إبراهيم عبدالمجيد: المكان يصنع شخصيات العمل الأدبي
«مهرجان «القرين» استضافه في متحف الفن الحديث في محاضرة «رؤى وتجليات
أكد الروائي إبراهيم عبدالمجيد في محاضرة " رؤى وتجليات" ضمن مهرجان القرين الثقافي الـ 24، أن للمكان في العمل الأدبي مكانة كبيرة تساهم في بناء شخصيات الرواية، وضمن المهرجان ذاته، انطلقت ورشة "فنية للخزف"، تستمر أسبوعاً في قاعة معجب الدوسري في مركز عبدالعزيز حسين الثقافي بمشرف.
تتواصل فعاليات مهرجان القرين الثقافي في دورته الـ 24، الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ويحفل هذا العام بتظاهرة ثقافية متنوعة، تتضمن العديد من الرؤى والفعاليات والإبداعات الكويتية والعربية، من خلال انطلاقة ذات خصوصية في أبعادها، التي تظهر هذا الزخم والجهد الثقافي الكويتي إلى عالمنا العربي.ففي متحف الفن الحديث، أقيمت محاضرة بعنوان "رؤى وتجليات" - المكان بين الرواية والحقيقة" ألقاها الروائي إبراهيم عبدالمجيد، وأدار الحوار د. إمتنان الصمادي، وبحضور الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة محمد العسعوسي، وجمع من الأدباء والمثقفين.في البداية كشفت د. الصمادي عن الجوانب الجمالية في منظومة المكان، التي اتسمت بها أعمال عبدالمجيد الروائية، خصوصاً، التي خص بها الإسكندرية بكل ما تحمله من ماض عريق وحاضر يحرك المشاعر في اتجاه الحزن على ما آلت إليه أحوال هذه المدينة الموغلة في القدم. وأشارت إلى الحب الذي أولاه عبدالمجيد للإسكندرية... وهو حب حقيقي يحظى بالألفة والدفء، كما أنه- في الوقت نفسه- حب يلوي ذراع الإسكندرية غضباً لأنها تغيرت، مما دعاه للهروب إلى القاهرة، ورغم ذلك ظلت الإسكندرية تلاحقه، مشيرة إلى أكثر من ثلاثين عملاً أنجزها عبدالمجيد بين السيرة والمجموعات القصصية والأعمال الروائية، خصوصاً ثلاثية الإسكندرية، التي شكلت حياة البشر الذين عاشوا وتعايشوا في هذه المدينة العريقة حضارة وتاريخاً.
ولفتت الصمادي إلى دراسة عبدالمجيد للفلسفة، وانعكاسها على كتاباته، معتبرة أن أعمال عبدالمجيد تستحق أن تقرأ برؤية تحليلية"، ثم أشارت إلى أنواع الأمكنة، ومنها المكان الذي يخاطب النخبة، والمكان الفني، وتحدثت عن المكان الذي تضمنته ثلاثية الإسكندرية، بتقاطعه مع السيرة الذاتية، والرصد المتقن لواقع مرت به مصر من خلال الإسكندرية.
أثر كبير
من جانبه، أوضح عبدالمجيد أن موضوع المكان- بالنسبة له- مثير ومهم، خصوصاً في أعماله الروائية، فيما تحدث عن أسباب دخوله كلية الآداب قسم فلسفة، من أجل محاولة فهم الإنسان وما وراء الوجود، ما ترك الأثر الكبير في كتاباته، ثم تحدث عن تطور الرواية عبر العصور، وما لحقها من تغيرات وتحولات، خصوصاً في مسألة المكان. ومن خلال حديثه، قال:" إحساسي بقوة المكان تجعلني أعتقد أنه هو الذي يصنع شخصيات الرواية". وتطرق عبدالمجيد إلى الحرب العالمية الثانية، ومنطقة العلمين، والكثير من الذكريات التي تخص هذه الحقبة التاريخية من حياة العالم، وتحدث عن تسامح المجتمع السكندري وكيف أن الاحتفالات الدينية كانت محمية بالحب إلى درجة أن الباعة الجائلين في احتفالات كنيسة ماري جرجس هم أنفسهم في الاحتفالات بمولد المرسي أبو العباس.أصل الأعمال ومداخلات
من ناحية أخرى وبكثير من الألم، تحدث عبدالمجيد عن العشوائيات، التي أصابت شوارع الإسكندرية، والتشوه الذي لحقها في كل أماكنها، حتى منازلها وعماراتها أصابتها الفوضى في البناء، لتصيب حتى "البلاجات"، وأفضى إلى الأمل الذي يتطلع إليه في أن يرى الإسكندرية كسابق عهدها جميلة.ثم التقطت الصمادي أطراف الحديث مرة أخرى، لتقول: "المكان في أعمال عبدالمجيد هو الأصل بل إن الإنسان هو صنيعته، وأضاف: "المكان ليس هذه البقعة الجغرافية بل التاريخ الذي انطلق منه الزمان، لتطرح بعضاً من أسئلتها على عبدالمجيد:" لماذا اخترت شخصيتين ثانويتين لتتطورا في الثلاثية وتركت الشخصيات الكبرى بلا تطور... ما مدلول التمازج بين سكان الإسكندرية، ولماذا الحدث لم يتطور في البيوت، وكانت كل الأحداث تقع في الناصية؟في مداخلته، تحدث المخرج خلف العنزي عن المتغيرات التي طرأت على الإسكندرية، مشيراً إلى الفن ما بعد الدراما، وأشارت الروائية استبرق أحمد إلى كسر المكان وأثر خروج الأجانب من الإسكندرية على تركيبتها المعتادة.ورشة الخزف
من جانب آخر، انطلقت ورشة "فنية للخزف"، وتستمر أسبوعاً في قاعة معجب الدوسري في مركز عبدالعزيز حسين الثقافي بمشرف. وفي هذا الصدد، قالت د. جميلة جوهر، إنه تم الاستعداد للورشة منذ شهرين من قبل قطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وتم تجهيز الورشة لتكون ضمن فعاليات مهرجان "القرين" في دورته الـ 24، لافتة إلى أن الورشة فتحت لجميع الفئات من 12 عاماً، وقالت إن هناك أيضاً أطفالاً تتراوح أعمارهم حول أربع سنوات، مشيرة إلى أنها في الورشة فصلت الأطفال عن الفئة العمرية الأكبر.تشكيل حر
وأضافت د. جوهر أن الورشة ستركز على التشكيل الحر من خلال جميع طرق التشكيل باستخدام طينة الخزف، لافتة إلى جانب استخدام جهاز "الدولاب"، حتى يصبح هناك تنوع في طريقة العمل. ورداً على سؤال في انتشار ثقافة الخزف في المجتمع الكويتي، قالت د. جوهر، إن "ثقافة انتشارها تحتاج إلى مجهود أكثر، فنحن الخزافين المعروفين يتراوح عددنا ستة إلى سبعة خزافين رئيسيين، وحالياً قمنا نحن الخزافين باستقطاب الفئات العمرية الصغيرة والشباب ونشجعهم، وأتمنى من وسائل الإعلام أن تسلط الضوء على فن الخزف، وأود أن أشيد بدور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والجهود التي يقوم بها حيث فتح لنا بيت الخزف، وأيضاً نظم ورشات للخزف".وجواباً على سؤال د. جوهر عما إذا يتوجب أن يكون المشارك ملماً بفن الخزف؟" أجابت: "في هذه الورشة هناك مشاركون ملمون بالفن عموماً وفن الخزف أيضاً، وآخرين ليس لديهم خلفية بالفنون، وحتى الذين لا يمتلكون إلماما بالفن بإمكاني أن أعطيهم أساسيات الخزف، وأساهم في رفع مستواهم وصقل موهبتهم بهذا الفن، لكن لا بد أن تكون هناك استمرارية، لأن الخزف مراحله طويلة وصعبة ويحتاج إلى مجهود". وأضافت: "في الورشة قمنا باستخدام الطين الرمادي ذلك لأنه جميل، ويمتاز بسهولته في التشكيل". من جانبه، قال مراقب إدارة الفنون التشكيلية مشعل الخلف، إن إدارة الفنون التشكيلية نظمت ورشة فنية للخزف بإشراف د. جميلة جوهر، لافتاً إلى أن هناك أعداداً جيدة من المنتسبين لهذه الورشة، وأنهم سيتعلمون القواعد الأساسية للبدء في تنفيذ أي عمل للخزف، من تشكيل الطين، وتفريغ الهواء، والتخلص من المياه الزائدة، والتعلم في تشكيل عمل يميل إليه المتدرب بإشراف مباشر من د. جوهر خلال فترة الورشة.من جانب آخر، أكد الخلف أن تلك الورشة تهدف إلى تأسيس وتبنى عدداً من الخزافين، الذين سيكونون بإذن الله في المستقبل من الفنانين.معرض للكتاب في الأفنيوز
يحرص المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على نشر الثقافة والمعرفة في البلاد، بإقامة المهرجانات والأنشطة الثقافية المتنوعة ومن أهمها معارض الكتاب التي تتجه مباشرة إلى الجمهور وتضع الكلمة والمعرفة في متناوله. وانطلاقاً من حرص إدارة النشر والتوزيع في المجلس الوطني للثقافة على مفهوم "القراءة للجميع" نظمت معرضاً لإصدارات المجلس في مجمع "الأفنيوز" يضم كذلك إصدارات لكتّاب من الكويت، وذلك ضمن أنشطة الدورة ال24 من مهرجان القرين الثقافي.
ورشة الخزف تهدف إلى تأسيس وتبني عدد من الخزافين