بدأت نتائج القطاع المصرفي عن العام الماضي 2017 تتدفق الى البنك المركزي، وينتظر خلال ايام قليلة بدء اعلانات البنوك التي تعطي المستثمرين صورة واضحة عن الوضع الاقتصادي العام من جهة والرؤية المستقبلية، وذلك من خلال الكثير من الدلالات والمؤشرات التي تحملها لتوزيعات النقدية ونسب النمو. وفي هذا الصدد، كشفت مصادر أن اختبارات الضغط الأخيرة التي رفعتها البنوك للبنك المركزي وفق اسوأ السيناريوهات اعطت اشارات ايجابية وقوية جدا للمراكز المالية لها خلال العام الماضي، وخلال الفترات المالية المرحلية.
وقال مصدر مصرفي لـ "الجريدة" انه يمكن القول انه مع نهاية عام 2017، التي شهدت عمليات سداد ضخمة للعديد من كبار العملاء والمستثمرين فإن المخصصات التي كان يتم حسمها بمبالغ كبيرة لمجابهة تداعيات وآثار الأزمة المالية قد انتهت.وأشار المصدر إلى انه حاليا غالبية المخصصات التي يتم التوصية بها من جانب البنك المركزي لأمرين، اولهما المتغيرات والمخاطر الجيوسياسية، والآخر هو المخاطر الناتجة عن التشغيل الاعتيادي والدوري بشكل عام، مشيرا الى ان الأزمة المالية وتداعياتها وآثارها تم "هضمها بالكامل، سواء من جهة الشركات التي تعثرت وشطبت وانتهى أمرها او العملاء الكبار التي كانت لديهم مديونيات ضخمة وكبيرة تفوق المليار دينار وأصحاب التركزات، وبعض الشركات الأخرى". وتشير مصادر الى انه حتى بالنسبة لمخاطر التشغيل يمكن القول ان سيناريوهاتها اختلفت عن فترة ما قبل الأزمة، إذ ان التمويل كان في السابق قصير الأجل، وحاليا باتت هناك فترات سماح تصل الى عام او اكثر حسب العميل وظروف التمويل والمنافسة، اضافة الى المدة الزمنية التي تصل الى 5 سنوات على اقل تقدير. أيضا باتت هناك انتقائية شديدة جدا بالنسبة للعملاء والشركات الراغبة في الحصول على التمويل، وبالتالي العناية الفائقة تجنب البنوك اعباء المخصصات، وبالتالي فإنه بعد مرور نحو 9 سنوات حافظ البنك المركزي خلالها على خصم وتجنيب مخصصات سنوية، حتى وإن تفاوتت وجهات النظر مع البنوك بعدم حاجتها إلى بعض المبالغ الكبرى المطلوبة، حقق بناء رصيد مالي ضخم وكبير يمكن الاعتماد عليه في مجابهة اي ظروف.وعلى صعيد تحرير المخصصات التي انتفى الغرض منها تتباين وجهات نظر البنوك مع المركزي في هذا الصدد، إذ إن قاعدة المركزي التاريخية هي التحوط الشديد والتحفظ، ولطالما توجد أرباح نامية لدى البنك، وأداؤه متزن فلا داعي للجوء الى تحرير المخصصات التي سيكون لها توقيتها ونظامها التدريجي في تحريرها، وعلى مدار سنوات ايضا لتحقيق التوازن في حجم الأرباح المعلنة، وهذا الأمر بحسب توقعات مصادر مصرفية سيكون بدء النظر فيه اعتبارا من 2020، وفقا لما يؤخذ من النقاشات والتوجهات الرقابية عموما.
عمليات السداد
إلى ذلك، قالت مصادر مصرفية اخرى انه خلال النصف الأول من العام الحالي، الذي غالبا ما يشهد فترة التوزيعات النقدية السنوية عن العام السابق 2017، سنشهد مزيدا من عمليات السداد والهيكلة للديون اعتمادا على التوزيعات النقدية التي يحصل عليها كبار العملاء من هذه التوزيعات، وستؤدي تلك العمليات الى مزيد من ترتيب اوضاع البنوك ماليا وتعزيز تصنيفاتها وتأكيد تنافسيتها اقليميا. من جهة أخرى، أشارت المصادر الى انه بالنظر الى سنوات الأزمة يمكن التأكيد على ان كل المعالجات التي تمت للمتعثرين كانت نتاج الأزمة، ولاحقا لم يشهد السوق حالات تعثر جديدة بناء على النظم الجديدة وآليات التمويل وهياكل السداد، وكذلك في ضوء سياسات المنح المتحفظة التي تستند الى اهم عامل، وهو التدفق النقدي المطمئن لالتزام العميل وقدرته على السداد تحت اي ظرف.وتجدر الإشارة الى ان نسبة تغطية القروض غير المنتظمة تبلغ حاليا 208.7 في المئة، فضلا عن ان معيار كفاية رأس المال 18.2 في المئة اعلى من المحددات الرقابية بنحو 6 في المئة. وصافي القروض غير المنتظمة الى صافي القروض 1.7 في المئة. وفي الإطار ذاته، كشفت المصادر عن ان الميزانيات التقديرية للقطاع المصرفي التي يطلبها البنك المركزي سنويا للتعرف على خطة كل بنك تحمل تفاؤلا ونموا ايجابيا ايضا للتشغيل المرتقب في عام 2018.