نُكمل اليوم استعراضنا لوثيقة المقيم البريطاني في الخليج الميجر كوكس، التي تعود إلى عام 1906، والتي خاطب فيها الشيخ مبارك الصباح. وأشرنا في المقالين السابقين إلى التعزية التي قدَّمها الميجر كوكس للشيخ مبارك، لوفاة اثنين من أبنائه، ثم لفتنا إلى وجود خلاف في وجهات النظر وجفاء في المعاملة بين الشيخ مبارك والمعتمد البريطاني في الكويت الكابتن ناكس.

واليوم نتحدث عن بقية الوثيقة، فيفيد كوكس الشيخ مبارك، بأنه سافر إلى الهند، والتقى هناك نائب الملك البريطاني حاكم الهند الجديد اللورد منتو، وتناولا في حديثهما التطورات في الخليج، وأنه أبدى سروره وإعجابه بالشيخ مبارك، ومتانة علاقته بالدولة البريطانية.

Ad

تقول الوثيقة: "الحال نرجع إلى مواد المتعلق لمسافرتنا إلى الهند، أننا أولاً توجهنا إلى شملا، وتشرفنا بملاقاة جناب جلالة الأجل الأكرم اللورد منتو، نايب السلطنة الجديد في الهند، الذي جناب المعزى إليه خاطبنا في خصوص أمور الخليج تفقداته المستحسنة من جناب المعظم إليه المنسوبة لجنابكم وعلاقته نسبتا بأموركم ونجاحكم فليست بأقل من سلفه جناب المحترم الأجل الأكرم الأفخم لورد كرزون صاحب".

وأبلغ كوكس الشيخ مبارك بوفاة زوجة اللورد كرزون، وشجعه على إرسال رسالة تعزية، "بهذه الأيام القلايل الماضية قد حلت بساحته (أي كرزون) داهية عظيمة، وهي فوت قرينته المعظمة ليدي كرزون، بعدما اعتراها مرض جريء، فيحتمل جنابكم تحبون ترسلون إليه التسلية بوسيلة كتاب أو إرسال طار أننا مطمئنين جناب المشار إليه يستحسن ذلك، فمتى جنابكم ترسلون ذلك فنحن نرسله إلى محل المقصود".

وينتقل كوكس إلى موضوع آخر يتعلق بالبحرين، فيقول إنه التقى في مومباي أحد شيوخ البحرين المُبعدين من الدولة الإنكليزية من البحرين إلى الهند، وأنه طلب مسامحته والعفو عنه، والسماح له بالعودة إلى البحرين.

تقول الوثيقة: "أيضاً في مراجعتنا من شملا توجهنا إلى مومباي لملاحظة بعض استيم لنج في ظل ذلك واجهنا الشيخ علي بن أحمد البحراني، وتخاطبنا معه المشار إليه كثير يلح أن يخلى سبيله للمراجعة إلى البحرين، فإذا جناب الشيخ عيسى بن علي يعطي تعهداً على المذكور من جهة سلوكه الحسنة أننا يحتمل أن نعطي تصويب إلى الدولة أن يتركوه يرجع إلى البحرين قبل إطالة المدة، بالحاضر أننا نظن أنه صح عقله ورجع إلى حسه ومجدداً ما يهيئ أسباب الزحمات".

وبعد ذلك طلب كوكس في رسالته من الشيخ مبارك إفادته بآخر المستجدات في الكويت، خصوصاً علاقته بنجد وبن رشيد، فقال: "فالمأمول أن تفيدونا أخبار طرفكم على أي منوال وأي نهج تكون الأمور في نجد، وكيف حالة روابطكم مع بن سعود وعايلة بن رشيد".

وفي خاتمة الوثيقة تمنى كوكس أن يكون اللقاء بين الشيخ مبارك والشيخ خزعل، أمير المحمرة، قد جرى بكل خير ومودة: "وفي الخاتمة نأمل أن مواجهة جنابكم مع صديقنا جناب الشيخ خزعل صار بطريق مستحسن وبكمال الاستيناس، ونرجو في حين مواجهة جنابكم إليه هو في كمال الصحة والعافية ومقرون السعادة والإقبال".

هذه كانت رسالة الميجر كوكس للشيخ مبارك عام 1906، تناولناها في ثلاث مقالات، وإن شاء الله نتناول رسالة الشيخ مبارك الجوابية في المقالات القادمة.