العملات الرقمية فقاعة وتفتقد وظائف العملة
• لا أحد يستطيع النصح بشرائها أو عدمه وصعودها لن يستمر إلى الأبد
• قد تكون مقبولة مستقبلاً بشروط وضمن رقابة صارمة
أي عملة، لها وظائف عديدة، لعل أهمهما اثنتان، الأولى، قبولها «مستودعاً للقيمة»، والثانية، قبولها على نطاق واسع «وسيطاً للتبادل»، والعملات الرقمية لا تملك هاتين الخاصيتين حالياً.
قال تقرير الشال الأسبوعي، إن الأسئلة هذه الأيام تكثر حول العملات الرقمية، وأشهرها الـ"بتكوين"، والرؤى حولها تبلغ حدود التناقض الكامل، وإن كان معظم المتخصصين يعتقدون بأنها فقاعة مماثلة لفقاعة "زهرة التوليب" في هولندا التي استمر هوسها نحو 3 سنوات 1634 1637- قبل أن تبدأ مرحلة الهبوط الحاد بتاريخ 5 فبراير عام 1637، قبل انفجار الفقاعة بشهر واحد، بلغ الهوس أقصاه، ففي شهر يناير 1637، ارتفعت قيمة بصيلة توليب تدعى White Croonen" " 2600 في المئة، وكان ذلك كافياً إنذاره بالنهاية، وتقديرنا أنها في تعاملاتها الحالية هي فقاعة بكل تأكيد، لكن، قد لا تختفي تماماً كما خرجت "زهرة التوليب" من التعاملات، إذ قد تكون عملة مقبولة مستقبلاً، بشروط، وضمن نظام محكم ورقابة صارمة. فالعملة، أي عملة، لها وظائف عديدة، لعل أهمهما اثنتان، الأولى، قبولها "مستودعاً للقيمة"، والثانية، قبولها على نطاق واسع "وسيطاً للتبادل"، والعملات الرقمية لا تملك هاتين الخاصيتين حالياً. معنى أن تكون مستودعاً للقيمة، هو أن تكون حركة قيمتها، إما ثابتة، كما في نظام الذهب، الذي تخلى عنه الدولار الأميركي في 15 أغسطس 1971، أو حركة إلى الأدنى والأعلى، لكن ضمن نطاق محدود ومرتبط بأداء اقتصاد الدولة -أو الدول- التي تصدرها. وتفقد العملة تلك الوظيفة، أو تلك الخاصية، إذا كان تذبذب سعرها حاد، مثل بلوغه نحو 18 ضعفاً للـ"بتكوين" في عام 2017، حينها تتحول إلى أصل أو سلعة عالية المخاطر تجذب المقامرين أو مالكي الأموال غير النظيفة.
وظيفتها الثانية، وسيط للتبادل، تتطلب قبولاً واسعاً من بائعين ومشترين للسلع والأصول والخدمات في اعتمادها لتحديد سعر لمنتجاتهم، ومعظم هؤلاء لن يقبلوها وسيطة إذا كان تذبذب قيمتها بمستوياته الحالية، وهو وضع تلك العملات حالياً.ونعتقد، أن تلك العملات الرقمية خاضعة في مستقبلها لاحتمالين، الأول، هو أن يتوسع المعروض ويستمر هوس المضاربة عليها حتى أكثر مما هو حالياً، حينها سوف يؤول مصيرها إلى مصير مشابه لفقاعة شركات الإنترنت التي انفجرت في مطلع الألفية الحالية، أو "زهرة التوليب"، أي تختفي تقريباً. أما الاحتمال الثاني، فهو مماثل لما حدث بداية إصدار العملات التقليدية، لا يصمد منها سوى عدد محدود جداً، بما يحقق وظيفتا "مستودع القيمة" و"وسيط تبادل"، وذلك يتطلب استقرار تذبذب أسعارها، وخضوعها لما يكفي من تنظيم ورقابة. وإن تحقق الاحتمال الثاني، سوف تفقد بريقها الحالي، وتخفت حمى شرائها كاستثمار من أجل تحقيق عائد مرتفع وسريع. السؤال الذي لا يمكن المغامرة بالإجابة عنه، هو النصح بشرائها أو عدم شرائها، فلا أحد يستطيع الجزم برأي حولها، وتحديداً حول حركة قيمتها، والمدى الزمني حتى تبلغ فيه أعلى مستوياتها وتتحضر لانفجار فقاعتها. كل ما نعرفه هو أن صعودها لن يستمر إلى الأبد، وإن ارتفاع قيمتها يضاعف عائد الاستثمار فيها، لكنه يضاعف أيضاً من مخاطر ذلك الاستثمار، بما قد يفقده كل قيمته، لذلك يبقى القرار مسؤولية المستثمر.