الخلاف الخليجي عابر
كان هذا وصفاً دقيقاً ومعبراً لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، للخلاف الخليجي، في كلمته الافتتاحية للاجتماع الحادي عشر لرؤساء مجالس الشورى والنواب والأمة في دول مجلس التعاون الخليجي، وإذ أكد سموه أن الأوضاع المحيطة بالمنطقة آخذة في التدهور، إضافة إلى ما تواجهه المسيرة الخليجية من عقبات وتعثر، تفرض على الجميع التعاون والتشاور واللقاء على كل المستويات، مشددا على أنه لا يمكن مواجهة هذه التحديات إلا بالعمل الجماعي، ضماناً للحفاظ على مكاسب وإنجازات تحققت للمسيرة الخليجية المباركة. أهاب سموه برؤساء البرلمانات الخليجية، دورهم الحيوي والمكمل لدور الأجهزة الرسمية في دول المجلس، والرافد لها في مواجهة التحديات، مؤكداً ثقة سموه بقدرتهم على تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، لتعزيز بنائنا الخليجي وتحصينه، طالباً مضاعفة الجهد للتواصل الخليجي، تجسيداً "لوحدتنا وتعزيزاً لتماسكنا".ونوه سموه بالكيان الخليجي، مشيداً بما حققه من أهداف ومكتسبات على مدى العقود الأربعة الماضية، تعزز طموحات وآمال أبناء دول مجلس التعاون، مؤكداً أن ما يجمعنا من وشائج أسمى من أن يؤثر فيه خلاف "نرى أنه عابر، بعون الله تعالى وتوفيقه، مهما طال".
ما عبر عنه سموه ووصفه بالخلاف العابر، وإن طال، هو ما يأمله الخليجيون ويدعمون جهود سموه الخيرة ومساعيه النبيلة، بل تدعمها كل الدول الحريصة على استقرار ووحدة الكيان الخليجي، ويباركها بابا الفاتيكان الذي أشاد بدور أمير الكويت ومكانته في إرساء قيم السلام ومبادئ الحوار والتعايش.جهود صاحب السمو أمير الكويت البناءة، وجدت ترحيباً كبيرا، وتقديرا عالياً من الخليجيين عامة، ومن القطريين خاصة، شعباً وحكومة وقيادة، فقد عبر رئيس مجلس الشورى أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود، عقب الجلسة الافتتاحية للاجتماع، بأن التاريخ سيسجل بأحرف من نور جهود صاحب السمو أمير دولة الكويت الخيرة ومبادراته المخلصة لدعم مسيرة مجلس التعاون، وتفعيل دوره حتى يصبح قادراً على تحقيق آمال وطموحات شعوب دوله، مؤكداً أن دولة قطر ستظل وفية لمجلس التعاون، وملتزمة بمبادئه، وحريصة على تحقيق أهدافه. وجاءت كلمة رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، تجسيداً صادقاً، ومبشراً بتحقيق الأمل، حين قال: قبل أكثر من شهر كان المشهد يبدو للبعض باعثاً على اليأس غارقاً في السوداوية، في الوقت الذي راهن فيه الأعداء والمتربصون على مزيد من التصدع والذهاب بعيداً في الأزمة، ثم جاءت قمة القادة في الكويت كاملة العدد، ستة أعلام كاملة العدد، عزيزة على القلب، رفرفت في سماء الكويت، تلك الأعلام المألوفة لأعيننا كخليجيين، ثم جاء الخليجيون كلهم إلى الكويت بكامل عددهم مرة أخرى ليبصموا على بطولتنا الأثيرة والحبيبة دورة كأس الخليج العربي، وها نحن اليوم عند الثالثة الثابتة عندما تجمع ممثلو شعوبنا في الكويت، من رؤساء البرلمانات الخليجية. هنا قد يسأل الكثير: كيف حدث كل هذا؟! وكيف بدا ما هو صعب قبل فترة، سهلاً وطيعاً وسلساً؟! وكيف نجحنا كخليجيين في التجمع مرة ومرتين وثلاثاً؟! أجاب الغانم صادقاً: إذا كان البعض سينسب فضلاً إلى الكويت، وعلى رأسها حكيمها صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، فإننا لن نتواضع وننفي هذه النسبة الجميلة إلينا، أقول هذا لأن الله تعالى وحده الذي يعلم حجم الألم الذي يعانيه سموه من هذا الطارئ الحزين الذي أصابنا، والله تعالى وحده الذي يعلم كيف سكنت تلك الأزمة الطارئة قلب سموه ووجدانه، والله تعالى وحده الذي يعلم سعادة سموه وهو يرى أبناءه الخليجيين مجتمعين ومتعاضدين ومتكاتفين. حقاً إنها كلمات بليغة مؤثرة في وجدان كل خليجي.ختاماً: تشكل الأزمة الخليجية أكبر وأخطر أزمة تواجهها المنظومة الخليجية، تستنزف أكثر طاقات الإقليم الخليجي المتناقصة أصلاً، بقدر ما تضع الإقليم في مواجهة مخاطر غير مسبوقة، طبقاً للدكتور محمد الرميحي، لكني أتصور أنه لا أزمة بغير حل، وأنه، ما استعصى على قوم نزاع إذا كان رائدهم الإخلاص، والعمل الجاد لإيجاد مخرج، وسيصل الجميع إن عاجلاً أو آجلاً إلى قناعة عامة بأن "الحل الوسط" هو المخرج الأنسب للحالة الخليجية.* كاتب قطري