«قصائد مغناة» لمصطفى سعيد هزت المشاعر وأسرت الوجدان
قدم بمعية مجموعة أصيل أمسية مميزة في مركز جابر الأحمد الثقافي
أقام مركز جابر الأحمد الثقافي أمسية موسيقية بعنوان «القصيدة بين الإرث والمعاصرة»، للباحث في الموسيقى الفنان مصطفى سعيد، بمعية مجموعة أصيل.
منا مَن يبصر الدنيا بعينيه، فلا يرى منها إلا زينتها، وقلة يبصرون الحياة بقلوبهم، فيتجلى لهم جمال الكون، وتملأ قلوبهم السكينة، فتفيض أرواحهم بما يشجي الآذان، ويأسر المشاعر طربا، على وقع أنغام ترنو لها الأنفس، وتطرب بها الأرواح والقلوب.مصطفى سعيد أحد هؤلاء الذين اعتادوا نثر الأمل بأصواتهم، التي تحمل عبق الماضي، وتعيد بث الروح في التراث، وتطوير الموروث، نسج موسيقاه الخاصة بالعزف على أوتار القلوب، واستطاع أن يحجز لنفسه مكانا بارزا في المشهد الموسيقي.مصطفى حلَّ ضيفا على مركز جابر الأحمد الثقافي، في أمسية بعنوان «القصيدة بين الإرث والمعاصرة». قصائد مغناة قدمها في جزأين، بمعية مجموعة أصيل، في القاعة المستديرة، ضمن فعاليات الموسم الثقافي، وأمام حضور كبير توافد في الموعد المحدد، ليتابع كيف يقود سعيد مجموعته بانضباط وإبداع، ويحلِّق بالحضور إلى آفاق الرومانسية، ويبحر بهم إلى عوالم أخرى، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الموسيقى والغناء.
وتتكون مجموعة أصيل من: محمد عنتر، عبدالرضا قبيسي، مصطفى سعيد، علي الحوت، غسان سحاب، عماد حشيشو، سلوى خليل، فرح قدور، بلال بيطار، لما قاسم، رضا بيطار، فراس العنداري، ماريا ريهو، عازفين على 13 آلة.وفي الثامنة، اعتلى سعيد ومجموعة أصيل المسرح، وكل منهم يحتضن آلته، في مشهد يعكس مدى التناغم بينهما، في علاقة قائمة على الحب تنتج إبداعا. تلك المجموعة التي تجلس متجاورة على هيئة نصف دائرة يجمع بينهم شيء أقوى من الصداقة أو الزمالة في فرقة واحدة، إنه حب الموسيقى والانغماس في التراث، والسعي نحو التجديد، ولا أبلغ على ذلك من حضورهم اللافت في فعاليات عدة على مستوى الوطني العربي، فضلا عن تفاعل الجمهور معهم، سواء بترديد الأشعار، أو التغني بالألحان، ما يثبت نجاح سعيد وأصيل في دفع تلك الموسيقى الرصينة من غياهب العزلة إلى أفق أرحب، حيث تلقفها الجمهور بحب وتفاعل معها.
ذكاء الاختيار
وكان سعيد من الذكاء، بحيث مزج في برنامج الحفل، الذي وقع في جزأين بين مجموعة من الأعمال التي اشتهرت بها «أصيل»، ولاقت استحسان الجمهور بصوت وعزف سعيد نفسه، فتضمَّن الحفل شعر بن الفارض وعبدالله الشبراوي وغيرهما، وألحان للشيخ أبوالعلا محمد وسلامة حجازي وغيرهما، كذلك ألحان مرتجلة آنياً، وبُردة شعر تميم البرغوثي، ونغم مصطفى سعيد. بدأ الجزء الأول من الحفل مع وصلة في المستقيم «راست»، واشتملت على دولاب رست، وإنشاد قصيدة على الواحدة من أشعار عمر بن الفارق، ونغمها على طريقة الشيخ أبوالعلا محمد، برواية سيد النقشبندي. فيما تضمن وصلة «في السيكاه» على قائد «بشرف قره بطاك»، لحن خضر أغا الكماني، إلى جانب تقسيم على القانون، وإنشاد قصيدة مرسلة، ونغمها على طريقة الشيخ سلامة حجازي، برواية محمد عبدالوهاب.بعد ذلك، قدمت الفرقة صوت فديناك من ربع نظم أبوالطيب المتنبي، وألحان مصطفى سعيد عن طريقة السيكاه المدونة في كتاب صفي الدين عبدالمؤمن الأرموي البغدادي.أما الوصلة الثالثة في الجزء الأول، فتضمنت «في العشاق العربي»، وقدموا خلالها «مارش عباس» منسوب نغمه إلى محمد ذاكر بيه، إلى جانب إنشاد قصيدة على الواحدة هو الحب فاسلم من أشعار عمر بن الفارض.وفي الجزء الثاني من الحفل بدأ سعيد بمعية مجموعة أصيل بـ«بردة»، من أشعار تميم البرغوثي، وأنغام مصطفى سعيد، وهي واحدة من أشهر أعماله وأكثرها رواجا.عقب ذلك، يمضي الباحث الموسيقى مع مجموعته في برنامجه، ويقدم الدور الأول «مقدمة»، وتتضمن استهلالا آليا، نغم بياتي، ضرب واحدة كبيرة 4 نبضات، فنغم بياتي ضرب واحدة سريعة، ثم نغم بياتي ضرب سماعي، ونغم عراق بنجكاه.وانتقلت مجموعة أصيل إلى الدور الثاني «دوكاه»، ومنه إلى الدور الثالث «سيكاه»، ثم «الدور الرابع» جهاركاه، والدور الخامس «نواه». والدور الثالث في الختام تألف من نغم بياتي ضرب محر 14، بدأ بتقسم على العود.مجموعة أصيل
وأسس مصطفى سعيد مجموعة أصيل عام 2003، بهدف أداء موسيقى عربية جديدة معاصرة على مبدأ التطوير من الداخل، أي الاعتماد على التراث الموجود، ليس لإعادة أدائه أو نسخ القوالب أو الضروب، إنما لصنع الجديد مطوراً عنه.العديد من إنتاجات المجموعة مستمدة من أعمال شعرية، أدبية، تاريخية، وأبحاث موسيقية. تقترح «أصيل» منظارا جديدا فعليا للموسيقى العربية، وتوسِّع آفاق هذه الموسيقى على صعيد الآلات المختارة في العزف والأداء والعمل الجماعي والغناء والتجريب في الأصوات الآلية المباشرة والفكر الموسيقي.
قدم أمسيته في جزأين وتضمنت شعر ابن الفارض وعبدالله الشبراوي وغيرهما