بدا أن مصر الرسمية راغبة في التهدئة بشأن ملف حوض النيل مع السودان وإثيوبيا، متمسكة بضبط النفس والصبر إلى أبعد مدى، إذ قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن بلاده لا تتآمر على أي دولة، والقاهرة لا تتدخل في شؤون الآخرين، في رد واضح على اتهامات الخرطوم بتدخل مصر في الشأن الداخلي السوداني، خصوصا بعد ما أثير حول وجود قوات مصرية داخل إريتريا بالقرب من الحدود السودانية. وقال السيسي، في تصريحات على هامش افتتاح عدة مشروعات بمحافظة المنوفية بدلتا مصر: «بأكد إحنا لا نتآمر ولا نتدخل في شؤون الآخرين، معندناش استعداد نضيع وقتنا في خلاف ومش هنحارب أشقاءنا... إحنا شعوبنا أولى بكل جنيه يتصرف على الخلافات والمشاكل... بحب أطمن الأشقاء في السودان وإثيوبيا»، مشددا على ان بلاده لا تعرف المناورة أو الرجوع في تصريحاتها: «إحنا معندناش مناورات نقول كلام ونعمل حاجة تانية... تعالوا دايما ندور على السلام والبناء والتعمير».
وأضاف السيسي: «الناس بتقول بتصرف على القوات المسلحة ليه؟ ده مالوش علاقة بإرادتنا من أجل السلام، دي مطالب الأمن القومي المصري، لازم يكون عندنا قوة عسكرية لحماية السلام، حريصين على أن نكون داخل حدودنا ولا نتآمر على أحد، ومطالب بالحفاظ على حياة 100 مليون مصري»، داعيا الإعلام المصري الى ضرورة عدم الدخول في مناوشات إعلامية مع دول الجوار.إلى ذلك، نفى الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي، في تصريحات إعلامية، وجود أي قوات مصرية في قاعدة ساوا المتاخمة لإقليم كسلا على الحدود مع السودان، وأعلن أن لديه معلومات عن وجود «محاولة لنشر قوات إثيوبية على الحدود السودانية الإريترية على أن يتولى السودان تمويلها»، في حين أكد وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، أن بلاده لم تتحدث عن حشود عسكرية لدولة بعينها على حدود بلاده، لكنه تحدث عن تهديد لأمن السودان من الشرق.وأوضح غندور خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعه بنظيره الإثيوبي ورقيني قبيو في الخرطوم، أن هناك قوى معارضة على الحدود الشرقية، وقد حرّك السودان قسما من قواته تحسبا لأية تطورات تؤثر سلبا على أمنه وسلامة أراضيه، مضيفا «لا نتحدث عن دولة بعينها. ولدينا خيوط أن هناك من يحاول أن يؤذينا، وسنوضح ذلك بالتفصيل في الوقت المناسب».
زيارة ديسالين
ووسط استمرار التوتر في العلاقات بين مصر من جهة والسودان وإثيوبيا من جهة أخرى، بسبب تباين المصالح في ملف سد النهضة الإثيوبي، قال مصدر رفيع المستوى لـ«الجريدة»، إن رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالين، سيزور القاهرة غدا الأربعاء، على رأس وفد رفيع المستوى، وأنه سيلتقي الرئيس السيسي، فضلا عن ترأسهما للجنة المصرية الإثيوبية التي تعقد أعمالها على مدار يومين.وأشار المصدر إلى أن الزيارة تم تأجيلها من الأحد إلى الأربعاء، بناء على طلب إثيوبي، لأن أديس أبابا طالبت بالمزيد من الوقت لدراسة الطلب المصري بإشراك البنك الدولي في مفاوضات السد الإثيوبي، وهو الطلب الذي لم توافق عليه أديس أبابا والخرطوم، وأضاف المصدر: «على الرغم من إعلام القاهرة بأن موعد زيارة ديسالين غدا، فإن الوفد الإثيوبي الذي يستبق الزيارة لم يصل حتى عصر أمس».من جهته، قال الخبير في ملف مياه النيل، نادر نورالدين لـ«الجريدة»، إن زيارة ديسالين مؤجلة منذ شهر ديسمبر الماضي، ويفترض حال اتمامها أن تعطي دفعة لإعادة استئناف مفاوضات سد النهضة المتعثرة، بعد اتهام مصر للسودان وإثيوبيا بالتعنت في مواقفهما، وأضاف: «من المرجح أن يتبنى ديسالين لهجة تهدئة لطمأنة المسؤولين المصريين الذين عليهم أن يتمسكوا بالحصول على تعهد مكتوب من الجانب الإثيوبي بعدم الإضرار بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل».كشف حساب
وفي حين وجه الرئيس السيسي كلمة متلفزة إلى المصريين بمناسبة الاحتفال بالذكرى المئوية لمولد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، صباح أمس، أشاد خلالها السيسي بعبدالناصر، بدا أن تحركات الرئيس المصري جاءت استباقا لتقديم كشف حسابه عن فترة توليه الحكم بداية من يونيو 2014، تمهيدا لإعلان ترشحه لولاية ثانية وأخيرة تنتهي في 2022، في انتخابات في حكم المؤكد أن يكتسحها، إذ أعلنت مؤسسة الرئاسة المصرية، أمس، عن عقد مؤتمر «حكاية وطن» الذي ينطلق غدا الأربعاء ويستمر حتى الجمعة، لعرض إنجازات السيسي.وقالت الرئاسة في بيان، إن المؤتمر يشمل إقامة اجتماعات دوائر مستديرة وجلسات عامة، سيتم خلالها تقديم عرض شامل للمعلومات المتوفرة حول الإنجازات والمشروعات التي تم تنفيذها خلال السنوات الأربع الماضية، فضلاً عن التحديات التي تواجه الدولة، ومن المقرر أن يرد الرئيس على استفسارات المواطنين والتي تم طرحها في إطار مبادرة «اسأل الرئيس»، والتي استقبلت الأسئلة إلكترونيا حتى أمس.وسيعلن السيسي ترشحه بعد «حكاية وطن»، إذ بدا أن أنصاره يمهدون لهذه الخطوة بعد حصده لتزكية 516 نائبا الأسبوع الماضي، في حين تحشد قوى سياسية وأحزاب أنصارها لدعم السيسي عبر التوقيع على طلبات ترشحه أمام مكاتب الشهر العقاري، إذ تطالب الهيئة الوطنية للانتخابات، المرشح بجمع نحو 25 ألف توقيع في 15 محافظة على الأقل، وتزكية 20 عضوا في البرلمان، قبل يوم 29 يناير الجاري، موعد إغلاق باب قبول طلبات الترشح رسمياً.اعتذار السادات
في غضون ذلك، قالت الهيئة الوطنية للانتخابات، إن مكاتب الشهر العقاري استخرجت 250 ألف استمارة تأييد حررها المواطنون لعدد من المرشحين، بينما أعلن رئيس حزب «الإصلاح والتنمية»، محمد أنور السادات، في مؤتمر صحافي أمس، عدم خوضه معركة الانتخابات الرئاسية بعد تقييمه للمشهد والمناخ السياسي، وأشار إلى أن حملته تقدمت بتجاوزات وقعت ضدها إلى الجهات المسؤولة لكن لم يستجب أحد.وأضاف: «لا أشعر أن الانتخابات ستتم بالصورة التي كنا نتطلع إليها»، مشددا على ان «المناخ غير مناسب في ظل وجود قانون الطوارئ، وطالبنا بإيقاف مؤقت له خلال الانتخابات فلم يستجب لنا أحد»، وأنه لا يؤيد المقاطعة للانتخابات الرئاسية فـ«التصويت هو طريق الإيجابية»، وردا على سؤال «الجريدة» حول موقف حزب السادات من دعم أي من المرشحين بالساحة الانتخابية، قال السادات إن حزبه سيختار من يؤيده بعد إعلان القائمة النهائية للمرشحين.