توقفت السيارة أمام استوديو الأهرام، ونزل منها الفنان صلاح السعدني، وهو يرتدي جلباباً ريفياً ويضع «طاقية» على رأسه، ويدخل من البوابة إلى «البلاتوه»، حيث موقع تصوير مسلسل «الناس في كفر عسكر» واعتاد زملاؤه رؤية النجم الكبير في هذا الزي طوال أيام التصوير، فيزيدهم الأمر رهبة وجدية، لاسيما من يقفون أمام هذا العملاق، الذي يعايش الشخصية على مدار 24 ساعة، ويصحبها معه إلى منزله، ليندمج في شخصية أخرى، لا يستطيع أحد أن يخرجها من داخله، إلا بعد انتهاء العمل في المسلسل.حدث ذلك في أواخر عام 2003، وكان صلاح السعدني في قمة تألقه الفني، وله بصمات مميزة في أداء الكثير من الشخصيات الدرامية، وتراكمت خبراته كممثل ذي ثقافة ووعي بمسؤوليته أمام جمهور ينتظر منه هذا التفرد، وانضم «الناس في كفر عسكر» إلى قائمة أعماله الناجحة، وذلك حين عرض في عام 2004، وحقق أعلى نسبة مشاهدة في ماراثون المسلسلات التلفزيونية.
يعد «الناس في كفر عسكر» من أهم الأعمال الدرامية التي تناولت الريف المصري، وهو أحد أجزاء «الخماسية» التي كتبها الروائي الراحل أحمد الشيخ، وأخرجها المخرج السينمائي الكبير نادر جلال، وشارك في البطولة مع النجم صلاح السعدني كوكبة من النجوم منهم فتحي عبدالوهاب، ودلال عبدالعزيز، وهالة فاخر، وحنان شوقي، وتوفيق عبدالحميد، وفتوح أحمد، فضلاً عن الظهور المميز للنجمين أحمد بدير وعمرو عبدالجليل. وقال الناقد الراحل رجاء النقاش: «لو لم يكن صلاح السعدني فناناً كبيراً جداً، لكان له من إنسانيته وطيبة قلبه ورقة عواطفه ما يجعله إنساناً رائعاً، ولكان له من ثقافته ومتابعته للحركة الفكرية والأدبية ما يجعله مثالاً رائعاً نجيباً بين أبناء هذا الجيل، حتى لو لم يكن هو الفنان الكبير المعروف لكل الناس باسم «العمدة» أو «حسن أرابيسك». وأضاف: «صلاح السعدني من الفنانين القلائل الذين حرصت على صداقتهم، ويكاد هو ومحمد رشدي «المطرب المعروف» يكونان من أقرب الأصدقاء إلى قلبي في الوسط الفني، حيث أجدهما دائما إلى جانبي في كل أفراح الحياة ومتاعبها، فصلاح إنسان جميل حقا، ومثقف متابع، ومحب مخلص لأهل الثقافة». هكذا رسم الناقد الكبير رجاء النقاش، بقلمه «بورتريه» لصلاح السعدني الفنان والإنسان، لتتشكل ملامحه المتفردة أمام جمهوره، ويحلل طبيعة هذا الممثل شديد الموهبة، والمتميز بأداء لا يتقاطع مع أصداء من أداء ممثل سابق، سواء كان عربيا أو أجنبيا، وبينما لجأ البعض إلى تقليد أو محاكاة آخرين، ظل العمدة يحتفظ ببصمته عصية التقليد، سواء في أعماله السينمائية أو المسرحية أو الدراما التلفزيونية.
الولد الشقي
رحلة طويلة قطعها «عمدة التمثيل» منذ مولده بالقاهرة يوم 23 أكتوبر عام 1943، ورغم أصوله الريفية، عاش طفولته وصباه في حي المنيرة، وهو الشقيق الأصغر للكاتب الساخر محمود السعدني (1928- 2010)، أحد رواد الكتابة الساخرة في الصحافة العربية، واشتهر باسم «الولد الشقي»، وكان صلاح يعتبره مثله الأعلى، ويردد عبارته الشهيرة «إن محمود أبي الذي لم تلده جدتي».في أحد حواراته يقول صلاح: «تربيت في حواري المنيرة (منطقة شعبية وسط القاهرة)، إلا أن معظم أصولي ريفية، وأكثر من ثلثي عائلتي مازالت تعيش على امتداد صعيد مصر من نجع حمادي وجزيرة شندويل حتى الإسكندرية، كما أن دراستي بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، جعلتني أحتفظ بكثير من العلاقات مع عمد الريف، ومن بينهم لبيب سيدهم عمدة كفر سلامة بمركز منيا القمح في محافظة الشرقية، وبالتالي لم أجد غربة كصلاح السعدني الفنان وبين شخصية العمدة سليمان غانم». عندما أصدر محمود السعدني كتابه «المضحكون» عام 1971، تناول أبرز نجوم الكوميديا، ومنهم نجيب الريحاني وفؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي، وتطرق إلى جيل الشباب، آنذاك مثل عادل إمام وسعيد صالح، وسمير غانم وجورج سيدهم، بينما لم يتحدث عن شقيقه صلاح بكلمة واحدة، معتبراً أن شهادته عنه ستكون «مجروحة»، وهذا يؤكد أن «العمدة» شق طريقه متكئاً على موهبته وعشقه لفن التمثيل.لم يقم الكاتب الساخر بوساطة لدخول شقيقه إلى مجال التمثيل، وظل يراقبه عن بعد، وهو يصعد إلى مسرح مدرسة السعيدية، ثم ينضم إلى فرق الهواة بالجامعة، ويبحث مع زملائه عن فرصة للتحقق، واستطاع هؤلاء الشباب أن يشقوا طريقهم في الصخر، ويؤكدوا حضورهم المتفرد، كجيل لا يقلد الأسلاف، وإن كان يثمن عطاءهم، وينهل من خبراتهم، ويسبح ضد التيار السائد في الأداء الكوميدي والتراجيدي.السعدني الكبير تذكر شقيقه في كتابه «الطريق إلى زمش» الصادر عام 1977، وروى من خلاله تجربة اعتقاله مع عدد من الكتَّاب والصحافيين عام 1959، يقول الولد الشقي: «في التاسعة صباحاً سمحوا لصلاح السعدني شقيقي بدخول الغرفة التي يوجد بها جميع المعتقلين... كان في السنة الأولى بمدرسة السعيدية الثانوية، وبكى عندما رآني، فنهرته بشدة وأفهمته أننا في رحلة مدة أسبوع نعود بعدها إلى المنزل، وهدأ صلاح وجلس بعض الوقت يتحدث مع أحمد رشدي صالح (الأديب والصحافي وأحد رواد الأدب الشعبي) وخرج مطمئناً، عندما اكتشف أن شقيقه ليس وحده في هذه الرحلة، ولكن هناك عشرات آخرين». مرت سنوات على هذا اللقاء، وصار صلاح السعدني نجماً شهيراً، ولكنه تعرض في بداية السبعينيات للمنع من العمل في التلفزيون، لأسباب تتعلق بشقيقه الولد الشقي، ومعارضته لسياسات الرئيس الراحل أنور السادات، لكن الأزمة مرت بسلام، ليعود الفنان المتعطش للتمثيل ليختار ما هو متاح، وليس ما يرضيه كممثل، وكانت من أقسى الفترات التي مرت في حياته.أما عن الفرق بين الولد الشقي والعمدة، فيقول رجاء النقاش: «الفرق مسألة مفهومة عندي، فمحمود السعدني كان عليه أن يشقى في بداية حياته ويشق الصخر بأظافره، وقد تعب «محمود» تعباً لم يتعبه إلا قليلون، ولذلك جاءت موهبته عنيفة وشرسة، أما صلاح السعدني فكانت ظروفه أهدأ ومعاناته أقل، وكانت لديه ملعقة من «الفضة لا من الذهب» يأكل بها، أما محمود فهو مثلي ومثل الكثيرين من أبناء جيلنا الذين لم يعرفوا الملعقة إلا بعد قيام ثورة 23 يوليو سنة 1952، فقد كنا قبل ذلك فقراء إلى درجة تثير الغيظ».بدوره، قال صلاح في أحد حواراته عام 2005: «محمود السعدني حالة كاملة بشقاوته، بخناقاته، بثورته وانفعاله، وهو الآن يعاني المرض، وأشعر أن قلبي يتمزق بسبب ذلك، لكني أدعو له بالشفاء، فهو أبي وأخي وأستاذي وصديقي».مقاهي المثقفين
كانت البدايات متلاطمة الأمواج، وأثرت في تكوين طالب مدرسة السعيدية، بل في مراحل متقدمة من حياته، لكنه اقترب وجيله من السعدني الكبير ورفاقه كامل الشناوي وزكريا الحجاوي ونعمان عاشور وألفريد فرج وعبدالرحمن الخميسي وغيرهم من الأدباء والمفكرين، وكانوا يلتقون بهم في مقهى «محمد عبدالله» في ميدان الجيزة، والذي اختفى منذ نحو 3 عقود، وكان من أشهر المقاهي التي يلتقي فيها أدباء الخمسينيات والستينيات، بل كان شاهداً على إبداعات ومعارك ثقافية، والكثير من المواقف الطريفة بين مثقفي هذا الزمان. لم تكن المقاهي المندثرة مثل «متتايا» في ميدان العتبة و«عبدالله» في ميدان الجيزة فضاءات للتسلية، بل ساحات للثقافة والإبداع، وجلسات لكوكبة مضيئة من الفنانين والأدباء المصريين، ويفد إليها أقرانهم من سائر الدول العربية، لذا وجد صلاح ضالته، وهو يحضر هذه المجالس شديدة الثراء، والتي حفزته عاى القراءة والاطلاع، وأدرك أن فن التمثيل ليس مجرد مهارات في الأداء، أو موهبة فطرية فقط، بل على الممثل أن يكون وسيطاً واعياً بين هذه المعارف والمتلقي. امتلك الممثل الشاب ناصية الأداء التراجيدي والكوميدي، وإجادة اللهجات الريفية والصعيدية، وتنقل بين شخصيات عدة، فكان الطالب الجامعي والفلاح والعامل والعمدة والمحقق والضابط، وغيرها، وأدرك أن الدراما الجيدة تقترن بأدب جيد، ومن هنا جسد أبطال روايات نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس، وفي المسرح حل ضيفاً في أعمال نعمان عاشور، وألفريد فرج، وسعد الله ونوس، ونجيب سرور، وفي الدراما مع روائع أسامة أنور عكاشة «ليالي الحلمية» و«أرابيسك». اللافت أن سيرة صلاح السعدني تتعلق بأعماله الفنية فقط، وفي حواراته القليلة لم تكن ثمة إشارات مطولة لحياته الخاصة، فهو نجم استثنائي بكل المقاييس، ولا يميل إلى سرد تفاصيل شخصية، بل كان يضيق بأسئلة من هذا النوع، فقد عاش راهباً في محراب التمثيل، وحرص على صورته كفنان أمام جمهوره، ومن هنا صار «العمدة» قدوة لأجيال من الفنانين، بالتزامه وجديته وانتقائه لأدواره، سواء في السينما أو المسرح أو الدراما التلفزيونية. يقول «العمدة»: «أؤمن بأن للفن وظيفة اجتماعية، وأعي تماماً هذا الدور، وبالتالي فإن اختياراتي نابعة من هذا الوعي، فأنا لست «أراجوز» ولا مهرجاً في سيرك، وأعتقد أن هناك درجة من الوعي في المجتمع، صحيح أن هناك من ينظر إلى الفن على أنه «أكل عيش»، ولكن هذه نسبة قليلة جداً».العمدة والزعيم
بدأ صلاح السعدني رحلته مع الفن مبكراً، وجرفه تيار التمثيل أثناء دراسته بكلية الزراعة، ولمع «العمدة» في أول ظهور درامي له بالتلفزيون مطلع الستينيات في ثلاثية «الرحيل»، و«الضحية»، و«الساقية» للأديب الكبير عبدالمنعم الصاوي، والمخرج نور الدمرداش، الذي يعد أحد رواد الإخراج التلفزيوني، واشتهر بلقب «ملك الفيديو». لفت الشاب النحيل الأنظار إلى موهبته أمام العمالقة حمدي غيث، وسميحة أيوب، وشفيق نورالدين، ونجمة إبراهيم، وملك الجمل، وتبدلت تماماً فكرة المخرج نور الدمرداش، الذي كاد يعصف بأحلام طالب كلية الزراعة، حين أخبره أنه لن يكون ممثلا جيدا، وفيما بعد أسند إليه دوراً رئيسياً في مسلسل «لا تطفئ الشمس» ليصبح أولى محطاته نحو الأضواء والشهرة. في هذه الفترة كان هناك جيل واعد، ويمتلك الموهبة والحلم، فقد ارتبط صلاح السعدني بصداقة قوية مع زميله عادل إمام في كلية الزراعة بجامعة القاهرة، وشاركا في العديد من الأعمال على مسرح الجامعة، وحقق «الزعيم» حضورا مميزا في مسرحية «أنا وهو وهي» أمام شويكار وفؤاد المهندس، وشارك بدور سكرتير المحامي، ليعلن ميلاد ممثل كوميدي موهوب، وأيضا الفنان الضيف أحمد بموهبته الجامحة، ولكن القدر لم يمهله ورحل عن عمر يناهز الثلاثين في عام 1970.شق الصديقان طريقهما إلى النجومية، وبينما تربع «الزعيم» على عرش الكوميديا في السينما، أصبح «العمدة» أحد عمالقة التمثيل في الدراما التلفزيونية، ولكنهما التقيا بعد سنوات في فيلم «الغول» 1983، وقام بإخراجه سمير سيف، وكتب السيناريو وحيد حامد، وشارك في بطولته النجم الكبير فريد شوقي والنجمة نيللي، ودارت الأحداث حول صحافي شاب «عادل إمام» يتصدى لفساد أحد رجال الأعمال، ويلتقي بصديقه المحقق الذي لعب دوره صلاح السعدني، وتتوالى الأحداث. تعرض «الغول» لأزمة مع الرقابة، بسبب بعض المشاهد العنيفة، لاسيما مشهد النهاية، ويعد الفيلم إحدى علامات ملك الترسو والزعيم والعمدة في السينما، حيث حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وأشاد النقاد بأداء الممثلين، والسيناريو المكتوب، والأسلوب الإخراجي لسمير سيف كمخرج شاب في هذا الوقت.لم يلتق العمدة والزعيم على خشبة المسرح بعد نجوميتهما، وظل الأمر من المشاريع الفنية المؤجلة بينهما، وقد حدث أثناء عرض المسرحية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» أن أصيب عادل إمام بوعكة صحية، وكاد العرض يتوقف، ورحب صلاح السعدني بأن يلعب دور «بهجت الأباصيري» حتى يتماثل صديقه للشفاء.وعن هذا اللقاء المؤجل مع الزعيم يقول العمدة: «نحن أصدقاء، ولكن كل منا ناجح في عمله، وفي مجاله الذي يعشقه، وأنا أعتز بصداقتي للفنان عادل إمام، ويكاد يكون هناك اتصال بيننا كل يوم، لكني لا أحب الذهاب إلى مجال فني لا أحصل من خلاله على قيمتي الفنية الحقيقية، وأنا لا أقل عن الزميل عادل إمام، فكما هو في المسرح له صولات وجولات، أنا كذلك ولكن في التلفزيون». كذلك جمعت بين الصديقين هواية مشاهدة كرة القدم، وكلاهما يشجع النادي الأهلي، وحين يلتقيان في المناسبات يتبادلان الذكريات عن أيام الجامعة، وفرقة المسرح في كلية الزراعة، وحرصهما على مشاهدة لقاءات القمة بين الفريق الأحمر ومنافسه التقليدي الزمالك «الفريق الأبيض»، لاسيما المباريات التي يلعب فيها نجم الكرة في الستينيات صالح سليم، وقد ربطتهما بالمايسترو صداقة قوية حتى رحيله عام 2002.الأصدقاء الثلاثة
عندما بدأ مخرج الروائع حسن الإمام في التحضير لفيلمه «قصر الشوق» 1966 الجزء الثاني من ثلاثية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، كان يبحث عن وجه جديد ليؤدي شخصية «كمال عبدالجواد» فاقترح عليه الممثل الشاب عادل إمام أن يسند الدور لصديقه محمد جابر أو الفنان نور الشريف، وكانت نقطة تحول كبرى في مشواره السينمائي. كذلك شهد عام 1966 تحولاً في مسيرة صديقهما الثالث صلاح السعدني، بظهوره الأول كوجه جديد في فيلم «شياطين الليل» للمخرج الكبير نيازي مصطفى، وبطولة ملك الترسو فريد شوقي، والنجمة هند رستم، وأمينة رزق، وكوكبة من الفنانين، ليحقق الممثل الشاب حضوره في دور الشقيق الأصغر لعامل بسيط «فريد شوقي» الذي يتولى تربيته ليكمل تعليمه، وتتوالى الأحداث. «يا طالع النخل»
عندما التحق الفتى النحيل بمدرسة السعيدية الثانوية بالقاهرة، تفتحت أمامه أبواب مرحلة جديدة في حياته، حيث شهدت بداية الستينيات نهضة ثقافية كبرى في تاريخ مصر الحديث، وتوجهت أنظار صلاح وجيله إلى كوكبة من الأدباء والمفكرين «الآباء» وتأثر كثيراً بشقيقه الكاتب الساخر محمود السعدني، ولكنه اتجه نحو مجال آخر هو التمثيل. هكذا ارتحل الممثل الشاب إلى أضواء المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، ومعه ثقافته الرفيعة، وخبراته المتراكمة، ولكنه لم يفصح عن موهبته في الكتابة الأدبية والصحافية إلا في فترة التسعينيات، عندما نشر بعض المقالات المتفرقة في إصدارات مختلفة، وكشفت عن كاتب متمرس، ويمتلك أدواته، ويحمل ذات الجينات الساخرة، التي حققت الشهرة الأدبية لشقيقه «الولد الشقي». المقربون من صلاح السعدني، بل بعض جمهوره، يعرفون أنه فنان مثقف، ولديه مكتبة عامرة بالمؤلفات في جميع مجالات المعرفة، فهو شخص قليل الظهور في المناسبات الفنية، وليس مشغولاً بإحداث ضجة حوله، أو الحديث عن حياته الشخصية، بل يقضي ساعات طويلة في غرفة مكتبه، ليقرأ أو يكتب، ولكنه لم ينشر سوى القليل من كتاباته. منذ البداية، أدرك العمدة أن موهبته الأولى هي التمثيل، وكرس حياته على مدى نصف قرن، ليجسد الكثير من الشخصيات الدرامية، وبالتالي تحولت الكتابة الأدبية لديه إلى إحدى هواياته الخاصة، ولكن علاقته توطدت بالكثير من الأدباء، واستطاع أن يقنع بعضهم بتحويل أعماله إلى دراما تلفزيونية، مثل الروائي خيري شلبي ورائعته «الوتد»، رغم أن صلاح لم يكن أحد أبطالها. اعتبر الفنان الكبير أن الأدب والدراما وجهان لعملة واحدة، وتبنى مشروعا كبيرا لتحويل أعمال كبار الأدباء إلى الشاشة الصغيرة، وكان داعما للكتاب الشباب، مثل عصام الشماع، حين وافق على الظهور في الفيلم التلفزيوني «يا طالع النخل»، ليجسد باقتدار شخصية مريض يقيم في المستشفى، ويخضع لتجارب الأطباء وأبحاثهم حول مرضه المزمن، وشاركه البطولة الفنان الراحل عبدالله محمود، والفنانة الكبيرة فردوس عبدالحميد.