"الجار قبل الدار" مثَل دارج تعلمناه منذ صغرنا ورسخ في عقولنا، وبرأيي الشخصي أن المثل ينطبق على الذي أنعم الله عليه مالا وخيرا وفيرا، لأنه باستطاعته السؤال عن جيرانه قبل شراء الدار أو بنائها، لكن من رزقه الله بيتا حكوميا أو أرضا وقرضا فإنه لا يعلم عن جيرانه شيئاً "أنت وحظك".سبب هذه المقدمة هو موقف غريب عجيب سمعته من صديقي "بوأحمد" عن أحد الجيران، وإليكم الموقف:
"شاب أخذ أرضاً وقرضاً من وزارة الإسكان وبنى بيته، وعندما سكن فيه جاءه جاره وقال له: لا تسلم عليّ ولا أسلم عليك، ولا توقف سيارتك عند بيتي، ولا أنا أوقف سيارتي عند بيتك"! فانصدم الجار الجديد، وما رد عليه بأي كلمة من شدة الصدمة غير المتوقعة وهولها.والشيء بالشيء يذكر، فقد درسنا في كتاب التربية الإسلامية للصف الخامس الابتدائي، طبعة دار المعارف المصرية 1354هـ، 1964م قصة "الجار قبل الدار"، وإليكم القصة: "وقع رجل في دين، فأراد أن يبيع داره ليسدد دينه، فعاينها المشتري ثم قال: أتبيعها بألف دينار؟ قال صاحب الدار: الألف قليل، لقد عاينت الدار، ولكنك لم تعرف الجار، ولو عرفته لزدت الثمن، قال المشتري: إنني أشتري داراً وأرضا وحجراً وخشباً، فما شأن الجار في تقدير الثمن؟قال الرجل: أتحب أن تشتري داراً لا تجد فيها راحة من جارك، ولا معونة منه في ضيقك، ولا أمانة منه في جوارك، ولا مواساة في ملماتك ولا مشاركة في مسراتك؟ وكان جاره رجلاً من أهل الكرم والمروءة والخلق الطيب، فلما سمع بما جرى من حديث بين الجار والمشتري، قال في نفسه: لقد رفع الرجل قدري، وإذا تركته يبيع داره فإني أعتبر نفسي مقصراً في حق الجوار، ثم سأل عن دين جاره فأداه عنه، وقال له: إن جوارك أيها الجار العزيز أحب إلي من مالي. اطلع الله على مروءة هذا الجار الكريم فكتبه من أهل الجنة.الجار أيام زمان كان يسأل عن جاره ويتفقد أحواله، فإذا علم أنه ذهب إلى الغوص وكانت الفترة طويلة تمتد إلى أربعة أشهر، يقوم الجار بسؤال أهل جاره عن حاجتهم وأحوالهم ويلبي كل طلباتهم، امتثالاً وتطبيقاً لوصية حبيبنا وقدوتنا محمد، صلى الله عليه وسلم، بالجار.* اقرأ واتعظ:عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". (متفق عليه).
مقالات - اضافات
«الجار قبل الدار»
19-01-2018