أياً كانت ترجمة "شت هول" فهي في النهاية تدل على رؤية الرئيس الأميركي ترامب للمهاجرين من دول الفقر والبؤس الاقتصاديين، سواء كانوا من إفريقيا أو أميركا اللاتينية، عبارة الرئيس ترامب التي قالها ثم نفاها بعد ذلك وأكدها السيناتور ريتشاد دوبين، سواء قالها بعفوية أو كان متعمداً، تخبرنا كيف تقرأ هذه الإدارة، وهي "تاريخياً" ليست الوحيدة، واقع المهاجرين للدولة الأميركية، أياً تكن ترجمة الكلمة، سواء جاءت بمعنى الحفرة التي تفرغ بها فضلات الأمعاء أو بمعنى المكان القذر، فمن قالها ينظر للآخر من مكان مرتفع عال على غير المقبول، صاحب الرائحة العفنة، الكامن في الأسفل، في مكان أكثر من منخفض، يقبع في حفرة وثقب نتن في الأرض، وتكاد تلك الكلمة تلخص التاريخ الثقافي الاستعماري الغربي لشعوب العالم، وتعيد للذاكرة أبحاث الراحل إدوارد سعيد عن الثقافة والإمبريالية.عدد من كتاب الصحافة الأجنبية رأوا في ترامب وفوزه علامة فارقة في العالم، تؤشر على تنامي التوجهات العنصرية اليمينية، سواء أطلق عليها عنوان الليبرالية الجديدة "نيو ليبرال" أو غير ذلك من توصيفات تنامت مع طغيان مشاعر الشعبوية في عدد من الدول الأوروبية، بعد تزايد الهجرة إليها من دول إفريقية وعربية مزقتها الحروب والمجاعات، وتظهر المؤشرات صعوداً متنامياً للأحزاب العنصرية، مثلاً في بولندا والمجر وأيضاً في ألمانيا، بعد اضعاف حزب ميركل، وهي الدولة الغربية التي استقبلت أكبر عدد من المهاجرين السوريين في أوروبا.
هل هي ظاهرة غربية حصراً عند تلك الدولة الثرية، أم أن بركاتها عمت حتى دول الريع النفطية؟ التساؤل السابق لم يكن دقيقاً، فقد نكون أسبق ممارسة من ترامب في تكريس ثقافة "شت هول"، فمثلاً حين تمضي عقوداً طويلة من العمر النفطي ومازالت قوانين كفالة الوافد باقية على ثباتها، بينما يقوم الوافد بكل الأعمال التي لا يقوم بها أبناء البلد، من جمع القمامة حتى بناء المنازل إلى أصعب المهن الحرفية، وإلى الوافد المستشار المحظوظ، فنحن نمارس "شت هول"، وحين نفرق (وهذا لن يروق لمعظم من يقرأ المقال الآن) في العلاج بين الوافد "العامل" (ليس السائح، فليس لدينا سياح)، فنحن نمارس "شت هول"، ونستمتع به ونحن نشاهد من مكان عال لحفرة تناقص طوابير الانتظار في العيادات والمستشفيات العامة، وأيضاً حين يمارس بفرح صامت الكثيرون البهجة لدعوات النائبة صفاء الهاشم إلى فرض رسوم فلكية على رخص القيادة للوافدين، حتى يخلو الطريق العام لسيارات ابن البلد، ولا بأس إذا تعطلت سيارته أن يصلحها أحد الوافدين القادمين من "شت هول" في الهند أو مصر أو سورية أو غيرها.تبلغ حالة التجلي أعلى درجاتها في ثقافة "شت هول"، حين تتم المطالبة من النائبة صفاء بإسقاط الجنسية الكويتية عن المرأة (التي كانت أجنبية) بعد وفاة زوجها الكويتي، لتعود أجنبية من جديد أو قد تصبح "بدون"، وبالتالي تكون متساوية في وضعها مع الذين سحبت الإدارة السياسية جناسيهم لنشاطهم السياسي، لأنهم لم "يبلعوا ريجهم"، حسب أدبيات الفريق مازن الجراح أو وفق طرح "طلعوا جناسيكم الأصلية" لصالح الفضالة في جهاز تسوية أوضاع المقيمين... إلخ. لا يهم تذكر اسم الجهاز فهو حالة خاصة هلل لها الكثيرون من دعاة تساؤل "ترامبي" يقول: لماذا لا يأتي إلينا وافدون من النرويج بدلاً من بنغلادش وإثيوبيا وسيلان؟
أخر كلام
قراءة كويتية في «شت هول»
14-01-2018