الأم المجعد يتحول إلى شجرة يتأرجح عليها طفلها، وتم ذلك كله بأداء بالغ الاحترافية والاتقان صنع من خلاله الممثلون تكوينات مبهرة.
خدع بصرية
وتقدم فرقة "كاتابولت" عروضها وفقا لمنظور معين، حيث يقوم الراقصون بإيهام المشاهد عن طريق قربهم من الضوء، فيصنعون تشكيلات الأم والطفل بالإضافة الى عدد آخر من الحيل الفنية والحركية لا يمكن كشفها بسهولة.تصوّر الفرقة من خلال الضوء والظلّ تحوّلات الإنسان، والقدرة على التقلّب بين مفردات الطبيعة باستخدام الخدع البصرية، حيث يمكن للراقص أن يتحوّل إلى غيمة أو حيوان أو جناح طائر، من خلال تطبيق نوع فريد من السينوغرافيا يعتمد على التلاعب بألوان الخلفيات وحجم الشاشة وقربها وبعدها من الجمهور.يشار إلى أن مسرح "كاتابولت" قد تأسس عام 2008 على يد آدم باتلستاين الذي استوحى مسرح خيال الظل الصيني القديم، لكنه استبدل الدمى التي كانت العنصر الرئيسي في العروض التقليدية بالعنصر البشري حيث تتشكل الظلال من خيال الأجساد التي تقوم الآن بدور البطولة في العروض.وتتسم عروض الفرقة برسائلها المباشرة من خلال استخدام حركة الجسد وظلالها على الشاشة لتقوم بالدور التعبيري بديلا للكلمات، عابرة بذلك حاجز اللغات المختلفة، بحيث تصل الصورة الى المشاهد ببراعة وبوضوح تام.وظهرت عروض "كاتابولت" الأولى عندما شاركت الفرقة في برنامج المواهب "أميركانس غوت تالنت" عام 2013، وتستخدم الفرقة في عروضها الحركات البهلوانية المختلفة وبينها حركات رياضة الجمباز لترسم من خلف الشاشة لوحات فنية تعبيرية ذات أشكال ومناظر معبرة عن النص الذي يتم تمثيله.إنجازات «كاتابولت»
قدمت الفرقة أكثر من 500 عرض حول العالم منذ وصلها لنهائيات برنامج المواهب "أميركانس غوت تالنت" عام 2013. كما عرضت فنها في سويسرا، والسويد، إيطاليا، ألمانيا، فرنسا، موناكو، الكويت، السعودية، ليتوانيا، نيويورك ولاس فيغاس. وصفتها الصحافة العالمية بعرض التحولات الجريئة، فكل تحول يعقبه تصفيق حاد، مصحوباً بتعبيرات الدهشة والانبهار، مما دعا صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن تلقب آدم باتلستاين بعبقري خيال الظل.