سعاد الصباح تستذكر محطات مهمة في مشوار مبارك الصباح وعبد الله المبارك
• استعرضت في إصدارين عنهما جوانب مشرقة من تاريخ الكويت
تسرد د. سعاد الصباح سيرة شخصيتين بارزتين لهما الكثير من المآثر في التاريخ الكويتي عبر إصدارين باللغة الإنكليزية، مركزة على رجل وضع الأساس لتاريخ دولة ولنهضة شعب هو الشيخ مبارك الصباح الملقب بأسد الجزيرة، أما الشخصية الثانية فهو زوجها الشيخ عبد الله المبارك، النجل الأصغر للشيخ مبارك الكبير.
قدّمت دار «سعاد الصباح للنشر والتوزيع» الطبعة الإنكليزية من كتاب «مبارك الصباح– مؤسس دولة الكويت الحديثة» للدكتورة سعاد الصباح. ويستعرض الكتاب ملامح مهمة من حياة الشيخ مبارك الكبير أو أسد الجزيرة، حاكم الكويت منذ 1896 حتى وفاته في 28 نوفمبر 1915، الرجل الذي رفع لواء الكويت في نهايات القرن التاسع عشر، ونجح في العبور من مضائق النزاعات الدولية العظمى آنذاك، والتي تمثلت في الصراعات العثمانية والأوروبية والروسية.
تأسيس الحكم
يأتي هذا الإصدار باللغة الإنكليزية عقب نسخة أولى صادرة بالعربية في عام 2007، رغبة في توثيق هذا الجزء من التاريخ المهم في الكويت ومنطقة الخليج العربي برمته. تؤكد الدكتورة سعاد الصباح في مقدمة الكتاب أن «الشيخ مبارك الكبير أسس الحكم في الإمارة، وأكّد استقلال الكويت في ممارسة شؤونها الداخلية، وأبرز دورها على خريطة المنطقة إلى الدرجة التي جعلت البعض يتصور أنه تطلع إلى تنصيب نفسه أميراً على الجزيرة العربية، مع إظهار الصلة التي ربطت بين الشيخ مبارك وولاية البصرة ونفوذه وعلاقاته مع مختلف قبائل المنطقة».وتتحدّث الصباح عن مظاهر التطور التي بدأت تظهر في الكويت، وتقول ضمن هذا السياق: «وفي مناخ الأمن والاستقرار، بدأت الكويت مسيرتها في مجال التحديث، فأدخلت الخدمات الطبية، وأنشئ أول مركز طبي في الإرسالية الأميركية عام 1911، ثم أنشئت المدرسة المباركية عام 1911. كذلك شهدت هذه الفترة المبكرة، تأسيس الجمعية الخيرية التي تعتبر بمنزلة أول هيئة للنفع العام».
تاريخ دولة
عن مضمون الكتاب، توضح الصباح: «الكتاب هو محاولة لرسم صورة لسيرة رجل وضع الأساس لتاريخ دولة ولنهضة شعب، والكتاب هو الأول من نوعه الذي يتناول سيرة الشيخ مبارك الصباح».وركزت الدكتورة سعاد الصباح في كتابها على شكل الحياة في الكويت وجهود الشيخ مبارك في تحديث المؤسسات في الكويت كإدخال التعليم والطب والبرق والبريد، إضافة إلى الاستعانة بشهادات الرحالة الأجانب وملاحظاتهم حول بداية إدخال مظاهر الحضارة الحديثة من مخترعات ومبتكرات صناعية.محتوى الكتاب
وتظهر على غلاف الإصدار، وبغلافه السميك المقوى، صورة الشيخ مبارك الكبير بزيّه البدوي المعروف، وقد اعتمدت الكاتبة على كمّ ضخم من المراجع سواء ما كان منها باللغة العربية أو بالإنكليزية من كتب ودوريات وصحف ومجلات ورسائل جامعية غير منشورة لإنجاز هذا الإصدار الكبير. وتضمّن الكتاب فصولاً عدة، بدأت بإستراتيجية بناء الدولة، ثم بدايات التطور الاجتماعي والانفتاح على الخارج، ثم بدايات التطور الاقتصادي وتنظيم الحياة التجارية والمالية، ثم العلاقات الإقليمية وتوظيف الموارد السياسية، وأخيراً الصراع الدولي حول الكويت.النهضة الحضارية
ومن جانب آخر، أصدرت الدكتورة سعاد الصباح كتاباً خاصاً عن زوجها الراحل عبدالله المبارك، وهو النجل الأصغر للشيخ مبارك الكبير، وحامل مشعل بناء الكويت الحديثة، ومن الذين واصلوا المسيرة في نهضة الكويت الحضارية المشهودة. جاء الإصدار باللغة الإنكليزية وبعنوان «عبدالله مبارك الصباح نهضة الكويت» بالتعاون مع دار «اي بيت وريس» في لندن.وترى المؤلفة أن الكتاب يجمع بين دفتيه أكثر من منهج: من ناحية أولى يندرج ضمن كتب التراجم أو السير الذاتية، لأن موضوعه قصة حياة الشيخ عبدالله مبارك الصباح، ودوره في بناء الكويت الحديثة. وكما يتضح في الكتاب، فإن هذا الرجل كان شخصية استثنائية بالمعايير كافة، فقد استطاع الفكاك من أسر المجتمع التقليدي الذي نشأ فيه، ليتطلع إلى آفاق المستقبل الرحبة، وأن يدعم قوى التغيير في الكويت، بل يشارك في صنعها، من خلال أدواره في كثير من المجالات التي يعرض لها الكتاب.وتضيف المؤلفة أن الكتاب من ناحية ثانية، بحث في التطور السياسي والاجتماعي وعملية التحديث وبناء المؤسسات في الكويت، فلم يركز على السمات الشخصية لصاحب السيرة، وإنما درسها في سياقها الاجتماعي.وتقول: «حرصت على ذلك، لأنني لا أعتقد أن تاريخ أي مجتمع هو تاريخ الزعماء، وأن الأبطال، كما رأى كارليل، هم ماكينة التطور، فالأساس في تاريخ أي مجتمع الشعب والناس».مادة تاريخية
وتكتب د. سعاد الصباح في استهلالها مؤلفها: «وجد القارئ في هذا الكتاب المادة التاريخية التي تدلّ على كيفية صنع القرار في الكويت في الخمسينيات، وأنماط العلاقات بين شيوخ آل الصباح، ودور الوكيل البريطاني في التأثير في صنع القرار، وتدخله في الشؤون الداخلية للبلاد، والسعي إلى الوقيعة أو إثارة التنافس بين الشيوخ.وأكدت أن الكتاب من ناحية ثالثة، بحث في العلاقات العربية والدولية، فيدرس صفحات من تطور الأوضاع العربية، وقضية انضمام الكويت إلى جامعة الدول العربية قبل الاستقلال، ويعرض لجذور الأطماع العراقية في الكويت، وعلاقات التنافس بين بريطانيا والولايات المتحدة بمنطقة الخليج، وهي علاقات كانت بين قوة استعمارية متراجعة يخفت نفوذها وقوتها ولم تعد قادرة على تحمُّل مسؤوليات القيام بالدور الإمبراطوري، وقوة أخرى شابة صاعدة خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية، وسعت إلى وراثة نفوذ الدول الأوروبية وبناء إمبراطورية جديدة لها.شهادة متجددة
لفتت د. سعاد الصباح إلى أن التاريخ يكون حياً عندما يتناول شخصيات وموضوعات كانت وما زالت مؤثرة في حياة مجتمعاتها، ويكون إسهامها في شكل مؤسسات مستمرة في العطاء والبذل، بحيث تكون هذه المؤسسات شهادة متجددة في حق الآباء المؤسسين للدولة الحديثة في الكويت، والذين عملوا في ظروف مرهقة جداً، وشقوا طريقهم وسط الصعاب، وفي أوقات لم تكن فيها الكويت تمتلك القدرات والكفاءات البشرية المتوافرة لها اليوم. وأكدت أن هدفها الوحيد، هو إظهار وجه الحقيقة لمرحلة مهمة في تاريخ الكويت، خلاصها توثيق كل واقعة أو حدث.وتشير د. سعاد الصباح إلى أن هذا التوثيق من خلال تتبع حياة عبد الله مبارك بجوانبها الخاصة والعامة يمثل مجموعة من المشاعر والمبادئ ورجل دولة من الطراز الأول، أدى دوراً حاسماً في تاريخ بلده، وترك من خلاله آثاراً ملموسة على الساحتين الإقليمية والدولية.