ما تجيش منا العيبة
![محمد الوشيحي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1579110147954926500/1579110167000/1280x960.jpg)
نشاهد المسلسلات التركية فنرى المسؤول الكبير المرتشي، وضابط المخابرات الخائن، وهو ذو رتبة كبيرة، ونكتشف في نهاية المسلسل أن ذلك القاضي عضو معهما في الشبكة التي تبتز الناس وتدمر مستقبلهم. ونتابع المسلسلات والأفلام الأميركية والأوروبية، فنرى المساحة الممنوحة للكاتب أكبر من السماء والأرض مجتمعتين، لذلك يرتفع به الخيال فيكتب عن فساد الرئيس، وخيانة رئيس الوزراء، وعدد من وزرائه، ونكتشف أن الذي لوّث مياه الشرب هو جهاز سي آي إيه، وغير ذلك.لم تسقط أميركا من فيلم، ولم تهتز إنكلترا من مسلسل، ولا تخلخلت أركان أستراليا من مسرحية ساخرة تهزأ بكبار المسؤولين، ولا عطست عنز في فرنسا من رواية تظهر قسوة قلوب بعض التجار، ولا ولا ولا…وعندنا، صحيح أن الكويت خالية من الفساد، صحيح أنك لن تجد فيها وزيراً فاسداً ولا نائب برلمان يشترك معه في ابتزاز الناس وتعطيل مصالحهم إلا عن طريقه، وصحيح أن القضاء في الكويت شامخ، وكل القضاة شرفاء، وصحيح أن الصحافة ناصعة النقاء والولاء للأرض، وصحيح أن ذوي الرتب الكبيرة في الجيش والشرطة والمخابرات، في الكويت، من أتقى الناس وأنقاهم، وصحيح أنه ما تجيش منا العيبة… هذا لا شك فيه، لكن لنمنح الكتّاب مساحة يمكنهم فيها أن يتخيلوا الفساد، مجرد تخيل، فيمتعونا بمسلسلات تعيد للكويت صورتها الجميلة التي كانت تظهر بها أيام ريادتها للمنطقة.