«بنزين»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
الفيلم عُرض في مسابقة {المهر الطويل} بالدورة الأخيرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، في عرضه الأول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث نرى عائلة تنتمي إلى الجنوب التونسي، مكونة من الأب {سالم} (علي اليحياوي)، الذي يكسب رزقه من بيع {جراكن البنزين} لقائدي السيارات من عابري الطريق في إحدى المناطق النائية، وزوجته {حليمة} (سندس بلحسن)، التي تبدو قوية الإرادة، وهي تشد أزره ليواصل الصمود، ومواجهة محنة فقد الابن، وقبل هذا اقتفاء أثر المجرمين الذين أقنعوا ابنهما بركوب المجهول، في إيحاء من المخرجة التي كتبت السيناريو بضرورة تقصي الأسباب التي قادت إلى ما حدث بدلاً من البكاء على الأطلال! {بنزين} هو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجته، التي درست التصميم الغرافيكي في {المدرسة العليا للفنون الجميلة} في تونس العاصمة، وحازت شهادة الماجستير في الإخراج، وتُعد حالياً للحصول على الماجستير في المونتاج السينمائي، وسبق لها إنجاز عدد من الأفلام القصيرة، مثل: {الموعد} (2006)، {القاطرة الأخيرة} (2009)، و{111 شارع لاپوست} (2010)، وأظهرت التجربة قدرتها الواضحة على امتلاك أدواتها، كما فعلت في توظيف الموسيقى (عمر علولو) والتصوير (علي بن عبد الله)، والتمثيل (علي يحياوي، سندس بلحسن، جمال شندول والممثلة القديرة فاطمة بن سعيدان)، وأحسنت اختيار المكان الموحش (قرية المجني من ولاية قابس) كمكان لتصوير الأحداث، حيث أضفى قسوة على المشاعر، وزاد الشعور بغربة الوالدين، وجسد عمق المعاناة التي تواجه الأهل، نتيجة هجرة الأبناء، وهي الأوجاع التي نجحت المخرجة في تجسيدها بالصورة (الطبيعة الخشنة)، والانفعالات المكتومة (الغضب الذي اعتمل في النفوس)، ومعاناة المئات من العائلات التونسية التي فقدت الأبناء في عرض البحر، في وطن عجز عن توفير الأمان، والاستقرار، لرعاياه. في {بنزين} يلفت الممثل علي اليحياوي، الذي بدأ مسيرته في المسرح المدرسي، والتحق بالمركز الوطني للفنون الدرامية بقفصة ثم مدنين، وقدم أعمالا مسرحية لافتة، الأنظار من خلال تجربته الأولى، على صعيد السينما، بعدما وقع اختيار المخرجة سارة العبيدي عليه ليجسد شخصية الأب {سالم}، الذي فقد ابنه بفعل فاعل، جنباً إلى جنب مع مجموعة من الممثلين غير المحترفين من المنتمين إلى منطقة الجنوب الشرقي، التي تنحدر منها المخرجة (ابنة قابس)، التي تمردت على الشكل التقليدي للتناول السينمائي لظاهرة {الحرقة}، التي استمدت اسمها من قيام الشباب المهاجر بشكل غير شرعي بإحراق أوراق الهوية قبل الوصول إلى أرض المهجر، تحسباً للقبض عليهم وترحيلهم إلى أوطانهم، حيث يستحيل على السلطات ذلك بعد ضياع الأوراق الثبوتية، ومن خلال تعرضها للقضية الحيوية تُعري المخرجة عدداً من القضايا التونسية الراهنة، كقضايا الاقتصاد الموازي، وتهريب البشر، وحياة المهمشين في المناطق الحدودية التونسية. وكان الفيلم اختير للعرض ضمن مسابقة الفيلم الأول للمهرجان الدولي للفيلم الفرانكفوني ببلجيكا.