عاود النشاط البرلماني عملية التسخين السياسي بعد التشكيل الحكومي عبر الإعلان عن استجواب وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، حيث كانت النية معقودة على هذه المساءلة النيابية مع مجموعة أخرى من الاستجوابات بما فيها استجواب رئيس الوزراء قبيل استقالة الحكومة، ولعل بعض النواب أعاد النظر في تفعيل الأدوات الدستورية خصوصا ذات التصعيد السياسي، كاستجواب رئيس الحكومة، في مواءمة مع التطورات الخليجية التي تراوح مكانها بشكل مستقر تقريباً.

الرقم البرلماني الذي حققه الاستجواب الأخير الذي أنهى حياة الحكومة السابقة يفترض أنه قائم خصوصاً للوزراء الذين كانوا مستهدفين مسبقاً واستعادوا حقائبهم في التشكيل الأخير، ولهذا فإن الاستجواب المرتقب قد يكون المحك الذي يعكس المصداقية السياسية لعدد غير قليل من النواب، لا سيما فيما يخص السيدة وزيرة الشؤون لكونها محسوبة على تيار سياسي ينتمي إليه عدد من أعضاء مجلس الأمة من المعارضة، بمن فيهم من يقضي عقوبة الحبس على خلفية قضية سياسية ذات صلة مباشرة بعلاقة البرلمان بالحكومة.

Ad

الأجواء السياسية المحيطة بعلاقة السلطتين لم تتغير كثيراً عن مرحلة ما قبل الاستجواب الذي قدم للشيخ محمد عبدالله المبارك واستقالت الحكومة برمتها بسببه، بل لا تختلف هذه الظروف وطبيعة العلاقة بين المجلس والحكومة عن الروتين السياسي السائد منذ عدة عقود، فالملفات الخلافية وفي مقدمتها قانون المتقاعدين، والنتائج المرتقبة لعدد من لجان التحقيق، والاستحقاقات السياسية على الوزراء المستهدفين بالاستجواب لم تتغير، ولم تتقدم الحكومة الجديدة بأي مبادرات جادة أو مؤشرات حقيقية على نهج مستحدث ومختلف.

وبمعنى آخر لم يتغير أي شيء في طبيعة المشهد السياسي أو أركانه أو ممارساته، ومن الطبيعي أن تعود في مثل هذه الحالة سلسلة الاستجوابات التي تعهد بها النواب أمام ناخبيهم، لذلك سنشهد أيضاً التبريرات التقليدية ذاتها التي تواجه الاستجوابات دائماً، وفي مقدمتها أن هذا الاستحقاق لا يتناسب في التوقيت مع الأجواء السياسية الإقليمية، كما لا يليق مع بداية العهد لحكومة جديدة لم تأخذ فرصتها المستحقة في تقديم رؤاها وبرنامج عملها.

أما الاختبار الأهم سواءً في هذا الاستجواب أو الاستجوابات القادمة فهو أحاديث الكواليس وعودة الكلام حول صفقة سياسية قد تكون بمثابة مخرج للملاحقات القانونية للمعارضة، خصوصا النواب المسجونين، وهي حسب ما أثبتت التجارب السابقة وآخرها بداية هذا الفصل التشريعي مجرد وهم أو فخ سياسي أطبق على الكثير من النواب، فهل يتكرر هذا السيناريو السراب؟!