أرجوحة: أيادي صباح الخير
ما هذه ردود الفعل التي آلمت وأحزنت جنبات الكويت؟! وهل هؤلاء ينتمون إلى فصيلة الدم الكويتية؟ أم أنهم ينتمون إلى عالم الكرتون والتفاهات؟ وربما كانوا دمىً تتحرك بدون وعي وإدراك في مدينة ديزني لاند، ولا أقول في مدينة العجائب فالمشهد الكويتي كان واضحاً وجلياً في القضايا العربية جميعها، بدءا بقضية فلسطين مرورا بلبنان، والصومال، والعراق، وسورية وأخيراً اليمن. نعم كان موقف الكويت واحداً في جميع تلك القضايا حتى مع العراق الذي سبب لها بعض الجراح الأليمة، تسامت الكويت عن تلك الجراح والآلام، وقالت حنيني لعروبتي، واشتياقي لأحبتي، واستمرارية لمنهجي، أنسى الماضي وأبني أجيالا قادمة يكون الاحترام والتقدير والترابط منهجها وديدنها، ثم يأتي لنا من هؤلاء الذين بدأت أصوات النشاز تعلو منهم لماذا "مؤتمر إعمار العراق"؟ ولماذا في فبراير بالذات؟ ولماذا نبني العراق؟ هل نسيتم؟ لا يا سيدي لم ولن ننسى ما جرى لنا في تلك الحقبة أبداً، بل نتوارثها جيلاً بعد جيل، وننقل تجارب التلاحم والتعاون والمحبة التي انتعشت فينا في تلك الفترة؛ لنذكّر من هو على شاكلتك الطيبة بأننا نعلم علم اليقين أن العراقي البسيط، العراقي الأصيل، العراقي الشهم كان وما زال وسيظل جريحا مثلنا، إنهم شعب "العراق الجريح" فهل نتركهم؟! يا حيف! أنا أعلم ما مدى وطنيتك، وأعلم ما مدى عمق الجرح الذي تعانيه، لأنني مثلك ما زلت أعاني فقدان الإخوان والأقارب والأصدقاء والأحبة والذكريات الجميلة معهم، والسبب ذلك الغزو اللعين الذي تسبب فيه حثالة العراق، أما رجاله الأوفياء فهم في حالة غزو منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي.
كل ما سبق كنت أتحدث إليك عزيزي القارئ عن شعور المواطن البسيط، لكن لماذا نسمع من عضو برلمان هذا النشاز "وقف المساعدات والإمدادات للشعب العراقي"؟ كيف طاوعه عقله وكيف اتبع نفسه وهواها؟ فهل أراد أن يأتي بالجديد أم أنه "لا حول له ولا قوة" ينفذ ما يطلب منه من رجل الشارع البسيط، أم أنه أراد اكتساب الشهرة حين يسير في هذا الاتجاه، فيكتب عنه الجميع، أم لا يدري أننا نكتب عن الحمقى كما نكتب عن العظماء، ونكشف عن البلهاء كما نمجد القادة والزعماء؟ أقول لكل من سوّلت له نفسه بالحديث عن قطع المساعدات للشعب العراقي: "يد صباح أبرك من يدك"، واعلموا أنكم لا تدركون أبعاد المواقف ولا تفهمون خطورة القضايا، وحتى هذا لا أجد لكم مبرراً فيه، فأين المروءة؟ وأين صلة القربى؟ وأين حقوق الجار، لكي تتحدثوا في منع الإغاثات والإمدادات عن الشعب العراقي الشقيق؟ أفيقوا يا سادة، أفيقوا، وتذكروا أيام الغزو الصدامي البعثي على الكويت، هل كان أحدٌ منا يقبل أن تطرح مثل هذه الاقتراحات بوقف التدخل والمساعدة والإمدادات للكويت من الدول العربية وغيرها؟ وهل كان أحدكم يقبل أن ترفض الشعوب الوقوف مع الحق الكويتي؟ لقد مررنا بالغزو وعرفنا قيمة الظلم بعده، فالشعب الكويتي مدركٌ تماماً للمبادئ والحقوق ولنصرة المظلومين ورفعة رايات الحق والعدل، وإغاثة المنكوبين والمتضررين من جرائم الطاغين المجرمين، نعم فما يتم في "العراق وسورية واليمن" يعلم الجميع أنه إبادة شعب وجرائم حرب، وهناك عبث دولي يريد أن يظل جاثماً على صدر الشعوب العربية الشقيقة ليقتل ويسرق وينتهك الأعراض، فأغيثوهم أغاثكم الله.أرجوحة قائد الإنسانية:لا شك أن الخير موجود والشر موجود، ليس هذا فقط، فلكل شيء نقيض، وهناك يد تصافحك ويد أخرى تصفعك، والأصدقاء ليسوا كلهم أصدقاء، وهناك يد تزرع الشجر والنخيل ويد أخرى تخلع كل ما هو جميل، ويد تبث روح التسامح وحب العيش وأخرى تنفخ في مزمار العنصرية بقسط التطفيش، فما نوعية يدك عزيزي القارئ؟ ربي يسلم أميرنا وولي عهده وشعبنا ووطننا من كل شر، وبارك لنا في أيادي قائد الإنسانية أيادي صباح الخير.