«أسطورة الشواطئ»!
بلوحة ركيكة لغوياً كُتب عليها «إسكندرية زمان أووي»، في إشارة إلى أن الأحداث تجري في الماضي البعيد، يبدأ فيلم «حليمو أسطورة الشواطئ»، حيث نرى الأب «ريس البحر جاسور» (طلعت زكريا) يعالج ابنه بالحجامة، ولا يقدم المشهد معلومة واحدة باستثناء أن المكان في حي «المكس» بالإسكندرية، قبل أن يعود إلى الزمن الحاضر بذات الركاكة «إسكندرية دلوقت»، لنرى الطفل بعدما صار «حليمو» (طلعت زكريا)، الذي يعمل مُنقذاً للشواطئ، ويغني «جئت لا أدري من أين؟»، وكأنه طفل لقيط، ويرتبط بقصة حب والبائعة الجائلة «زنوبة» (ريم البارودي)، ويتعرض لمضايقات من شقيقتها الكبرى «رخصة» (الراقصة دينا)، التي كانت تحبه في طفولتها، وخالها «قنصوة» (بيومي فؤاد)، الذي يرغب في تزويجها «سليم الدغنف» (خالد حمزاوي)، الذي يتاجر في البضائع المهربة من بورسعيد!للوهلة الأولى يتبادر إلى الذهن أن كاتب الفيلم محمد فضل يكتب للسينما للمرة الأولى في حياته، قبل أن تكتشف أنه صاحب سيناريوهات أفلام: «أنا بأضيع يا وديع»، و«ظرف طارق»، و«أيظن» و«زكي شان»، بينما للمخرج محمد سعيد تجربة إخراجية يتيمة في فيلم بعنوان «كلام جرايد»، واجه مشاكل إنتاجية وتسويقية عدة انتهت بحرمانه من العرض التجاري الجماهيري، واقتصار عرضه على إحدى القنوات الفضائية. وبالنظر إلى تجربته الجديدة في فيلم «حليمو أسطورة الشواطئ» يُدرك المرء أن تعثر المخرج ما زال مستمراً، بقوة، فالأحداث التي تجري على الشاطئ في حرارة الصيف باردة برودة الثلج، والمشاعر فاترة إلى حد الصقيع، والخطوط الدرامية لَّا تُسْمِنُ وَلَا تُغْنِي مِن جُوعٍ، حيث الترهل والفراغات التي فشل الممثلون في ملئها، والقضايا التي بدت مفتعلة، كالحديث عن الممرضة «حبيبة» (نيرمين ماهر)، التي رفضت أن تتحول إلى عاهرة، فيما وافقت زميلتها «رشا» (روان الفؤاد) إذعاناً لأوامر الطبيب القواد (طاهر بدر)، الذي أرجع ما فعل إلى تربيته الخاطئة، بينما تتسبب مداهمة شرطة المرافق للعاملين على الشواطئ، في تهديد «حليمو» بالبطالة، قبل أن يأتي الحل السحري المعتاد ممثلاً في اكتشاف وجود خارطة على ظهره تحوي كنزاً ثميناً كان قد خبأه والده «الحرامي» وشريكه «سناري» (أحمد حلاوة)، وتوظف المرأة اللعوب «لونا» (هبة السيسي)، للوصول إليه، عبر أغواء «حليمو»، وصديقه «بحبح» (كريم أبو زيد)، الذي يتضح قبل النهاية أنه ضابط مباحث!
سيناريو حافل بالعثرات، والمطبات، ومخرج خيل له أن الجمع بين ريم البارودي، وروان الفؤاد، ونيرمين ماهر، ودينا، بالإضافة إلى أغنية شعبية للمطربة أمينة وفرح شعبي، وماخور تتمايل فيه الحسناوات بأجساد بضة عارية، فضلاً عن ظهور هبة السيسي بلباس البحر، واستحضار روح بيومي فؤاد بإفيهاته الخشنة، والاستعانة بمساعد المخرج السابق رامي غيط في دور باهت، كاف لتقديم «طبخة تجارية»، وهو ما فشل فيه بامتياز، وكانت النتيجة «سمك لبن تمر هندي»، حيث فيلم لا قوام له، نجح في القضاء على البقية الباقية من شبح اسمه طلعت زكريا، بدلاً من أن يجعل منه «أسطورة الشواطئ»!اتسم الفيلم بغلظة، وهو الذي يُصنف بأنه «كوميدي»، وسار على النهج «السبكي»، بإقحام ثلاث أغنيات على الأحداث، هي: «الأصيل أصيل» لأمينة، و«شكشكة» لمطرب يُدعى عدنان، بالإضافة إلى أغنية «لله في الله» للمطرب لؤي، وكانت المحصلة النهائية «هرجلة» وفوضى لم يُفلح معها خروج الكاميرا إلى شرم الشيخ، بهدف سياحي خالص، مثلما لم تنقذه محاولات بيومي فؤاد لإضفاء لمسة كوميدية، بعدما فقد بريقه، واستهلك نفسه، ولم يعد لديه الجديد الذي يقدمه، بينما تمثلت الكارثة، بحق، في طلعت زكريا، الذي أشفقت عليه، بعدما فقد أعز ما يملك (موهبته وتلقائيته)، وبدا شاحباً يبحث عن «الكوميديان» الذي كان!«حليمو أسطورة الشاطئ» فيلم صيفي أخطأ طريقه، وعُرض في الشتاء، وعقب مشاهدته سيتأكد من يراه أنه لا يصلح للعرض في الصيف أو في أي فصل من فصول العام، لأنه – ببساطة – ليس فيلماً بالمفهوم المتعارف عليه، وتراجع إيراداته، رغم أنه يُعرض في موسم خال من الأفلام أكبر برهان على ذلك، فالجمهور لديه من الفطنة والذكاء ما يُحصنه ضد هذه النوعية من الأفلام، مهما كانت الدعاوى التي تغبنه حقه، وتتهمه بأنه «عاوز كده»!